مؤمنون بلا حدود تعزز حضورها الأكاديمي بتدشين كرسي دراسات الحضارة الإسلامية في غرناطة
فئة: أنشطة سابقة
أعلن في غرناطة عن افتتاح "كرسي دراسات الحضارة الإسلامية وتجديد الفكر الديني"، في حفل علمي شهد حضور شخصيات من عالم الفكر والثقافة والبحث العلمي من إسبانيا والعالم العربي، إلى جانب كل من رئيس الوزراء الإسباني السابق خوصي لويس ثاباتيرو، والدكتور فرانسيسكو لودييرو، رئيس جامعة غرناطة، والأستاذ يونس قنديل، رئيس مجلس أمناء مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، والدكتورة إينماكولادا ماريرو، الأمينة التنفيذية للمؤسسة الأوروبية العربية، وتيريزا خيمينيس بلشيس، نائبة رئيس برلمان الأندلس، والدكتور محمد محجوب من تونس، وعمداء كل من كلية الفلسفة والآداب وكلية العلوم السياسية والاجتماعية وكلية علوم التربية وكلية الترجمة وكلية علوم الإعلام والاتصال وكلية الحقوق في جامعة غرناطة، ومديرو المعاهد والكراسي العلمية ومسؤولو فرق البحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية في الجامعة، إضافة إلى عشرات الباحثين وشخصيات تنتمي إلى المؤسسات الثقافية والأكاديمية.
وقد افتتح الحفل يوم أمس بكلمة لرئيس جامعة غرناطة، أكد فيها أهمية إنشاء "كرسي دراسات الحضارة الإسلامية وتجديد الفكر الديني"، لافتاً إلى أن الجامعة تعقد عليه آمالا كبيرة في ربط الصلة بين المفكرين والأساتذة والباحثين والطلبة من الجامعات العربية والأوروبية لمدّ جسور التعاون العلمي ودراسة السبل الكفيلة بجعل الدين مؤسسا للتسامح والتعايش وليس عنصرا للتفرقة والتصادم مشيراً إلى أهمية اشتغال الكرسي على التعريف بالحضارة الإسلامية ودورها في تاريخ الأندلس وإسبانيا، ومؤكداً أن الكرسي يهدف إلى المساهمة في ترسيخ قيم وشروط التعاون والتضامن والتعايش السلمي بين الشعوب في إطار التنوع الديني والتعدد الثقافي من خلال الحوار الديني والتجديد الفكري والدراسات العلمية الكفيلة بتجاوز أزمة الجهل بالآخر والتأسيس لتعارف مؤسس على المعرفة.
أما رئيس الوزراء الإسباني السابق خوصي لويس ثاباتيرو، التي استأثرت محاضرته باهتمام كبير، فقد اعتبر أن "كرسي دراسات الحضارة الإسلامية وتجديد الفكر الديني "فرصة ثمينة لفتح آفاق جديدة أمام مبادرة تحالف الحضارات التي اقترحها على المجتمع الدولي وتبنتها الأمم المتحدة.
وفي هذا السياق، قال ثاباتيرو إن المعرفة والثقافة قوة ناعمة ضرورية في عالمنا المعاصر، لتغيير الصور النمطية وترسيخ قيم السلم والتعايش، منوها إلى أن غرناطة قامت على مر تاريخها بدور جوهري في التفاعل الخلاق بين أتباع الأديان والثقافات، ومذكرا بآلاف الكلمات الإسبانية المشتقة من اللغة العربية، ومن بين قاله في هذا الصدد: "كان للثقافة الإسلامية ألقها وازدهارها، ونحن منتوج لها بشكل أو بآخر، فكثير من القيم الإنسانية التي تحث على التعايش ورثناها من الثقافة الإسلامية، ومن المهم أن يأتي كرسي دراسات الحضارة الإسلامية ليرسخ ثقافة السلم والتعايش وليجدد هذا التفكير وهذا التواصل والتلاقي في مسار التلاقح بين الثقافتين الإسلامية والغربية".
رئيس الوزراء الإسباني السابق خوصي لويس ثاباتيرو: "كرسي دراسات الحضارة الإسلامية وتجديد الفكر الديني"فرصة ثمينة لفتح آفاق جديدة أمام مبادرة تحالف الحضارات التي اقترحها على المجتمع الدولي وتبنتها الأمم المتحدة..
وختم ثاباتيرو محاضرته بالتأكيد على أهمية الإقرار بالتعددية الدينية والثقافية بوصفهما مصدري غنى، وبضرورة احترام الأديان والمعتقدات باعتبار ذلك مطلبا إنساني، داعيا إلى إنشاء "مجلس للأديان من أجل السلم"في إطار الأمم المتحدة، تكون مهمته نزع الشرعية عن كل عنف باسم الدين، من خلال إبراز القيم المشتركة بين الأديان، معتبرا أن التطرّف لا دين له وأن السلم يرتبط ارتباطا وثيقا بالدِّين، ومشددا على أن التطرّف الديني يمكن مواجهته من خلال الدين نفسه، وذلك عبر إبراز القيم الدينية السامية التي توسع مساحات المشترك الإنساني وتعزز التقارب بين الشعوب والثقافات، وهنا، يضيف ثاباتيرو، تكمن الحاجة إلى "كرسي دراسات الحضارة الإسلامية وتجديد الفكر الديني".
من جانبه، قال الأستاذ يونس قنديل، رئيس مجلس أمناء مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، الشريك الأساسي في رعاية الكرسي، إن إنشاء الكرسي مبادرة مهمة تنهل من معين العلم والاعتدال والوسطية والتلاقح الثقافي، ولذلك ينبغي استثمارها في بناء التعايش والتسامح والاعتراف بمشروعية الاختلاف واستثماره في ترسيخ قيم التعدد الثقافي، وتغيير الصور النمطية المتبادلة بين الشعوب والثقافات، مشيرا إلى فضل الشرق في التأسيس للفكر الأوروبي والفلسفة الأوروبية، ومؤكدا أن الإسلام جزء من أوروبا بحكم تاريخه وموروثه وبحكم الواقع، مشددا على أن انفتاح الإسلام على العصر يجعله حاضنة وخزانا روحيا يوجه الإنسان نحو السلم والمحبة والتعايش مع الآخرين.
وأكد الأستاذ قنديل أن السلم قيمة سامية كفيلة بتحقيق الاعتراف المشترك من أجل إشعاع حقيقي يواجه نزعتي التطرّف والإسلاموفوبيا اللتين تغذي كل منهما الأخرى، داعيا إلى تبني مقاربات تنأى عن أطروحات الصدام بين الثقافات وتجعل المعرفة والحوار والتواصل مفاتيح للتعاون من أجل إيجاد حلول مشتركة لمشاكل العالم المشتركة بعيدا عن الثنائيات الصراعية الحدية، مشيراً إلى رمزية غرناطة والأندلس في هذا الإطار، باعتبار دورهما التاريخي في إبداع أحد أرقى نماذج التعايش الديني والتلاقح الثقافي بين الثقافتين الإسلامية والغربية.
أما الدكتورة إنماكولادا مارّيرو، الأمينة التنفيذية للمؤسسة الأوروبية العربية للدراسات العليا، فقد أشارت إلى أن المؤسسة، بصفتها الجهة المحتضنة للكرسي، وباعتبارها منبرا للحوار والتعاون العلمي بين ضفتيْ المتوسط ستسعى مع شركائها إلى جعل هذا الكرسي العلمي فضاء لإحداث شبكات موضوعاتية للمفكرين والخبراء والباحثين ذوي الصيت العالمي من الجامعات العربية والأوروبية والأمريكية، إسهاماً من "كرسي دراسات الحضارة الإسلامية وتجديد الفكر الديني" في خلق وسائل فاعلة للتحاور والتحليل الموضوعيين من خلال البحث العلمي والتعليم ونشر المعارف ونقل التجارب الناجحة، من خلال صياغة برنامج للدراسات العليا في مجال الحوار الديني والتواصل الحضاري، موجه إلى الطلبة الباحثين من أوروبا والعالم العربي، تفعيلاً لدور الجامعات ومعاهد الدراسات العليا في إنتاج المعرفة وترويجها بما يكفل تعزيز السلم والتعايش والحوار والاعتدال بين أتباع الأديان والثقافات، وتقوية الحضور الأكاديمي في مناقشة الموضوعات العلمية والفكرية في الفضاءين العربي والأوروبي.
يونس قنديل، رئيس مجلس أمناء مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث: إنشاء الكرسي مبادرة مهمة تنهل من معين العلم والاعتدال والوسطية والتلاقح الثقافي، ولذلك ينبغي استثمارها في بناء التعايش والتسامح والاعتراف بمشروعية الاختلاف واستثماره في ترسيخ قيم التعدد الثقافي.
ويهدف "كرسي غرناطة لدراسات الحضارة الإسلامية وتجديد الفكر الديني "إلى إبراز القيم السامية للحضارة الإسلامية والتعريف بإسهاماتها في مسيرة الحضارة الإنسانية، كما يضع العمل على تجديد الفكر الديني ضمن أهدافه العلمية، فضلا عن التعريف بالتاريخ المشترك والقيم المشتركة بين الثقافتين الإسلامية والغربية تعزيزاً لقيم السلام والعدل والاعتدال والوسطية والتعايش والتسامح والتواصل بين أتباع الأديان والثقافات على أساس الاحترام المتبادل وتعزيز المشترك الإنساني.
جدير بالذكر أن عمل الكرسي سينصبّ على مجالات البحث العلمي والتعليم العالي والتكوين الأكاديمي، إذ سيشتغل على تبادل المعارف والخبرات والتجارب الناجحة، وكذا على الترجمة من العربية إلى اللغات الأوروبية، ومن اللغات الأوروبية إلى اللغة العربية، فضلا عن عقد مؤتمرات دولية وندوات علمية ولقاءات أكاديمية رفيعة المستوى بين الباحثين والخبراء والمختصين، ودورات تدريبية وسمينارات أكاديمية وحلقات علمية وماستر في مجال الدراسات الإسلامية والتواصل الحضاري، إضافة إلى إعداد ونشر وترجمة كتب ودراسات علمية، وإيفاد بعثات علمية وتنظيم إقامات أكاديمية للباحثين في مجالات اختصاص الكرسي.
(الصورة بعدسة أنطونيو نابارو)