ندوة: "الجهاد في الإسلام: معترك التأويل والتوظيف"
فئة: أنشطة سابقة
انتظمت بمقر مؤمنون بلا حدود وجمعية الدّراسات الفكرية والاجتماعية بتونس العاصمة، على مدى يومي 1 و2 مايو الجاري، الندوة العلميّة الدوليّة "الجهاد في الإسلام: معترك التأويل والتوظيف" التي أشرف على إنجازها قسم الدراسات الدينية بالمؤسسة، وافتتحت أشغال الندوة بكلمة ترحيبية قدمها باسم مؤسسة مؤمنون للدراسات والأبحاث د. نادر الحمامي، وكلمة حول موضوع الندوة ومحاورها العامة، قدّمها باسم قسم الدراسات الدينية د. أنس الطريقي.
وانطلقت الندوة بمحاضرة افتتاحية منفردة ألقاها الأستاذ العميد الصادق بلعيد (تونس)، بعنوان:''الجهاد: مقاربة مقارنيّة''، وتمحورت حول صلة فكرة الجهاد بالدّين عموما وبالدين الإسلامي خصوصا، وقال إن ما يمكن أن يتبادر إلى ذهن الناس اليوم أن الجهاد إسلاميّ بالأساس، في حين أن الجهاد لا يمكن اعتباره خاصية من خائص الإسلام، واهتم بفتح نافذة على ما هو خارج الإسلام من ديانات أخرى، وقال إننا إذا نظرنا في تاريخ الأديان نظرة مقارنية سنتفطن إلى أن الديانات الآسيوية القديمة مثلا لم يرد فيها مفهوم الجهاد، وأن الديانات الوثنية في الجزيرة العربية قبل الإسلام كانت تساوي بين الأوثان في الحضور ولا يرفض عبدة وثن ما بقية الأوثان الأخرى، وخلص من ذلك إلى اعتبار أن الجهاد فكرة ومفهوما ليس مرتبطا بالدين في أساسه، واعتبر أن خاصية صراع الأديان التي تطورت إلى فكرة الجهاد ظهرت أساسا مع الأديان السماوية أو التوحيدية الثلاثة.
واستهلّت الجلسة العلميّة الأولى التي ترأسها د. بسّام الجمل، بمداخلة قدّمتها دة. زهيّة جويرو(تونس)، بعنوان ''مفهوم الجهاد في الإسلام: حدود الإلهي والبشري'' انطلقت فيها من افتراض أن مفهوم الجهاد في القرآن جمع بين بعدين رئيسين: بعد "الدخلنة" وقد بدا بفعله الجهاد حركة متجهة صوب الذات والضمير، حركة تهدف إلى "التطهّر" الذاتي من آثار السائد بعباداته الموسومة بالشرك والوثنية والتحريف، وبنظمه الاجتماعية والأخلاقية المتهمة بالنقص والفوضى وفقد الشرط الإنساني، حركة الذات في سعيها إلى إدراك مستوى من الانسجام مع ما تبشر به الرسالة الجديدة يضمن لها "الفوز". أما البعد الثاني، فهو بعد "أخرج" فيه الجهاد من حدود الذات ليصوّب نحو "آخر" ما فتئت ملامحه تتشكل فتتحول، هو جاهلي أو مشرك أو وثني أو كتابي محرِّف، فعل "تطهير" دعيت الجماعة الناشئة إليه حتى تردّ عنها كلَّ آخر قد يهدد وجودها وحتى تحفظ كيانها وهويتها الجديدة. والبعدان في النص القرآني حاضران حضورا لا يحكمه نظام بعينه؛ فهما لا يرتبطان ارتباطا صريحا بفترة دون أخرى من زمن الوحي ولا بسبب نزول واحد ولكن "التأويل" البشري تصرف، بواسطة مقولات بعينها أبرزها مقولات النسخ وتقديم عموم اللفظ على خصوص السبب... من أجل تغليب بعد بعينه وتحويل الجهاد إلى حرب مقدسة مفتوحة ومعلنة ضدّ كل مختلف. وعملت في مداخلتها على البرهنة على هذه الفرضية وبيان حدود صلاحيتها.
