مسامرة فكرية إحياءً لأربعينية فقيد النقد الأدبي الأستاذ توفيق بكار
فئة: أنشطة سابقة
احتضن مقر مؤمنون بلا حدود وجمعية الدّراسات الفكرية والاجتماعية الأربعاء 7 يونيو الجاري، مسامرة فكرية إحياءً لأربعينية فقيد النقد الأدبي الأستاذ توفيق بكار، بمشاركة كل من الأساتذة فاروق العمراني والعادل خضر وشكري بوزيري، وأدار اللقاء الأستاذ نادر الحمامي.
والأستاذ توفيق بكار (1927 - 24 أبريل 2017) هو ناقد أدبي تونسي وأستاذ جامعي في اللغة العربية، ويعد عمودا من أعمدة الجامعة التونسية، وقد اشتهر بأسلوبه الحديث في التحليل والنقد والتقديم للرواية التونسية والعربية. من مؤلّفاته "شعريات عربية" و "قصصيّات عربيّة"، وترجمة رواية "مولد النسيان" لمحمود المسعدي إلى اللغة الفرنسية، تحت عنوان (La Genèse de l'oubli)، وتقديم كتب سلسلة "عيون المعاصرة" عن دار الجنوب...
وقد تناول المتدخّلون تباعا سيرة الرّاحل، وثمّنوا جهوده في مجال النقد الأدبي، ولم يغفلوا عن مسيرة حياته وعلاقاته التي تمر من بوابة التدريس بالجامعة، ما أكسبه حظوة كبيرة لدى أغلب من تعلموا عليه المناهج الحديثة في النقد الأبي وألهمهم قربهم منه السير على خطاه، فاهتمّوا بما اهتم به، مما كان له أثره في تقبّل المناهج الحديثة للنقد الأدبي في الجامعة التونسية.
وأشار الأستاذ نادر بداية إلى جملة من الملاحظات التي تتعلّق بإحياء أربعينية توفيق بكار، ومن بينها ما اعتبره نوعا من الوصيّة التي خلّفها الرّاحل في إحدى مداخلاته حول الجامعة ''الجامعة أوّلا''، وقال إن شخصيّة بكار تتوفّر على جوانب عديدة مغمورة ممّا لا يعرفه النّاس، وهو الجانب النّضالي والاهتمام بالقضيّة الوطنيّة، وأن علاقة الرّاحل بالمعرفة كانت مرتبطة بالبهجة وحب الحياة.
واهتم الأستاذ فاروق العمراني بالجانب الأكاديمي والإنساني في شخصيّة الرّاحل، ملقيا الضّوء على فترات من تكوينه العلمي في جامعة السّوربون، وتوجّهه البحثي بإشراف أستاذه ريجيس بلاشير، واطّلاعه على المناهج الحديثة، وقال إنّه كوّن نفسه بنفسه ووهب حياته وكامل جهده للتّدريس ولطلبته، فهو المثقّف الماركسي المتعمّق في الثّقافة الفرنسيّة، وقد ساعده ذلك على صقل أفكاره وفق أحدث المناهج وأثّر في إكساب شخصيته القوة والصّرامة، في صهر المعارف الحديثة وحسن توظيفها في سياق الأدب التّونسي والعربي، ممّا جعل له بصمة واضحة في مجال النّقد الأدبي اعترف له بها كبار نقاد الأدب في المشرق.
وتناول الأستاذ العادل خضر الكلمة، فاعتبر أن تأثير الرّاحل في أجيال بكاملها ممن تتلمذوا عليه سيبقى راسخا ومثمرا، وقال عندما نتحدّث عن اسم بكار فإنّنا نتحدث عن النّصوص التي كتبها طيلة سنوات وأخرجها بتوقيعه، وقال إنّه فنّان وقد أضفى على تلك النّصوص الكثير من روحه وقد صبغها بمنهجه الخاص، وعمد من ثم إلى تصنيف كتابات بكّار وتبويبها وفق مجالات اهتمامه، ومنها نصوص حول الرّواية والقَصص، ونصوص حول الشّعر والإبداع، ومقالات حول فن الرّسم، وشروح وتقديمات، واعتبر أن توفيق بكار كان مولعا بكتابة نصوص قصيرة في شكل مقالات ولم يكتب نصّا طويلا، واعتبر أن هذا التوجّه كان اختيارا ومنهجا سلكه الرّاحل لإثبات أفكاره.
وختم الأستاذ شكري بوزيري المداخلات بشهادة عن قرب، فقد لازم الرّاحل في آخر حياته ودوّن ما كان يمليه عليه من نصوص، وعرض بشيء من الذّاتية والانبهار ما كانت تتميز به شخصية الرّاحل من عمق ودقّة علميّة في البحث، ما جعله لا ينقطع عن التفكير والتأمّل والاهتمام بالأدب والمناهج إلى آخر أيامه، وقد أثمر ذلك الجهد المتواصل جمع نصوص قديمة حول الأدب التّونسي لا يعرف الكثيرون نسبتها إلى أصحابها؛ ومنها نصوص نثرية قصصية وإبداعات شعرية لأدباء تونسيين، اهتم بكّار بجمعها طوال مسيرته الحياتية.