محاضرة الدكتور أحمد موسى بدوي "الدين والعلوم الاجتماعية في عصر الحداثة السائلة"
فئة: أنشطة سابقة
نظم مركز دال للأبحاث والإنتاج الإعلامي التابع لمؤسسة مؤمنون بلا حدود ندوة بعنوان: "الدين والعلوم الاجتماعية في عصر الحداثة السائلة"، حاضر فيها الدكتور أحمد موسى بدوي؛ وذلك بمقر الأبحاث بجاردن سيتي - القاهرة، مساء الخميس الموافق 3مارس 2016 ، وأدار تفاصيل اللقاء الباحث محمد عزت.
في البداية، أكد الدكتور أحمد موسى بدوي أن الدين كظاهرة، يتشابك ويتداخل في نسيج الأبنية الاجتماعية، ويتبدى في تفاصيل الحياة اليومية بشكل ملفت، وأحيانا مذهل. فما يزال الناس في رأيه مولعين بمعرفة المزيد عن عالم الغيب، ونشأة الكون، وأصل الإنسان، ومعاني الخير والشر. غير أن الانشغال الأخير بالدين، لدى بعض المفكرين وعلماء الاجتماع الغربيين، تجاوز مرحلة فهم وتفسير ظواهر التدين في العالم المعاصر، إلى محاولة الاستفادة من المعطيات الدينية في إعادة تعريف وبناء النظرية في العلوم الاجتماعية، وهو ما دفعهم إلى أمرين: الأول عدم قدرة النظرية الاجتماعية المعاصرة على فهم مشكلات العالم المعاصر، والثاني الأثر العميق الذي أحدثته الرأسمالية المتأخرة في تفكيك مظاهر الحياة الاجتماعية، في عصر الحداثة الذي يتسم بالسيولة كما وصفها زيجموند بومان.
وركزت المحاضرة على عرض ملامح الحياة الاجتماعية في عصر الحداثة السائلة، وأهم المشكلات التي تواجه العلوم الاجتماعية، وصولا إلى عرض أفكار فيلسوف العلم وعالم الاجتماع ستيف فولر، حول الاستفادة من الدين في بناء نظرية اجتماعية جديدة.
وقال بدوي: إذا كنا بصدد الحديث عن الحداثة السائلة، خاصة لدى عالم الاجتماع زيجموند بومان، فإن الأمر يستدعي التوقف قليلا عند مرحلة الحداثة الصلبة، التي فصلت الفرد عن جماعته التقليدية حتى تعيد دمجه في جماعة حديثة (الدولة الوطنية، النادي، الحزب، الطبقة الاجتماعية، النقابة، الجمعيات، إلخ). وارتبط اليقين في عصر الحداثة الصلبة بوجود تلك الجماعات الحديثة، ودورها في تشكيل الحياة الاجتماعية.
كما تطرق إلى فعل التطور العلمي والتكنولوجي، ونمو الفردانية، والتجدد المستمر في الرأسمالية العالمية، حيث تحولت المجتمعات إلى مرحلة الحداثة السائلة، وفيها، تصبح الجماعات الحديثة مصدرا للشك وليس لليقين؛ فالدولة بأمر النظام العالمي الجديد، تتخفف من أعبائها الاجتماعية، ورأس المال ينفصل عن العمل، وتتدفق الأفكار ورؤوس الأموال والبشر بسهولة وتنتقل بين كافة بقاع الأرض، وتتغير أشكال الحياة الأسرية، حتى العواطف الإنسانية تصيبها السيولة.
وأكد الضيف أن علماء الاجتماع لم يتمكنوا من تعقب هذه الظواهر السائلة، بالفهم والدراسة والتنظير، ما ألح بظهور اتجاه نقدي سوسيولوجي، بدأ مبكرا مع مدرسة فرانكفورت، وامتد ليشمل كلا من: أولرش بيك، آلان تورين، بيير بورديو، هبرماس، ومن قبلهم سيررايت ميلز، والفن جولدنر.
ومضى بعد ذلك، يعرض أهم المحطات النظرية عند هؤلاء، فذكر أن أفكار اولرش بيك تلخص حقيقة أن مفاهيم علم الاجتماع في عصر الحداثة السائلة، أصبحت zombie concepts ؛ فهي مفاهيم ميتة يعاد إنتاجها واستعمالها، رغم أنها لم تعد تنطبق على الواقع. ويذهب إلى علم الاجتماع في حاجة لإعادة تعريف إعادة تصور وإعادة بناء، وينهي مشروعه، بالدعوة إلى إعادة بناء النظرية في العلوم الاجتماعية، بالاستفادة من رافدين: الأول إعادة بعث الفكر الاشتراكي الإصلاحي (وليس الثوري). الذي يضع الإنسان ومعاناته في لب النظرية الاجتماعية، والثاني: الاستفادة من النظرة الدينية التوحيدية (اليهودية، المسيحية، الإسلام) للكون، فهذه النظرة تنطلق من مسلمة أن الإنسان كائن متفرد، وأن جميع البشر متساوون أمام الإله. ويرى أن اعتماد هذه النظرة التوحيدية إلى جانب الاشتراكية الإصلاحية، سوف تعيد الحياة إلى النظرية الاجتماعية، فضلا عن أن هذه الأفكار يمكن أن تحدث تغييرا على مستوى الواقع.
بعد ذلك، دار حوار على المنصة بين الضيف ومدير اللقاء، حيث تداخل معه الباحث محمد عزت في عديد من النقاط، رد عليها الضيف قبل أن يستمع إلى مداخلات الحضور، ويعقب عليها.
والدكتور أحمد موسى بدوي خبير بالمركز العربي للبحوث والدراسات بالقاهرة، وعضو لجنة علم الاجتماع والأنثربولوجيا بالمجلس الأعلى للثقافة، وهو باحث سوسيولوجي، حاصل على الماجستير في ميدان علم اجتماع الشباب من جامعة عين شمس، عام 2004، والدكتوراه في ميدان علم اجتماع المعرفة من جامعة بنها عام 2008.
له كتابان منشوران بمركز دراسات الوحدة العربية، الأول بعنوان: الأبعاد الاجتماعية لإنتاج واكتساب المعرفة العلمية حالة علم الاجتماع بالجامعات المصرية (2009)، والثاني بعنوان: تحولات الطبقة الوسطى في الوطن العربي (2013).
وشارك بفصل في ثلاثة كتب، مستقبل العلوم الاجتماعية في الوطن العربي (2014)، إصدار مركز دراسات الوحدة العربية، مستقبل الحركات الإسلامية في العالم العربي (2014)، إصدار المركز العربي للبحوث والدراسات بالقاهرة، الخرائط المعرفية للعالم المعاصر- بحث في سوسيولوجيا الثورة والتحول الديمقراطي(2015) إصدار المركز العربي للبحوث والدراسات بالقاهرة
شارك بأوراق بحثية في عدد من الندوات والمؤتمرات الدولية (مصر، ألمانيا، تركيا، الجزائر، المغرب) وله العديد من الدراسات المنشورة في المجلات العربية المتخصصة (إضافات، المستقبل العربي، الديمقراطية، أحوال مصرية، آفاق سياسية) تعكس في مجملها، اهتماما بدراسة سوسيولوجيا (المعرفة، الطبقة الاجتماعية، السياسة، الدين، الشباب).