الإســـلام والعلمانيّة
فئة: المشاريع البحثية القادمة
بقدر ما تمثّل العلمنة معيار التحقيب المطلق للحداثة والمعاصرة (ابن تمسّك)، فإنّها شكّلت ومازالت تشكّل أبرز التحديّات المطروحة على المجتمعات الإسلاميّة الحديثة والمعاصرة الطامحة للمعاصرة. ومهما يحل للعظمة وأركون وزكريا قبله من تنصيص على ضرورتها الكونيّة تسوية للمرجعيّة الدينيّة بالمرجعيّات الأخرى في مجتمع يعترف بالتعدّد (العظمة)، وموقفا للروح وهي تناضل من أجل امتلاك الحقيقة أو التوصّل إليها (أركون)، وضرورة حضارية لا غنى عنها للمسلمين (زكريا)، فإنّها ما زالت في الذهنيّة الإسلاميّة تستبعد بحجّة كونها مطلبا زائفا يسبقه مطلب العقل والديمقراطيّة (الجابري)، أو تصوّرا مرفوضا لنطاق عمل الذات الإلهيّة (عمارة)، بل نبتا غربيّا كافرا هادما للدين والدنيا (البهيّ، الجنديّ، القرضاوي).
وفي الوقت الذي تتزامن فيه المطالبة بالدولة الديمقراطيّة في الفضاء الإسلامي، مع التذكير بتلازم الديمقراطيّة والعلمنة، وما تشهد العلمنة نفسها من مراجعات عدّة تكسر قوالبها الصلبة المعهودة (م. ميلو) وتعريفات جديدة في موطن نشأتها من جهة مدلولها براديغما حضاريّا تحويليّا أو تذويبيّا للقداسة (ج. ك. مونو)، أو استئنافيّا للدين في قلب الحداثة ضدّ دعوى نزع السحر عن العالم (ش. تايلور)، يبقى السؤال حول علاقة الإسلام بالعلمانيّة من أبرز الأسئلة التي يتعيّن التفكير فيها بصفة متجدّدة. ومن هذه الزاوية نطرحها على التداول العلميّ بحسب المحاور التالية أو ما يقترب منها.
- العلمانيّة ومراجعاتها في الفضاءين القاري (الأوروبيّ) والأنجلوسكسوني (الأمريكيّ)
تبعا لتقرير تايلور ببطلان دعوى نزع السحر عن العالم، تعريفا للعلمنة الحديثة، وإقراره أنّ العلمنة ما بعد الحديثة تعني وضعا جديدا للاعتقاد سمته الإنسانويّة المطلقة، وفسح إمكانيّات تديّن غير مؤسّسيّة، تمتدّ من الأرثوذوكسية إلى الإلحاد (في كتابه العصر العلماني (2007))، كيف يمكن أن يتفاعل الإسلام المتصوّر مع هذا التوسيع لإمكانيّات الاعتقاد، كيف يمكن أن تحدث النقلة من الإسلام الواحد، إلى الإسلام المتعدّد؟
- العلمانيّة واللاّئكيّة
تقول الكنديّة ميشلين ميلو إنّ اللائكيّة تقوم على مبادئ ثلاثة؛ هي فصل المؤسسة السياسيّة عن المؤسسة الدينية وحياد الدولة في المجال الدينيّ، وحرية الضمير والمعتقد، والمساواة بين المواطنين بقطع النظر عن معتقداتهم. وهي "تدخل فصلا بين الميدان السياسي والدين في التعديل العام للمجتمع وخاصة في السياق التعدّديّ" (اللائكية، ص31) بينما العلمانية، فهي تعني عندها الفقدان التدريجي الذي يعرفه الدين لنجاعته الاجتماعية والثقافية بوصفه إطارا معياريّا موجها للممارسات وللحياة الأخلاقية لعموم المجتمع (ص29). فالعلمانية معناها أشمل من هذا البعد السياسي، وإن كانت تحويه، فلها حسب العظمة بعد معرفي يتمثّل في تسوية المرجعية الدينية بالمرجعيات الأخرى، وبعد أخلاقي يصبح فيه الوازع هو الضمير، لا الخوف من عذاب الآخرة، وبعد مؤسّساتي تصبح فيه المؤسسة الدينية مؤسسة خاصة.
