تقديم كتاب "كلمات نيتشه الأساسية ضمن القراءة الهيدغرية" لفوزية ضيف الله
فئة: أنشطة سابقة
افتتحت مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث أنشطتها العلمية في تونس بلقاء تناول بالدرس إصدار الأستاذة فوزية ضيف الله "كلمات نيتشه الأساسية ضمن القراءة الهيدغرية"، أداره الأستاذ نادر الحمامي، وقدم خلاله الأستاذ محمد بن ساسي قراءة في الكتاب.
وأشار الأستاذ نادر الحمامي، في لقاء السبت 07 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 الذي التأم بفضاء دار المعلمين العليا، إلى الأهمية التي توليها المؤسسة للإنسان المفكر المدرك الواعي بوصفه قيمة. وذكر أن اللقاء يتنزل في إطار السؤال عن البديهي في فلسفة "نيتشه" من خلال دراسة خمس كلمات تضمنها الكتاب.
ونوه الأستاذ بن ساسي بالمجهود الذي تبذله الأستاذة فوزية ضيف الله في تحصيلها العلمي، مشيراً إلى أن الكتاب في الأصل هو بحث أكاديمي تقدمت به الأستاذة ضيف الله لنيل شهادة الدكتوراه في الفلسفة. وذكر بعض الملاحظات الشكلية المتعلقة بضرورة التدقيق اللغوي للكتب بوصفها "وجهاً من وجوه الجامعة التونسية"، ولا بد من العناية به وإخراجه في أكمل صورة.
وقال الأستاذ بن ساسي، إن الكتاب يتناول بالدرس علمين بارزين هما "نيتشه" و"هيدغر"، ويبحث في سبل تجاوز ابتذال كلمات "نيتشه" التي صارت من البديهيات للارتقاء بها إلى مستوى الإشكاليات والمفاهيم الكبرى: "إرادة الاقتدار"؛ و"العود الأبدي للهو هو"؛ و"العدمية"؛ و"الإنسان الأرقى"؛ و"العدل أو قلب القيم".
وعلى الرغم من محاولة "نيتشه" هدم الأنساق المعرفية إلا أنه، في نظر الأستاذ بن ساسي قد كتب بطريقة نسقية، وكل ما فعله "هيدغر" أنه حاول تتبع هذا النسق، وتساءل إن كانت الأستاذة قد نضدت كلمات "نيتشه" مثلما فعل هيدغر، رغم احترازها على "سالومي" التي قدمت "نيتشه"؟ وتوجه الأستاذ بن ساسي إلى الأستاذة فوزية بجملة من الأسئلة، منها سبب اختيارها لعبارة "كلمة" دون عبارة "لفظ" مشيراً إلى الفرق بينهما.
وذكر الأستاذ بن ساسي أن الأستاذة حاولت من خلال تناول "نيتشه" عن طريق "هيدغر" أن تبرئ "نيتشه" من تهمة "المنظّر" للنازية كما يذهب إلى ذلك "ياسبرز"، وتبرئ "هيدغر" من تهمة "العمالة" للنظام النازي، واعتباره "كلب حراسة" للنازية، واستفسر عن حقيقة نيتها في التبرئة.
من جهتها، نوهت الأستاذة فوزية ضيف الله بمجهودات مؤسسة "مؤمنون بلا حدود" للدراسات والأبحاث في مساعدة الباحثين خصوصاً الشبان منهم، وتمكينهم من نشر بحوثهم وتأطيرهم والإحاطة بهم. وذكرت أن ظروف طباعة الكتاب كانت عاجلة، وأن فصلاً كاملاً قد حذف من الكتاب بسبب ضخامته.
واعتبرت الباحثة أن "نيتشه" بوصفه فكراً وفلسفة ليس مرتبطاً بزمان أو بمكان؛ لأنه معاصر للأبد، وذلك أحد الأسباب التي جعلتها تهتم به من زاوية نظر هيدغرية طارحة سؤالاً رئيساً: "هل ثمة ما يمكن أن يفيض عن هيدغر؟" أو بمعنى آخر: "هل تمكن هيدغر من الإمساك بنيتشه بالنظر إلى إعجابه به؟".
ورأت الباحثة أن "هيدغر" قصد "الكلمات الأساسية"؛ لأنها متواترة في كامل المتن النيتشوي. وإن كان "نيتشه" نفسه يحارب محاصرته ضمن نسق قائلاً: "إنني أحذر من كل الأنساق وأتحاشاها، ولكن النسق الذي تحاشيته قد يكون مختفياً في هذا الكتاب"، لذلك وجد هيدغر في كتاباته ما هو نسقي، لأن أعماله المتخلفة قد طالها التحريف، حسب الباحثة، ولا هروب لنا من فكرة النسق، لأن الفكر الفلسفي في حاجة إلى النظام دون أن نلوم تأويلات الآخرين التي تختلف حسب التوجهات الفكرية والزوايا التي ينظر من خلالها كل فيلسوف أو مفكر أو باحث إلى فكر "نيتشه".
أما فيما يخص اختيار عبارة "الكلمة" في ترجمتها، فقد بينت أنها، رغم تواتر الترجمات القائلة بالنظرية والمذهب واللفظ، فإنها اختارت عبارة "الكلمة" لأن "الكلمة" جامعة بين "هيدغر" و"نيتشه" الذي كتب قصيدة بالعنوان نفسه: "الكلمة"، الممتلئة بما هو شعري وما هو رمزي، وأنها بإضافة "الأساسية" قد قيدت ما هو شعري بما هو أساسي.
كما عقبت الباحثة على قضية النازية واتهام كل من هيدغر ونيتشه بها، مؤكدة أنها وصمة في فكر "هيدغر"، وهي فكرة ساهم في انتشارها "هابرماس" وغيره ممن اعتمدوا على خطاب الجامعة ورئاسته للجامعة الألمانية. رغم أن الأثر الهيدغري لا يبرر انتماءه للنازية فلسفياً. ودعت إلى قراءة هيدغر من جهة الفلسفة لا من جهة السياسة.
واختتم اللقاء بنقاش تمت خلاله إثارة جملة من القضايا المتعلقة بالكتاب أهمها السر في تبويب الكتاب ما إذا كان ذلك جمعاً بين النسقية والفوضوية أم هو مجرد اختيار من قبل الباحثة لا أكثر، واعتماد التبويب الذي اتبعه "هيدغر"، وأسباب حصر فلسفة "نيتشه" في خمس كلمات بعينها.