وقدّم بعد ذلك د. عبد الباسط قمّودي (تونس) مداخلة بعنوان: ''مفهوم الجهاد في النصّ الدينيّ (القرآن والسنّة): دراسة وصفيّة تحليليّة'' تنقّل فيها التنقّل بَيْن الأصول القرآنيّة لمفهوم الجهاد أو ما سمّاه الطرح القرآنيّ، ونبّه إلى تأويلاته الفقهيّة وأشار إلى بعض استعمالاته التاريخيّة المختلفة، ووقف عند صورة من صور إجرائه في الواقع التاريخي. وكانت الغاية من بعد كلّ ذلك، كشف البعد التأويلي الذي خضع له هذا المفهوم الذي دخل مسارات الأدلجة التي توجه حياة الفرد والجماعة، بعدما تعاضد النصّ القرآنيّ الذي أغرى بتعميمه والسنّة التي فصّلت عمومه ودققته، فأنتجا ما يلاحظ اليوم من إقبال على الجهاد وتوق إلى الموت من أجل نيل الوعود خاصّة، وقد تمثّل المسلم الجهاد على أنّه قسوة في قسوة قتلا وتقتيلا وتشدّدا، فتلاشى تعدّد الدلالات سواء لمعنى الجهاد أو في من يكون أو من يقوم به بتأثير من الفقيه أساسا، وتمّ السير انزياحا بالتعدّد نحو معنى واحد هو القتل بل التقتيل. واعتبر أن انتقال المسلمين من هوية شخصية ومجتمعية وبنية اجتماعية ما قبل إسلاميّة إلى ما بعد إسلاميّة كان انتقالا مؤلما، ولم يكن خطيا ولا بسلاسة، وأكّد أنّه لا يمكن للأيديولوجيا أو لصاحب الأيديولوجيا أو للمنتصر أيديولوجيّا في زمن ما ومكان ما، أن يقضي على المواقف المخالفة، وأن يسود أو يكون سيّدا دائما. كما قال إنّ المبالغة في فهم الجهاد والتّمادي فيه يؤثّران على الدين أولاّ وعلى الثّقافة ثانيا. وعرض تباين المواقف من الجهاد داخل "الأمة"، وأنّها عوض أن تنظر إلى الآخر ببساطة، ويتمّ قبوله واحترامه تمّت محاربته، وكان السّعي كلّ السّعي لوأد كلّ صلة يمكن أن تنعقد معه.
وانطلقت الجلسة العلميّة الثانية التي ترأّسها د. حمّادي ذويب، بمداخلة د. المنجي الأسود (تونس)، بعنوان: ''آية السيف في الابستيميّة القرآنيّة القديمة'' وعمل فيها على الكشف عن كيفية تعامل القدامى مع ما اصطلح على تسميته بآية/ آيات السيف (التوبة 9/5) في علوم القرآن من حيث محورية هذا النص في التأصيل لفعل الجهاد، وتصنيف الأطراف المعنية به استنادا إلى علاقاته التشابكية والتناصية مع نصوص قرآنية أخرى، ومن حيث علاقة هذا النص القرآني بأسباب النزول وبالقراءات وبالناسخ والمنسوخ، وما يطرحه ذلك التعامل من إشكالات وحلول لتلك الإشكالات ظهرت في فترات تاريخية مختلفة، ومازال حضورها متواصلا إلى اليوم. وتتبّع في مداخلته نص آية / آيات السيف تتبعا تاريخيا ومختلف ما أنتج من نصوص ثوان حول هذا النص المؤسّس. واعتبر أن من شأن ذلك التتبّع التاريخي أن يساعد على تخليص النص المؤسس من ترسبات تلك الذهنية المنتجة لمفهوم السيف الرمزي العابر للأزمنة، ثم إعادة تنزيله في بيئته الثقافية المنتجة له.
