ندوة "الإصلاح الديني والتغيير الثقافي.. نحو رؤية إنسانية"
فئة: أنشطة سابقة
ندوة "الإصلاح الديني والتغيير الثقافي.. نحو رؤية إنسانية"
احتضنت مدينة المحمدية المغربية طيلة ثلاثة أيام ندوة علمية تحت عنوان: "الإصلاح الديني والتغيير الثقافي.. نحو رؤية إنسانية"، ونظمتها مؤسسة "مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث". (من 18 إلى 20 أيار/ مايو 2012)، حيث تفرعت محاور هذا اللقاء العلمي على العناوين التالية:
1ــ المرجعية الإسلامية وعلاقتها بالدولة المدنية والديمقراطية ورهانات الإسلام السياسي؛ (وعرفت مشاركة الأسماء التالية، حسب الترتيب الذي جاء في البرنامج الرسمي: رجاء مكاوي، رشيد مقتدر، مولاي أحمد صابر، محمد الكوخي، عبد الله هداري، منتصر حمادة)
2 ــ رهانات الإصلاح الديني من الانغلاق والخصوصية نحو نزعة إنسانية منفتحة؛ (خالد حاجي، سعيد شبار، إبراهيم مشروح، ميادة كيالي، الحسن حما، عبد الله إدلكوس، عبد العزيز راجل)
3 ــ الإصلاح الديني في المغرب.. الواقع والإشكالات والمتطلبات؛ (نادية الشرقاوي، مصطفى تاج الدين، عبد الوافي مدفون، عبد العالي المتقي، يوسف بناصر، يوسف هريمة، مولاي محمد الإسماعيلي)
4 ــ وأخيرا، محور مصادر المعرفة الدينية.. مناهج وأدوات النقد والتجديد والمشاريع الفكرية. (محمد همام، نادية العروسي، هشام رشيد، يونس الوكيلي، عبد اللطيف طريب، إبراهيم أمهال، سعاد رجاد، محمد الطويل).
وتوقفت الأرضية التأطيرية للورشة عند مقتضيات سؤال الإصلاح الديني والتغيير الثقافي معتبرة أنه أصبح ضرورة واقعية أكثر من أي وقت مضى، بحكم أن التغيير السياسي بالضرورة أن يسبقه التغيير الثقافي والتغيير الثقافي بالضرورة أن يسبقه إصلاح وتجديد في التعاطي مع الدين وفقا لمقتضيات الواقع وروح العصر التي يحكمه السقف المعرفي الذي عليه الإنسانية اليوم؛ كما أشارت الورقة التأطيرية إلى أنه غالبا ما يطرح "التجديد" تحت ضغط حضاري إنساني لعبور الفجوة الماثلة بين الدين الإسلامي والثقافة العالمية الراهنة وأطرها الاجتماعية وقيمها المعرفية وآلياتها الدستورية والسياسية والاقتصادية؛ وغالبا أيضا ما يجنح بعض المجددين لمنطق المقاربات حيث يماثلون بين نص الشورى القرآني والديمقراطية كخير الدين التونسي غافلين عن تعارض المنظومتين الإسلامية والغربية ومرجعيتهما النسقية والمعرفية؛
وفي المقابل يجنح البعض إلى منطق المقارنات منطلقين من مثالية المبادئ المجترحة من الإسلام على نحو تميزه بعدالة إنسانية اجتماعية لا هي بالرأسمالية ولا الاشتراكية، وتقنين وضع الفرد في إطار الجماعة بمعزل عن ليبرالية الحقوق الفردية الغربية وتبعاتها الاجتماعية والأخلاقية السالبة، مضيفة أن الغاية المترتبة عن الإصلاح الديني هي كرامة الإنسان تعالى: ﴿ولقد كَرَّمْنَا بني آدم﴾ بإعلاء قيمته وشأنه، فهو سيد مصيره في هذه الحياة الدنيا، وهذا من شأنه أن يعيد تنظيم العلاقات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية... بشكل أقوى وأسلم تحضر معه المساواة والكرامة والحقوق والحرية في التفكير والاختيار، وهذا مطلب إنساني عام.
أشادت اللجنة المنظمة بجدية العديد من أعمال الباحثين المشاركين، وبعضهم كان مشاركا في أشغال اللقاء العلمي ، واعتبرت أن هذا المعطى يشفع من أجل تنظيم لقاءات علمية قادمة في الطريق.
ولعل أهم القواسم المشتركة للعديد من الباحثين المشاركين، الرهان على العمل البحثي النقدي، وهذا ما اتضح على الخصوص في ثنايا النقاشات التي تلت المحاضرات، وأيضا، أثناء النقاش الذي جرى في ثنايا الورشات الثلاث.
وكان اللقاء مناسبة لتوجيه سهام النقد لبعض التحديات التي تواجه نمط التدين في الساحة المغربية، ونخص بالذكر، ثنايا بعض المداخلات التي جاءت في الجلسة الثالثة (الإصلاح الديني في المغرب).
ولعل أهم خلاصات هذا اللقاء التذكير بأن الإنسان الحر والمسؤول هو الركيزة الأهم في أي طرح نهضوي، وأنه ما لم يتحصل على حقوقه الطبيعية فلا يمكن أن تحقق عمليات التنمية والنهضة أهدافها، وفي هذا السياق، اتخذت مسألة الإصلاح الديني أبعادا إنسانية ترقى فوق الإصلاحات الجزئية المعنية بإصلاح آليات الاجتهاد والتقنين والتفسير، لتتجه نحو تحييد جميع الاستلابات التي أعاقت قيامه بدوره الحضاري وكبلت عقله بقيود ثقافية واجتماعية وسياسية؛ والتذكير أيضا بأن غايات الإصلاح والمقاربات النقدية الدينية يجب أن تتساوق مع متطلبات واحتياجات الشعوب العربية، ولا تحصر نفسها في إطار الإصلاح السياسي وهي مشدودة لنسق ثقافي متشابه ما قبل وبعد الثورات التي قامت مطالبة بالحرية والكرامة والديمقراطية.