حسب هذا التوصيف كيف يمكن أن نصنّف الإسلام؟ هل هو دين علماني، أم لائكيّ، أم إنّه لا هذا ولا ذاك؟ وهل يقبل الإسلام أن يكون لائكيّا أو علمانيّا؟
- العلمانيّة والدين/ القداسة
في ظلّ تأكيد تحليلات ما بعد الحداثة أنّ الدين لم يزل من الفضاء الذهني والاجتماعيّ (ج. سومرفيلد، ج. كلود مونو، ش. تايلور)، ورفض دعاة استئناف مشروع الحداثة قطع الذات الإنسانيّة عن ارتباطاتها الدينيّة (هابرماس)، هل يمكن الحديث بعد هذه الاستعادة لوجود الدين في قلب العلمانيّة عن توافق بين الإسلام والعلمانيّة، أو تعايش بينهما؟ بأيّ معنى يمكن أن تكون العلمانيّة حاضنة للإسلام، أو يكون الإسلام حاضنا للعلمانيّة؟
- العلمانيّة والدولة/ السياسة
من الخصائص الأساسيّة للدولة بوصفها شكلا حديثا للسلطة أنّها دولة علمانيّة. ومن الأبعاد الكبرى للعلمانيّة استقلال الدولة والسياسة عن الاعتبارات الدينيّة من جهة الرؤية الموجّهة للمشروع المجتمعيّ، ومن جهة مصدر الشرعيّة، ومن جهة الوظيفة، فكيف تكون دولة المجتمعات ذات الأغلبيّة المسلمة علمانيّة؟ بأيّ معنى للإسلام قد تكون علمانيّة؟ كيف يكون الإسلام أحد مصادر الرؤية الموجّهة للمشروع المجتمعيّ، وأحد مصادر شرعيّتها في دولة لمجتمع ذي أغلبيّة مسلمة؟
- العلمانيّة والقانون/ الشريعة
يمثّل القانون الوضعيّ التعبير الأقصى عن علمنة الوجود السياسيّ في الدولة الحديثة. وقبل أن تظهر الدعوات الحديثة والمعاصرة إلى تطبيق الشريعة، فإنّ القانون الوضعيّ ذا المصادر المتعدّدة، ولاسيما الأعراف، وحقّ السلطان أو الأمير، واجتهادات القضاة في تاريخ الدولة الإسلاميّة، سار جنبا إلى جنب مع فتاوى الفقهاء، وقسّمت السياسة إلى سياسة شرعيّة على مقتضى نصوص الشرع، وسياسة عقليّة على مقتضى العقل لا تقلّ عنها في القيمة، كما تصف ذلك خلاصة ابن الأزرق بدائع السلك في طبائع الملك (ق9هـ)، فهل يمثّل تاريخ التشريع الإسلاميّ شكلا من العلمنة القانونيّة؟ كيف يمكن الحكم على تاريخ التشريع الإسلاميّ قياسا إلى العلمنة؟
- العلمانيّة والديمقراطيّة
للديمقراطيّة بالتعريف أبعاد تكوينيّة متعدّدة، فهي نظام للحكم يقوم على المشاركة العامّة في السلطة، الذي يستوعبه مفهوما العقد، والمواطنة، وهي نظام اجتماعيّ وقيميّ يعترف بالفرديّة والاختلاف وتعدّد موطن القيمة. فهل يحتاج تأسيس الديمقراطيّة في المجتمعات المسلمة تأسيسا للعلمانيّة؟ بأيّ معنى يفهم الإسلام في هذه الحالة؟ وهل يمكن تأسيس ديمقراطية إسلاميّة دون علمنة أو قبل تحقق شروطها؟
- العلمانيّة والتعايش
يمثّل مفهوم التعايش الأساس الأوّل لما يعرف عند نقّاد الحداثة ودعاة استئناف المشروع الحديث وتصحيح مساره، ولاسيما هابرماس بالعلمانيّة التوافقيّة. تعني هذه العبارة أن يصبح المجال السياسيّ فضاء للاعتراف بالجميع، ضامنا لتواجدهم بحقوقهم في اختلافهم. فأيّة علاقة للإسلام بمفهوم التعايش؟ هل في الإسلام ما يؤسّس لحق الاختلاف بوصفه حقّا أصليّا، لا فضلا ومنّة يتكرّم بها مالك الحقيقة على فاقدها؟
- العلمانيّة والمعرفة
من مدلولات العلمانيّة أنّها تعبير عن انتقال إبستمولوجيّ من نمط للمعرفة المعيار التي تكون فيها الحقيقة كامنة في جهة ما، إلى نمط يقول بأنّ الحقيقة مسار دون نهاية، هو انتقال من مرحلة العقل التفسيريّ إلى مرحلة العقل التأويليّ بعبارة غرايش، أو مرحلة الإنسان الباحث عن الحقيقة بعبارة أركون؛ هي تنسيبيّة في غير فوضويّة، وريبيّة مانعة لتوقّف المعنى. هل يقبل الإسلام هذا التصوّر للمعرفة؟ هل هو حامل لإمكانات تأويليّة تسمح له بتأطير هذا التحوّل المعرفيّ؟
شروط الكتابة:
يراعى في كتابة البحوث وتقييمها أربعة مستويات أساسيَّة، هي: الأفكار، والمقاربة، والمنهج، واللّغة.