وقدّم بعد ذلك د. محمّد الرحموني (تونس) مداخلة بعنوان ''الجهاد بين سلميّة الخطاب القرآني وعنف الخطاب الفقهي: خلفيّات الانزياح وأبعاده'' اعتبر فيها الجهاد مفهوما غامضا ومحفوفا بكثير من اللبس، وقال إذا كان الفقهاء قد استبعدوا كل المصطلحات القرآنية الدالة على الحرب (حرب- قتال- غزو...) واحتفظوا بمصطلح الجهاد، وقالوا إنّه أعمّ من القتال، فإنهم حصروه رغم ذلك في معنى الحرب مما أوقعهم في تناقضات ومآزق بيّنة عصفت بمفهوم الجهاد نفسه وبمشروعيته التي بنوا عليها نظريتهم، ورأى أن الأمر لا يتعلق بغموض أو التباس بقدر ما يتعلق بمفهومين للجهاد تمّ الخلط بينهما لأسباب تاريخية بالأساس، مفهوم قرآني وآخر فقهي. ومن هذا المنطلق، فقد ركّز في مداخلته على الفصل بين هذين المفهومين وبيان أسباب انزياح الخطاب الفقهي الذي يدّعي الاستناد إلى القرآن في صياغة "النظرية العامة للجهاد".
ودارت الجلسة العلميّة الثالثة برئاسة د. نادر الحمّامي، وقدّم المداخلة الأولى فيها د. عزّ الدين العلاّم (المغرب)، بعنوان: ''من طوبى الجهاد إلى حقيقة الحرب'' وقد اعتبر أن ليس هناك، كلمة أكثر انتشارا مثل كلمة جهاد. كما لم يحدث لمصطلح إسلامي، أن كان موضوع تأويلات مختلفة، بل متعارضة، مثلما عرفه مصطلح الجهاد. وهي تأويلات تبدأ من أرقى مجالات الروح والحسّ الأخلاقي والصوفي، لتصل إلى أحطّ مستويات القتل والذبح المباح. وقال لا يعوز اليوم من يتحدّث باسم الجهاد، أن يجد نظريا في السند التراثي الفقهي ما يبرر به خطابه باسم القرآن والحديث، وما دونه العديد من الفقهاء. كما لن يعوزه أن يستند عمليا على ما يشهده الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي المعاش من مفارقات ونقائص. وعمل في المداخلة على بيان كيف انقلب "الجهاد" إلى "حرب"، تماما كما انقلبت "الخلافة" إلى "مُلك"، على حدّ تعبير ابن خلدون، وكيف صارت طوبى الجهاد مجرد حرب مثل سائر الحروب. ولاحظ تقابل العديد من الثنائيات المتعارضة (والمتساكنة في آن واحد): الخلافة والمُلك، القرآن والسلطان، الصحابة والحاشية، الشرع والسلطان، الدين والدنيا، والجهاد والحرب.
ثمّ أحيلت الكلمة إلى د. محمّد حمزة (تونس)، فقدّم مداخلة بعنوان: ''في الجهاد الافتراضي''، اهتم فيها بالخطاب الجهادي في الميديا ووسائل التواصل الحديثة والتقنيات الرقمية بشكل عام، واعتبر أن ظاهرة الجهاد مرتبطة بالممارسات التواصلية الحديثة، وما توفره الشبكات العالمية من إمكانيات مهمّة أضحت لها القدرة على صنع أنماط من التفاعل والانفعال، وقد ألمت بجميع جوانب حياة الانسان الثقافية والعقائدية والاجتماعية والاقتصادية والمعرفية... وولّدت من ثم تحوّلات كبيرة طالت الشأن الفردي والجماعي على حد السواء. ونزّل بذلك ظاهرة الجهاد في إطار المسار العولمي المتواصل، والذي يحمل سمات تواصلية منفتحة على كل المجالات الحياتية للإنسان. وعبّر محمد حمزة على احترازه من بعض الكتابات والآراء التي ترفع الحرج عن المسلم الحزين في القرن العشرين، هذا المسلم الذي يرى حقولا من الدم ترتكب باسم الإسلام، ويدفعها مشهد الأشلاء الآدمية اليوم بشكل أو بآخر إلى تبرئة الإسلام مما ينسب إليه من نظرية في العنف ومن شرعنة للقتل، وقال لا أريد أن أبرّئ النص وأتهم التاريخ، ولكنني أتصوّر أن هذه المعادلة هي معادلة تحمل معضلات عديدة من بينها أن الحركات الجهادية اليوم هي حركات قتالية كلّها تنطلق من الموروث الديني، سواء كان نصا قرآنيا أو منظومة فقهية أو أصولية، فيتحوّل النص في النهاية إلى سلاح للقتل.
