مفهوم تطبيق الشريعة في فكر دعاة الإسلام السياسيّ؛ تحليل ونقد
فئة: المشاريع البحثية السابقة
تعدّ مقولة "تطبيق الشريعة" أبرز المقولات التأسيسيّة الأساسيّة عند دعاة الإسلام السياسي؛ هي تأسيسيّة، لأنّها تمثّل جوهر المشروع النظريّ الذي بنيت عليه حركة الإسلام السياسيّ منذ بداياتها مع قادتها الإيديولوجيين الأوائل، حسن البنّا وأبو الأعلى المودودي وسيّد قطب، وصولاً إلى تعبيراتها الوطنيّة الخصوصيّة في فكر يوسف القرضاوي، وحسن الترابي، وعبد السلام ياسين، وراشد الغنّوشي، وفتحي يكن، وغيرهم.
وهي مقولة أساسيّة، لأنّها ليست مجرّد استجابة نظريّة للمكوّن القانوني الضروري لكلّ بناء دولتي، إنّما هي تتجاوز ذلك، لتعبّر عن تأويل ميتافيزيقي كامل للوجود ومنزلة الإنسان فيه، إذ تتّصل مقولة الشريعة في تصوّرهم النظريّ بالمقولة السياسيّة الأمّ، وهي الخلافة، لتكوّن إلى جانبها نظريّتهم في الحقّ الدولتي، في الوقت الذي تشرح فيه الخلافة نظريّتهم في السلطة الدولتيّة، ولكنّهما معاً تمثّلان التطبيق السياسي للحاكميّة تصوّرًا للوجود.
على هذا النحو، يقرأ مفهوم تطبيق الشريعة عندهم بوصفه منطقة التقاطع بين تصوّرهم للوجود ورؤيتهم للكون التي عبّروا عنها بمفهوم الحاكميّة، وتصوّرهم للدولة أداة سياسيّة لتنفيذها واقعيّاً، في شبه استرجاع - ولكن تأصيل عقائديّ من نوع خاصّ- لمفهوم الخلافة الإسلاميّ، كما عرّفه ابن خلدون، حملاً للكافّة على مقتضى النظر الشرعيّ في مصالحهم الأخرويّة والدنيويّة الرّاجعة إليها، إذ أحوال الدنيا ترجع كلّها عند الشارع إلى اعتبارها بمصالح الآخرة. وعليه أيضاً، يتأسّس استمرار حركات الإسلام السياسي بمختلف تلويناتها، منشدًّا إلى تنظيريْ حسن البنّا، وسيّد قطب.
وإضافة إلى التحدّي الراهن الذي تطرحه هذه الدعوة على المجتمعات والدول العربيّة والإسلاميّة في فترة ما بعد الثورات العربيّة، فإنّها استمرار لإشكاليّة التشريع الإسلاميّ الممتدّة في تاريخه إلى عهود الخلافة الأولى، بمختلف ارتباطاتها بحركة المجتمعات الإسلامية، وصراع شتّى الأطراف الاجتماعيّة على السلطة، وبحدود الفهم الميتافيزيقي للإسلام، وصعوبات ربطه بوقائع الحياة المتحوّلة. فيبدو من هذه الزاوية، أنّها تكرار للّحظات الفارقة في تاريخنا العربيّ الإسلاميّ التي احتاجت إلى تجديد الفهم للعلاقة بين العقل والوحي، وتذكير بسؤالها الذي لم يحسم بعد، منذ الحوار الأوّل حول الحكم في سقيفة بني ساعدة، ومنذ تشكّل المذاهب الفقهيّة الكبرى الأربعة التي ختمت الأدوار التشريعيّة الأربعة الأساسيّة لتاريخ الفقه الإسلاميّ، وصولاً إلى الصراع اللاّهوتيّ، ولكن الفقهيّ بين ابن رشد والغزالي، فإلى الحركة الإصلاحيّة الحديثة مع جيل الطهطاوي وخير الدين، ومن تلاهم من تلامذة عبده في اتّجاهيهما المتنافرين. في جميع هذه الأطوار، كما في الطور الحالي، تستمرّ إشكاليّة التشريع عندنا تابعة لمشكلة أعمق هي مشكلة العلاقة بين العقل والنقل، مذكّرة بالاحتباس الأساسيّ الذي تمثّله لدينا.