الأفكار:
الجدَّة والطرافة والإضافة المعرفيَّة.
عنوان البحث وعناوينه الفرعيَّة تمثّل علامات دالّة على محتواه، وليست تسميات تختار اعتباطيَّاً.
وضوح الاستشكال في بداية البحث، والاستنتاجات التأليفيَّة في نهايته.
استيفاء التفاصيل والأفكار الفرعيَّة.
وضوح التفاصيل والفروع (أي الأفكار الفرعيَّة).
المقاربة:
مقاربة علميَّة ذات مرجعيَّة تخصُّصيَّة تتفادى التأويل البسيط دون مرجع تخصُّصيّ.
مقاربة علميَّة تتوخَّى الحياد العلمي، وتتفادى العبارات التمجيديَّة أو القدحيَّة.
مقاربة نقديَّة تأويليَّة تقييميَّة: حضور الحسّ النقدي والشخصيَّة النقديَّة للمؤلّف.
توخّي المنهج التحليليّ، أو التفكيكيّ، أو التأليفيّ، وتفادي طريقة العرض الوصفيّ للأفكار.
المنهج:
البناء العام للبحث يتكوَّن من:
عنوان للبحث، يليه ملخَّص تنفيذيّ بأهدافه، ونوع المقاربة، والخطّة المتَّبعة في الإنجاز، فضلاً عن تعيين الكلمات المفتاحيَّة.
مقدّمة البحث تختتم حتماً بتحديد الاستشكال المطروح بدقّة.
جوهر البحث يتضمَّن حتماً الإجابة عن أسئلة الاستشكال.
خاتمة البحث تتضمَّن ضرورة حصيلة استنتاجاته.
ضرورة نقل الشواهد النصيَّة من المصادر والمراجع نقلاً دقيقاً، فضلاً عن توثيقها في الهوامش توثيقاً تامَّاً.
إنجاز لائحة مرتَّبة للمصادر والمراجع الواردة في البحث توضع في آخره.
الترابط بين أفكار البحث في مستوى العلاقة بين فقراته، وفي مستوى التدرُّج بين الجمل.
اللّغة:
السلامة في الرَّسم (ننصُّ على تفادي إهمال رسم الهمزة القطعيَّة والتضعيف في مواضعه من الكلمات)، والتعبير، ومراعاة قواعد اللّغة من صرف واشتقاق ونحو وتركيب.
الوضوح: تفادي التعقيد، والإلغاز، والصيغ الاشتقاقيَّة الحرَّة.
الحرص على مراعاة شروط التوزيع الطوبوغرافي للنصّ، ومراعاة التنقيط.
ملاحظة: حجم البحث يتراوح ما بين 5000 و8000 كلمة.
الجدول الزمني لإنجاز الكتاب الجماعي:
آخر أجل لقبول ملخّصات البحوث |
20 مارس 2020 |
آخر أجل لإعلام أصحاب الملخّصات المقبولة فقط |
20 أبريل 2020 |
آخر أجل للتّوصّل بالبحوث في صيغتها النّهائيّة |
10 غشت 2020 |
آخر أجل لإعلام أصحاب البحوث المقبولة نهائيّا |
30 سبتمبر 2020 |
ترسل استمارة المشاركة إلى البريد الإلكتروني التالي: