ندوة: مستجدات البحث في فلسفة الدين، قراءة نقدية/مقارنة
فئة: أنشطة سابقة
نظمت مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، في تونس العاصمة، يوم فاتح مارس 2014 ندوة علمية في موضوع : "مستجدات البحث في فلسفة الدين، قراءة نقدية/مقارنة"؛ تنادى لحضورها نخبة من الباحثين المتخصصين في المجال .
وقد توزعت الندوة على ثلاث جلسات؛ تخصصت الأولى، في تناول أطروحات ثلاثة أقطاب مؤسسين لفلسفة الدين، فانتظمت المداخلات وفق صيرورة تاريخية، بدأت من اسبينوزا وكانط وانتهت بهابرماس؛ حيث تناول الدكتور صالح مصباح - المتخصص في فلسفة اسبينوزا - بتحليل عميق، تشكل الفكر الفلسفي الاسبينوزي، مستحضرا كتاب "رسالة في اللاهوت والسياسة"، ومتن "الأخلاق"، مبرزا دلالة الدين ومفهوم الألوهية في فلسفة اسبينوزا وعلاقتها بوحدة الوجود، مقارنا بين تباين التأويلات والقراءات التي تناولت بالدرس تلك الفلسفة.
وكانت المداخلة الثانية للدكتور فتحي المسكيني بعنوان: "كانط والإسلام" استحضر فيها المشروع الفلسفي الكانطي في تناوله للمسألة الدينية وعلاقة موقفه هذا بمنظوره الإبستيمولوجي النقدي لحدود العقل ومقولاته الترنسدنتالية. كما أشار إلى ندرة حضور الإسلام في المتن الكانطي، ولاحظ أنه في لحظات الحضور القليلة لا يستعمل كانط لفظ "إسلام"، بل يستعمل لفظ الديانة "المحمدية". ولكن رغم ندرة هذا الحضور، حاول د.المسكيني أن يتلمس معالم الموقف الكانطي من الإسلام، من خلال تركيز كانط على مفهومي الزكاة، وقدرة الإسلام على إسقاط القوى الدولية التي واجهها. كما انتقد د.المسكيني بعض التصورات الوهمية المتداولة حاليا في تحديد موقف كانط من الاسلام.
وكانت المداخلة الثالثة للدكتور عبد الله السيد ولد أباه مناسبة لعرض إحدى أهم الأطروحات الفلسفية المعاصرة التي درست المسألة الدينية، وهي أطروحة فيلسوف الحداثة يورغن هابرماس. وقد أوضح الدكتور ولد أباه معالم التحول الفلسفي المعاصر الذي أخذ يعطي للمسألة الدينية اهتماما أكبر، يدل على الشعور بأهمية دور الدين في المجال الثقافي والسياسي الراهن.
و قدم الدكتور قاسم شعيب في الجلسة الثانية، مداخلة بعنوان: "الدين المحرر والدين المخدر، فلسفة الدين في السياق الغربي : قراءة نقدية." أوضح فيها وجوب التمييز بين نوعين من الأديان؛ أديان تحرر الإنسان، وأخرى تستعبده. كما ركز على أهمية الإسلام بوصفه الوحي الذي سلم من التحريف على عكس الأديان السماوية الأخرى التي لم تبق في حالتها الأصلية.
وفي المداخلة الثانية الموسومة ب ("التعالي والمحايثة في مقاربة الشأن العقدي)، قدم الدكتور حمادي بن جاب الله تحليلا إبستميولوجيا لدلالة ومكانة المنهج، مستحضرا التحولات المعرفية التي شهدها البحث في المسألة المنهجية مع فياراباند ...منتقلا بعد ذلك إلى تناول المسألة الدينية، مقارنا بين التناول لها من منظور التعالي، وتناولها من منظور المحايثة.
وتم اختتام هذا اليوم العلمي المتميز بجلسة ثالثة داخل فيها المفكر المصري الدكتور حسن حنفي،في فلسفة الدين، حيث أكد على أهمية الدين في التشكيل النفسي للشعوب، وضرورة الرجوع إلى تجديد مناهج المعرفة الدينية، خاصة وأن العلوم التي تؤثر أكثر في وجدان الإنسان وسلوكه هي العلوم الدينية، غير أن الاعتناء بها وتجويد دراستها، اليوم، ضامر جدا.
وفي المداخلة الثانية ، قدم الأستاذ يونس قنديل الفلسفة الأنثروبولوجية كمدخل منهجي للتحول من الحاكمية إلى الحكمة الدينية، مؤكدا على وجوب التجديد في تناول المسألة الدينية من منظور عملي، بدل الإغراق في التجريد الذي انصرفت إليه التأملات المتفلسفة.
وقد أعقبت مداخلات الجلسات الثلاث، مناقشات ثرية مع الجمهور الحاضر، أبانت عن مدى الاهتمام بالمسألة الدينية في الفكر الفلسفي، واقتدار الباحثين والمهتمين من الحاضرين على تجاذب نقاش معرفي رصين.