ولذلك، فإنّه في الوقت الذي يتواجه فيه، في العالم المعاصر، موقفان معرفيّان عامّان حول إدارة الحياة، يصاغان في تصوّرين رئيسيّين حول علاقة الدينيّ والسياسيّ والواقع، ويتغذّيان على الحداثة تأييداً ونقداً، تصبح قضيّة تطبيق الشريعة عندنا في قلب المواجهة بين دعوات الاندراج في منوال حضاري جديد يحقّق للسياسي وللحياة استقلالهما عن كلّ ما عداهما، والاحتجاجات المعارضة لها بعواقب علمنة نازعة للسّحر عن العالم، تهدده باختراق السياسي المدنّس لكلّ قطاعات الحياة، وإفراغها من المعنى.
إنّ أهمّية التشريع في حياة المجتمعات الإنسانيّة، فضلاً عن ذلك، لا تنحصر في بعده السياسي الدولتي، بل هي وثيقة الصلة بطرق الاعتقاد، والضبط الاجتماعيّة، وبالحاجات المتطوّرة للجسد الاجتماعيّ، وبقدرته على التطوّر والاندراج في التغيير.
لهذه الأسباب جميعها، فإنّ هذا المشروع البحثيّ ينشغل بمفهوم تطبيق الشريعة في فكر دعاة الإسلام السياسيّ من زاوية نظر تحليليّة نقديّة، لواحدة من الأطروحات النظريّة لقضيّة التشريع الإسلاميّة، التي تحظى لدى معتنقيها بقدر واسع من التأييد، يوازي قدر الانتقاد الذي ووجهت به من قبل نقّاد تيّار الإسلام السياسيّ عموماً.
أمّا محاور الاهتمام التي يمكن من خلالها مزاولة هذا المطلب العلمي، فهي كالتالي:
المحور الأوّل: تطبيق الشريعة في كتابات دعاة الإسلام السياسيّ
-دلالة مفهوم الشريعة: ما الشريعة في تصوّرهم؟ هل هي الحق أم القانون (Droit ou Loi)؟ هل هي آيات الأحكام والحدود، أو ما يعرف بالقانون الجنائي الإسلاميّ أم الدين في كليّته؟ هل هي المبادئ العامّة للدين، ومقاصده؟...
-تبعات المفهوم في نظريّة السلطة في الإسلام، في مستويي تصوّر السلطة، وتصوّر الحقّ.
-علاقة المفهوم بنظريّة السلطة: هل هو إحياء لنظريّة السياسة الشرعيّة الإسلاميّة ممثّلة في نظريّة الخلافة، أم هو إعادة تأويل لها؟
ما علاقته بنظريّة الدولة (الحديثة)، معارضة أم إبداع أصيل؟
المحور الثاني: المفاهيم والمقدّمات الأساسيّة لمقولة "تطبيق الشريعة"
-رؤية الكون:
- مفهوم الحاكميّة بين بعديه الميتافيزيقي تأويلاً للتوحيد الإسلامي، والسياسيّ معارضة
لنظريّة السيادة في الفكر الغربيّ.
- مفهوما الألوهيّة والعبوديّة.
- مفهوم الاستخلاف في مدلوله الميتافيزيقي، وتبعاته السياسيّة.
- تصوّر الدين ووظائفه:
- الإسلام منهجاً للحياة: الدين مصدراً وحيداً للمعرفة.
- الإسلام دين ودولة: ضرورة الدولة للدين إلى درجة تحويلها إلى مسألة عقديّة،
في شبه بنظريّة الإمامة الشيعيّة.
المحور الثالث: الإشكاليّات النظريّة لمقولة تطبيق الشريعة
- غموض مفهوم الشريعة، وغياب الإجماع حول تعريف موحّد له
-إشكاليّة تحويل التوحيد، وهو عقيدة إيمانيّة ضميريّة تخصّ العلاقة بين الخالق والمخلوق إلى منظومة قانونيّة تنظيميّة خارجيّة، تتّصل بالعلاقة الاجتماعيّة والسياسيّة، هي إشكاليّة التأويل الفقهي للعقيدة، وما يمكن أن تؤدّي إليه من تعطيل مفهوم الحريّة.
-إشكاليّات أصول الفقه:
القرآن: مشكل إعجاز القرآن، متعلّقاته وصعوباته. مشكل المحكم والمتشابه، والظاهر والمؤوّل إشكاليّة التفريق بين ما كان تشريعاً مطلقاً، وما كان ظرفيّا في التشريع القرآنيّ. القرآن بين التأويل والتفسير، وبين مناهج التفسير (التفسير النقليّ، التفسير بالرّأي، التفسير الإشاري الصوفيّ...)، إشكاليّة آيات الأحكام: آيات ظرفيّة أم قواعد أزليّة؟ نصوص قانونيّة أم وصايا أخلاقيّة؟، إشكاليّة الناسخ والمنسوخ، وأسباب النزول...
السنّة: السنّة وعلاقتها بالقرآن، إشكاليّة الحجيّة. الفرق بين السنّة التشريعيّة وغير التشريعيّة.
المصادر الاجتهاديّة: القياس والإجماع والمصالح المرسلة وإشكاليّاتها.
-إشكاليّات الاجتهاد: مفهومه: شرح وإبانة واستنباط أم خلق للقانون. الاجتهاد والمجتهد: شروطهما...
-الشريعة ومدنيّة السلطة: التعارض الممكن بين مدنيّة السلطة، وملكيّة اللّه للتشريع.
-حدود الشورى آليّة تعيين، وآليّة إصدار للقرار السياسيّ، بفعل قيد الشريعة، الشورى بين الإلزام (الملزمة) والإعلام (المعلمة).
-الشريعة وسلطة علماء الدين على المجتمع والدولة، ومخاطر تحويلهم إلى رجال دين كما في تجربة الكنيسة الكاثوليكيّة في العصور الوسطى الأوروبيّة.
المحور الرابع: الإشكاليّات العمليّة لتطبيق الشريعة في العصر الرّاهن
-إشكاليّات متّصلة بالدولة: من دولة مقرّ للسيادة، تمارسها بامتلاكها لصلاحيّة إصدار الحق والقانون إلى دولة فاقدة للسيادة، ولصلاحيّة إصدار القوانين.
من دولة معتدلة سياسيّاً مطلقة قانونيّا إلى دولة مطلقة سياسيّاً مقيّدة قانونيّاً بالشريعة.
إشكاليّة ثنائيّة الحقّ والدولة.
-إشكاليّات متّصلة بالدولة في القانون الدولي، فوجود الدولة مرتبط باعتراف القانون الدولي، فهو الذي يحدّد مجال صلاحيّاتها القانونيّة، بل صلاحيّة كلّ قانون دولتي.
-إشكاليّات متّصلة بالدولة الديمقراطيّة: مسألة الحقوق والحريّات، لا سيما حريّة العقيدة. مسألة المواطنة وتعريفها المدني لا الدينيّ. مسألة الطوائف والأقليّات الدينيّة وعلاقتها بمفهوم الذمّة. مسألة الرقّ. مسألة المرأة وتعدّد الزوجات...
المحور الخامس: المواقف النقديّة من الإسلام السياسي بعد الثورات العربيّة الراهنة، نظرة نقديّة
نظرة نقديّة إلى الأعمال الناقدة للإسلام السياسي، في الفترة الرّاهنة. موقفها من مقولة تطبيق الشريعة، حججها في تقويض هذه المقولة، الصلابة النظريّة والعمليّة لهذه الحجج، نوعيّة البدائل التي تطرحها، ومدى استجابة هذه البدائل لعلاقة المجتمعات العربيّة بالدين الإسلاميّ…
المحاور السابقة، وتفريعاتها ليست إلاّ هاديات إلى أهمّ الأفكار الحريّة بالاهتمام، وهي لا تأتي على كلّ ما له صلة بالموضوع، فللباحث أن يهتمّ بمواضيع فرعيّة أخرى، متى كانت مرتبطة بالإشكاليّة العامّة.
منهج الاشتغال
يفترض في المنهج أن يكون متساوقاً مع آخر تطوّرات نظريّة المعرفة، في حرصها على الموضوعيّة والتخفيف من الالتباس الممكن بين العلم والإيديولوجيا، والسعي إلى الاستفادة من مختلف مناهج دراسة الظواهر الإنسانيّة. ويكون ذلك عبر تبنّي منهج قيمته الأساسيّة مبدأ الصلاحيّة بديلاً عن مبدأ الحقيقة، وخاصيّته الاختصاص والتلاؤم مع موضوع الدراسة، أو التناظم (interdisciplinarité)؛ أي محاولة التأليف بين مناهج مختلفة تسهم في إضاءة الظاهرة المدروسة أو الفكرة التي يقع تحليلها.
المواصفات الفنية لرقن الأبحاث
-لا يقلّ حجم الورقات البحثيّة عن 8000 كلمة (بين 20 و 30 صفحة) حسب المواصفات التالية
أولاً: المتـن
-نسخ العمل العلمي بمسافة واحدة بين الأسطر، مع ترك مسافة (4) سم على الهامشين، وكذلك مسافة (4) سم في أعلى وأسفل الصفحة.
-ينسخ المتن بخط آريل Arial عادى (14)
-إدخال بداية الفقرة (0.6) سم.
-المسافة الرأسية بين الفقرات تعادل (1.5) من المسافة بين السطور.
-المتن المتضمن كلمات أجنبية يجب أن ينسخ بخط تايمز عادي بحجم (12)
-في الفقرات المرقومة يجب أن تترك شرطة (-) بين الرقم والفقرة.
-في الفقرات المرقومة التي تتكون من أكثر من سطر يجب أن يبدأ السطر الثاني، وما يليه مع بداية المتن وليس مع الرقم.
ثانياً: العناوين
-ينسخ العنوان الرئيس بخط آريل Arialأسود (20)
-يصفّ العنوان الفرعي بخط آريل Arialأسود (16)
-يصفّ العنوان المتفرع (الأول) بخط آريل Arialأسود(14)
-يصفّ العنوان المتفرع (الثاني) وما يليه بخط آريل Arialعادي( 14)
ثالثاً: المراجـع
-تصفّ المراجع العربية في آخر البحث أو المقال بخط آريل Arialعادي (12)
تصفّ المراجع الأجنبية في آخر البحث أو المقال بخط Times NewRomanبحجم (10)
المسائل التنظيميّة
على الراغبين في المشاركة أن يتقدّموا بملخّصات لمقترحاتهم، تتضمّن عنوانا مبدئيّا للبحث، وتحديداً لأهدافه، ومحاوره الكبرى، والمنهج المتّبع في البحث.
حدّد موفّى شهر جانفي 2015 أجلاً أقصى لقبول المقترحات بعد نشر المشروع على موقع المؤسّسة.
تتولّى لجنة متشكّلة لقبول المقترحات وتقويمها، ثم الردّ عليها في مدّة لا تتجاوز الشهر من تاريخ انتهاء آجال قبول المقترحات.
يتعيّن على الباحثين الذين حظيت مقترحاتهم بالموافقة، على ألاّ يتجاوزوا شهر ماي 2015 لإرسال بحوثهم كاملة.
ترسل المقترحات، والبحوث كاملة على البريد الإلكتروني التالي: