محاضرة علمية حول موضوع: "تأويليات الحداثة" للدكتور محمد محجوب
فئة: أنشطة سابقة
نظمت مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث بالتنسيق مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة شعيب الدكالي مدينة الجديدة- المغرب. محاضرة علمية حول موضوع: "تأويليات الحداثة" للدكتور محمد محجوب من تونس؛ وذلك يوم الجمعة 06 ماي 2016 عند الساعة 10 صباحا بقاعة الندوات بنفس الكلية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ألقى المفكر العربي محمد محجوب في رحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة شعيب الدكالي بالجديدة محاضرة بعنوان:" تأويليات الحـداثة الحيلة إلى الحداثة" .
استهلّ الدكتور محمد محجوب بممهداتٍ نظريةٍ وفكرية تطوي مقُوله الفلسفي وبياناتهِ الاستدلالية على ذلك؛ إذْ اعتبر أنّه غير معني في هذا المعرض بتاريخ التأويلية في العصور الحديثة، دافعاً بفكرهِ إلى النظر في الإمكان التأويلي للحداثة وفق أمرينِ أو معنيينْ هما:1- الحيلة إلى...ذاتْ معنى التحول والصيرورة.2 -والحيلة للأمر بمعنى تدبير إمكانه ولواحقه: المكر والخبث والمرواغة؛ فكلاهما مستحكمان في واقع الفكر الفلسفي العربي الوسيط والمعاصر من خلال نموذجين:
-نموذجُ الحيلة إلى الحداثة: طريق التأسيس الذاتياني للإنسان
-نموذجُ تدبير الحداثة، وهو الحيلة للحداثة.
ثُم بعد ذلك، انتقل محمد محجوب تبعاً وعطفاً على ماسلف، إلى رصد تأملين معتبرين هما: التأمل الأول(في الحداثة وسرديات النفس) والتأمل الثاني(حول مفهوم تعقلي للفلسفة)؛ فالتأمل الأول هو تعبير عن رؤية فلسفية فائقة للدكتور، حيث استطاع بقوة توصيف دقيق للقول في الحداثة...فمن القوم من يعتبر أن الحداثة مجالات: سياسية وعلمية وفلسفية وكأنها" محل لفعل لا يسأل"، وهو الأمر الذي يدعو إلى ضرورة الاستعانة بالإنسانيات المعنية بالحداثة...بل الأكثر من ذلك صار د. محمد محجوب ينظر في معيار القول بالإنسانية ووحدتها الروحية حسب هوسرل. فالحداثة هي الإحالة على معيار الذاتية أو التأسيس الفلسفي للحداثة المستمد من العقل، حتى بدتْ هذه الإنسانية الأوروبية قوة كمال فطرية، وتعبر عن تطور وجودي مثالي. وينتج عن هذا، أنّ القول في الحداثة لا يخرج عن إمكانين هما:
1-إعادة عرض تأويلي لسرديات الحداثة الأوروبية
2-سردية ثانية من جنس آخر، هو ابتداع.
كما قام د. محمد محجوب بالنظر في منطلقات وبنيات السردية الثانية المحكومة بآلية التقليد والاستذكار وبناء الأقاصيص وتأويلية فكرة الوحي، ثم استشكل المحاضر الأمر كالتالي:
ماذا لو أننا جعلنا الحيلة إلى الحداثة بناء أشكال الحضور إلى النفس؟ كيف نجعل من درس الحداثة درس الحضور إلى النفس؟
أما التأمل الثاني، فقد تمكن المفكر محمد محجوب من بيان قدرة الفارابي الهائلة في نقل العاقل/التعقل من المعنى العامي إلى المعنى الفلسفي أو بالأحرى إلى دائرة مفهوميته الفلسفية. فالتعقلي هو التبصر بالعواقب. وهو في شرح هايدغر التروي ،الحوار الذاتي الذي يديره المتروّي يتعلق بالإنسان الذي يروي ثم يختار لا بالحيلة لصناعة منتج ما!
فالتروّي ما يؤدي إلى الحياة الخيرة وثانيا إلى الفعل الطيب غايته عن ذاته.
وبهذا اعتبر د.محجوب أنّ كتاب الحروف للفارابي هو نموذج لمفهوم التعقلي للفلسفة، وهي خاصية غير مسبوقة في الفلسفة العربية.ولعل الفيلسوف لا يكون متفلسفاً، وإنما متعقلاً من حيث إنّ هذا الأخير دافعاً إلى /نحو التفلسف كإيثار لتحصيل السعادة. وقد ترجم الفارابي هذا التفلسف التعقلي في معرض كلامه عن لفظ الموجود ومعانيه المختلفة لتحقيق شرط التفلسف حدوثاً في إنسانية لم تكن لها فلسفة، ولكن يمكن أنْ يصير إنسانية متفلسفة.
كما تحدث محمد محجوب عن الترجمة التي هي نقل اللفظ إلى المعنى عن طريق تعقل المعنى، والترجمة هي التي تستقرئ المعاني العامة، لتنقلَ أسماءها فلسفياً. فأنْ نترجم، حسب المفكر محجوب، فليس ذلك تروّيا صناعيا إلاّ عند من اتخذ التفلسف صناعة ممهونة واعتقد توهماً تكرارية الطرائق والمناهج، فأنْ نترجم هو أنْ نتفلسف ونتعقل التفلسف كل مرة، وتخليص المعنى من التقليد والاتباع؛ إذ إنّ تجديد المعنى لا اللفظ هو دليل على الزمانية الذاتية في فعل الترجمة. من ثمة يكون الاستعداد التأويلي لضيافة الغريب لا إقامة له بيننا، بل إقامة لنا قربه. وبعد كل الاعتبارات المتقدمة، ختمَ المفكر محمد محجوب محاضرتهُ بأنَّ تأويل المفهوم التعقلي للفلسفة هو المعول عليه إلى الحيلة إلى الحداثة وإلى الحيلة للحداثة في آن أي تدبير انتقالنا عن طريق حيلنا التعقل أي «الرؤية من أجل الخير».