محاضرة: " الإصلاح الديني في التجربة التاريخية الأوروبية" للدكتور محمد حبيدة
فئة: أنشطة سابقة
نظمت مؤسسة مؤمنون بلا حدود تنظيم محاضرة علمية تحت عنوان : " الإصلاح الديني في التجربة التاريخية الأوروبية" للدكتور محمد حبيدة / المغرب وذلك يوم السبت 15 أكتوبر 2016 عند الساعة الرابعة بعد الزوال بقاعة صالون جدل الثقافي التابع لمؤسسة مؤمنون بلا حدود تقاطع زنقة واد بهت و شارع فال ولد عمير- عمارة ب. أكدال الرباط –المغرب. أهمما جاء على لسان الدكتور محمد حبيدة. بأن الإصلاح الديني، أو ما يعرف بالبروتستانتية، والذي عرفته أوروبا الغربية خلال القرن السادس عشر، محطةٌ رئيسة في طريق أنسنة الديانة المسيحية وتنسيب الاعتقاد. ومعلوم أن حركة البروتستانتية كانت قد شكلت في مطلع الأزمنة الحديثة تغيرا من بين تغيرات كثيرة حصلت في نظام المجتمع (البورجوازية) ونمط الاقتصاد (الميركانتيلية) ونسق السياسة (الدولة القومية). وقد ارتبطت هذه التغيرات بدينامية ثقافية جديدة، هي الإنسانوية، التي نقلت الأوروبيين من هيمنة الجماعة إلى نزعة الفرد، من التسليم بالموروث إلى الحس النقدي، من السكون إلى المألوف إلى التجديد وتفجير طاقات الخلق والإبداع.
وما يثير الانتباه في تجربة الأوروبيين في مجال إصلاح الدين ثلاثة أمور رئيسة:
- إصلاح القرن السادس عشر هو ثمرة تراكم كبير في مسألة النظر إلى الدين المسيحي والدعوة إلى التعامل معه، ومع القائمين عليه، من البابا إلى الأسقف إلى الكاهن، تعاملا نقديا، وذلك منذ القرون الأخيرة من العصر الوسيط.
- انطلاق مراجعة الدين من داخل الدين. ومعنى ذلك أن جماعةً من الرهبان المستنيرين، من ذوي التكوين في اللاهوت والتاريخ والفلسفة، هم الذين قادوا عملية الإصلاح، كما هو الحال بالنسبة إلى جون هوس، ومارتن لوثر، وجون كالفن.
- إن إسقاط القداسة عن السلطة الدينية سهَّل عملية إسقاط القداسة عن السلطة السياسية، إذ بدأت هذه الأخيرة تأخذ طابعا دنيويا، مما ساعد في وقت لاحق على الدعوة إلى الفصل بين الدين والدولة، كما يظهر مع باروخ سبينوزا.
بطبيعة الحال، لم يمر هذا الإصلاح بنفس الطريقة في بلدان أوروبا الشمالية الغربية. فحسب خصوصيات هذه البلدان وسياقاتها السياسية، اتخذ الإصلاح الديني شكلا مذهبيا معينا، كما يتبين من خلال تجارب كل من ألمانيا وهولندا وإنجلترا. ومن جهة أخرى، رافقت هذا الإصلاح مآسٍ كثيرة وحروب مدمرة. وكلها قضايا ستأتي المحاضرة على تفصيل القول فيها.
في المحصلة، لم يكن الإصلاح الديني تصورا جديدا لممارسة الدين فقط، بل أفرز عقلية أخرى تسمح بحرية العقيدة، بالتعدد في الأفكار، ببلورة مواقف جديدة تجاه الواقع وحساسياته، أي تجاه الوجود المادي والأخلاق. وهذه التغيرات هي التي مهدت لعصر التنوير بتجلياته الفلسفية والأدبية والسياسية.