واستهلّ اليوم الثاني من الندوة بالجلسة العلميّة الرابعة، التي ترأسها د. عزّ الدين العلاّم، وبدأت بمداخلة د. حمّادي ذويب (تونس)، بعنوان: ''الجهاد في فكر روّاد النهضة''، التي أشار فيها إلى أن الجهاد في الفكر الإسلامي القديم يمثل مبحثا مركزيا في علوم شتى كالفقه والتفسير والتصوف، وانطلق منه لرصد أهم ما يختص به مفهوم الجهاد في اللغة أولا، ثم في القرآن ثانيا، وانتقل بعد ذلك إلى المدونة الفقهية فاختبر مدى قرب مفهوم الجهاد فيها أو بعده من المفهوم القرآني. وركز مداخلته على فكر رواد عصر النهضة، وقال إن مفهوم الجهاد شهد منذ العصر الحديث نقلة نوعية يجدر التوقف عليها، فقد أخرج الجهاد من أبعاده الفقهية واستخدم بدلالته العامة التي لا تقتصر على القتال، وتركّز أساسا على جهاد الدفاع عن النفس وعن الدين وعن الوطن والأمة. واهتم من ثم بالأساس بمدونة الشيخ رشيد رضا متمثلة في تفسير المنار ومجلة المنار مع الانفتاح على مدونة الشيخ محمد عبده والشيخ محمد الطاهر ابن عاشور وعبد العزيز الثعالبي، لينظر في مدى انسجام رؤاهم ومواقفهم من الجهاد ومدى اتصال هذه المواقف بموقفهم النظري من الآخر غير المسلم، باعتبار أن هذا الموقف هو القاعدة الأساسية التي نهض عليها تغير الموقف من الجهاد.
وقدّم بعد ذلك د. مبارك حامدي (تونس) مداخلة بعنوان ''الجهاد في الإسلام بين التأويل والتوظيف الإيديولوجي في المقاربات القديمة والخطاب الجهاديّ المعاصر''، وقد نظر في مفهوم الجهاد في لحظتين حضاريّتين من الّتاريخ العربي الإسلامي: قديمة وحديثة. وعمل في مقاربة مفهوم الجهاد في اللحظة الأولى، على النّظر في ما خضع له من تأويلات لم تسلم دائما من استراتيجيات التّوظيف السّياسي-الإيديولوجيّ، وفي ما تمّ توسّله من آليات انتقاء وإقصاء وتمويه لاستبعاد تأويلات أخرى، سواء في سياق الصّراع بين المذاهب والفرق الإسلاميّة، أو في سبيل دعم السّلطة السّياسيّة القائمة في مواجهة أعداء الدّاخل والخارج. وتوقّف عند العوامل التي أتاحت ذلك التّوظيف. واتجه في اللحظة الثّانية إلى تقليب النّظر في ملابسات استدعاء بعض الحركات الإسلاميّة لمفهوم الجهاد في بعده العنيف المسلّح في السّياق المعاصر. وسعى إلى الكشف عن استراتيجيات هذا الاستدعاء كالانتقاء والاختزال وقياس الوقائع والأحداث المعاصرة على وقائع وأحداث قديمة، واستحضار معارك الماضي ومضامينه وفواعله في إطار سرديّات حديثة. وأشار إلى الحقيقة البشرية النسبيّة لجملة التّأويلات القديمة لمفهوم الجهاد. وعمل على الكشف عن حقيقة السّرديات الحديثة، وبيان أساليب التّلاعب بالمخيال الإسلاميّ كالحجب والتحويل والخداع... من أجل تغذية دورات العنف.
