ندوة: "سؤال الفنّ في الزَّمن العربي الرَّاهن"
فئة: أنشطة سابقة
نظَّمت مؤسّسة مؤمنون بلا حدود (المغرب) ندوة بعنوان: "سؤال الفن في الزَّمن العربي الرَّاهن"، بتاريخ 8-4-2017 في فضاء المؤسَّسة بالرباط (صالون جدل). وقد جاء اهتمام المؤسَّسة بموضوع الفنّ في إطار جهودها في تنشيط الحقل الثقافي المغربي، واحتفائها بالفنّ والإبداع. يُذكر أنَّ الندوة نسَّق أعمالها الدكتور التهامي الحراق، وأشرف عليها الدكتور صابر مولاي أحمد.
ومن بين ما ورد في جلسات الندوة ما أشار إليه الدكتور محمد آيت العميم، في مداخلة له بعنوان: "الأسس الرُّوحيَّة والجماليَّة للفنّ الإسلامي ورهاناتها"، بأنَّ الفن في جوهره لغة روحانيَّة عند جلّ الشعوب منذ فجر الزمان؛ وأحد كبار الفنانين المعاصرين، وهو رائد الفن التجريدي فاسيلي كاندنسكي، عمَّق هذه النظرة في كتابه: "الرّوحانيَّة في الفن". هذه الهويَّة تُعدُّ سنداً ودعامة لنهضة الفن، إن هي روعيت، وإن أهملت فقد يتقهقر ويزيغ عن رسالته، ويفقد رهانه الذي هو الالتزام بتذكّر الوجود الحق الذي عملت التقنية على نسيانه، كما نبَّه على ذلك حكيم الألمان مارتن هيدجر في كتابه المؤسّس "الوجود والزمن". هذا النهج في الفن الملتزم بالوجود الحق انعكس جليَّاً في الفن الإسلامي في جميع مستوياته وتنوُّع تجلياته؛ فالفنُّ الإسلامي، في بُعديه التجسيدي والتجريدي، لم يغادر الأساس الرُّوحي المستمدّ من الصورة التي رسمها القرآن للإنسان والوجود والعالم الآخر. وقد كان التوحيد هو الجوهر الذي انبثقت عنه عبقريَّة الفن الإسلامي في المنمنات والخط والعمارة.
وأشار الدكتور عبد الإله بن عرفة إلى كون الأدب مرتبطاً دوماً بالنظريَّة الأخلاقيَّة التقليديَّة. وقد عرف هذا النوع في كلَّ الآداب منذ القديم، إلا أنَّ الأزمنة الحديثة قد أوجدت منذ القرن التاسع عشر نوعاً جديداً من الالتزام الأدبي تبلور نتيجة ثلاثة عوامل، هي: استقلاليَّة الأدب، وظهور نموذج المثقف، وانطلاق الثورة الشيوعيَّة؛ وهو ما أدَّى إلى ظهور مسألة "الأدب الملتزم".
أمَّا مداخلة عبد الهادي السعيد فقد هدفت إلى استقراء بعض جوانب العلاقة المشتبكة والمتعدّدة الأبعاد بين الفن والعلم، من خلال لحظات ومحطات بعينها من تاريخ العلوم ومسيرة الفنون. إنَّ صرح أيَّة حضارة إنسانيَّة لا يمكن أن ينهض من دون الاستناد إلى العلم والفن، ممَّا يعني بمنطق هندسي ملموس أنَّ الأمر يتعلق في الأصل بنشاطين بشريين مختلفين منفصلين، وكونهما كذلك هو في الواقع ما يجعل الحوار أو التفاعل بينهما ذا معنى. سنسعى إلى رصد آثار التجاذبات الفعليَّة أو المفترضة بين العلم والفن، كما تجلت ـأو أحياناً كما توارت ـ في أعمال وسير الفنانين والعلماء. كما سنحاول قدر الإمكان الإنصات إلى بعض تأويلات تلك العلاقة المعقدة وتفسيراتها كما صدرت عن الباحثين والمتتبعين، وسنقتفي، إن أمكن، أصداء كلّ ذلك لدى الجمهور العريض.
وقد سلَّط الدكتور أحمد لطف الله الضوء على راهنيَّة النقد الفني في الوطن العربي وآفاقه الجماليَّة، أمَّا الدكتور إبراهيم بورشاشن فقد تحدث عن الشعر والمدينة، وتطرَّق الدكتور الحسين الشعبي إلى موضوع الكتابة المسرحيَّة اليوم...، والعودة إلى المعنى ورهان المغايرة، وتطرَّقت مداخلة الدكتور نبيل بنعبد الجليل لموضوع الموسيقى الكلاسيكيَّة تاريخياً من خلال نخبويتها واعتمادها "مبدأ الفن للفن"، أمَّا الدكتور محمد اشويكة فقد تناول إشكاليَّة السينما والتنوير في الثقافة العربيَّة.
كانت الندوة غنيَّة بالنقاش، وتميَّزت بحضور نُخبة من المتتبّعين والمهتمّين.