وقدّم ذ. عمّار بنحمّودة (تونس) مداخلة بعنوان: ''الجهاد في سبيل السلطة: "فقه الجهاد" أنموذجا'' عمل فيها على دراسة الصّلة بين المتخيّل الرمزيّ للجهاد، انطلاقا من تفكيك الآراء الفقهيّة التي تضمنها كتاب «فقه الجهاد» للقرضاوي وخلفياتها السّلطويّة المختفية وراء ظاهرها الدّيني. وأشار إلى أن أهمّية هذا المرجع تكمن في كونه لا يمثّل مجرّد مرجع فكريّ أو دينيّ يحضّ على الجهاد، وإنّما ينخرط في إطار مشروع سلطويّ له أصوله في تيّار الإسلام السياسيّ. فضلا عن كون هذا الكتاب يمثّل تتويجا لمسارات فكريّة أسّسها الإخوان المسلمون في مصر ومشروع إيديولوجيّ عرف بداياته مع فكر "المودودي"، ثمّ تطوّر ليبلغ صيغته التي توجد في مؤلّفات "القرضاوي" تتويجا لكلّ نظريّات الجهاد السّابقة. وقال إن هذا الكتاب ينزع نحو التأليف واستيعاب تيار فكريّ شهد تطوّرا كبيرا بعد انهيار الاتّحاد السّوفياتي، وبروز الجماعات الأصوليّة العنيفة. فعرف تحوّلات في تأويله للخطاب الدّيني وعلاقته بالواقع حاول من خلالها تطويع هذا الخطاب لمقتضيات الحداثة.
وانطلقت الجلسة العلميّة الخامسة والختامية التي ترأّسها د. أنس الطريقي، بمداخلة د. عبد اللّه جنّوف (تونس) بعنوان: ''الجهاد والمقاومة والثأر في الفكر الشيعي المعاصر'' التي أشار فيها إلى أن كتب الفقه تميّز بين الجهاد الدفاعيّ والجهاد الابتدائيّ. وقد استقرّت آراء أغلب علماء الاثني عشريّة على تحريم الجهاد الابتدائيّ إلى أن يخرج المعصوم (الإمام المهديّ). ثمّ ظهرت آراء تدعو إلى وجوبه أو تجويزه. وأثار الاختلاف في المسألة قضايا تتعلّق بالنيابة عن المهديّ، ومشروعيّة قتل الكافر غير المعتدي، وحرّيّة الاعتقاد، وتأويل نصوص القتال في القرآن وأحاديث النبيّ والأئمّة. وقال إن تلك المقاومة لئن لم تثر هذه القضايا، باعتبارها جهادا دفاعيّا يدفع عدوانا، فقد أثارت مسائل تتّصل بانتمائها الطائفيّ الذي يبدو خروجا عن شعاراتها الوطنيّة، وساهمت بانهماكها في مجاهدة شعوبها في تعميق الطائفيّة والتديّن الفِرَقيّ، وظلّ خطابها الدينيّ مؤسَّسا على المفاهيم الدينيّة التقليديّة.
ثم قدّم د. سهيل الحبيّب (تونس) مداخلة بعنوان: ''الجهاد في ما بعد تجربة "دارا لإسلام": في إمكانات إعادة تأويل الفكرة الجهادية في الإسلام'' اهتم فيها بمستقبل الفكرة الجهادية وبإمكانات إعادة تأويلها في الفكر الإسلامي خلال قادم السنوات والعقود، منطلقة من فرضية مفادها أن اللحظة الراهنة حبلى بالمتغّيرات التي تجعل من الصعب على فكرة الجهاد أن تبقى على دلالاتها ومتخّيلاتها الحالية في الفكر الإسلامي. وركّزت المداخلة على تحوّل فكرة "المجتمع الإسلامي" من طوبى إلى تاريخ. وأشار إلى أن مفهوم "المجتمع الإسلامي" يرتبط ارتباطا صميميا بمفهوم الجهاد في منظور الحركات الإسلامية المعاصرة، لا من حيث إنه يمثّل القاعدة التي يمكن أن تنطلق منها "الغزوات" فحسب، بل كذلك، من حيث إنه يمثّل البديل المتعيّن المتشوّف إلى تعميمه عبر الحراك الجهادي. وقال إن أهمية التجربة الداعشية بالخصوص تكمن في أنها حوّلت "المجتمع الإسلامي" من مجرّد نظري أو متخيّل إلى متعيّن عملي أو واقع مجسّد، أي حوّلت البديل الجهادي من طوبى إلى تاريخ مسربل بالدماء والوحشية.