ندوة : الإسلام السياسي بين الدعوة والسلطة
فئة: أنشطة سابقة
استضاف مركز "دال" للأبحاث والإنتاج الإعلامي التابع لمؤسسة مؤمنون بلا حدود، بالقاهرة، ندوة بعنوان "الإسلام السياسي بين الدعوة والسلطة"، حاضر فيها الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة السوداني ورئيس الوزراء الأسبق، وأدار اللقاء الأستاذ عصام فوزي مدير المركز.
قال عصام فوزي في بداية اللقاء، إن الإمام الصادق المهدي واحد من أبرز المفكرين والسياسيين السودانيين في النصف الثاني من القرن العشرين، ولا تقتصر أهمية الدور الذي لعبه على كونه تولى رئاسة الحكومة السودانية مرتين (في الفترة ١٩٦٧-١٩٦٩ والفترة ١٩٨٦-١٩٨٩)، بل لكونه أيضاً ، إماماً للأنصار ورئيساً لحزب الأمة، فضلاً عن كونه حفيداً لقائد الثورة والدعوة المهدية في السودان.
من جانبه قال الصادق المهدي رئيس حزب الأمة السوداني ورئيس الوزراء الأسبق: عالم اليوم لا يمكن لأية دولة أن تعيش فيه دون أن تراعي منظومة القيم الإنسانية المرتبطة بالمجتمع والمرأة والحرية، وأكد أن التجربة السودانية الديمقراطية كانت فريدة في المنطقة من حيث الفصل بين السلطات والتنوع، ولكن جاء الانقلاب على الديموقراطية، ليدمر المنجز السوداني ويحول السودان إلى دولة فاشلة، حيث الاقتتال الداخلي، والتفتت والفساد والعنصرية وجرائم الحرب.
وأضاف الإمام، إن جماعات الإسلام السياسي عندما انتقلت من موقع الدعوة إلى موقع السلطة، غابت عن ممارساتها منظومة الديمقراطية، حيث التباين بين ما هو مطلق وما هو نسبي، وسرعان ما أدارت ظهرها للديموقراطية؛ ففي السودان رفعت شعار نحن جئنا بالقوة، ومن أراد المنازلة فلينازلنا بالقوة، وهو ما جعل الفصائل المقاومة للنظام تسعى لاستخدام العنف، لدرجة أن الناس يقولون في السودان طريق الحرية يؤدي إلى السجن وطريق الغابة يؤدي إلى القصر.
وتابع المهدى مؤكدا أن التباين الحاد بين ما هو دعوي وما هو سياسي نفعي أفقد الجماهير الثقة في حركات الإسلام السياسي وقدرتها على تقديم حلول حقيقية لإشكاليات الواقع، ومع تشبثها بالحكم وعدم وجود رغبة حقيقية لديها في تداول السلطة ، صار العنف ثقافة وممارسة شبه يومية، ففي السودان، توجد الآن 14 مواجهة مسلحة، ثم انتقل العنف إلى الجامعات فتحولت إلى ميدان عنف.
وأشار المهدي إلى أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تدهورت بشدة في فترة حكم الإخوان، خصوصاً مع الفشل في إدارة التنوع داخل المجتمع السوداني؛ فالسودان - على حد تعبيره - فيه تنوع عقائدي؛ حيث الإسلام والمسيحية وديانات أفريقية متنوعة، وفيه كذلك تنوع إثني من مختلف القبائل على تنوعها، هذا التنوع يحتاج لحكمة كبيرة في إدارته، وعندما يتولى الحكم نظام ديني، يكفر المختلف معه، ويرفض الآخر، فكان طبيعياً أن تنهار السودان وتتمزق، ويتم تبديد ثروة الشعب على الإنفاق العسكري.
وكشف الإمام الصادق المهدي، عن أنه بعث بخطاب مفتوح إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، طالبه فيه بالعفو عن قيادات الإخوان الصادر بحقهم أحكام بالإعدام بعد الانتهاء من مراحل التقاضي المختلفة. وأضاف الصادق المهدى: "قلت للرئيس السيسي في الخطاب المفتوح، نحن ضحايا حركة سودانية من أصل إخواني ومع ذلك أعتقد أنه بعد أن تكتمل خطوات التقاضي يستخدم هو صلاحيته كرئيس الجمهورية لمنع الإعدام.
وقال المهدي: أعتقد أن المواجهة حتى كسر العظام للآخر ستؤدي إلى خطر كبير على مستقبل الوحدة الوطنية، وهذا لا ينفي حاجة الإخوان لمراجعة مواقفهم، لأنهم ارتكبوا أخطاء كثيرة، وأضاف: "قلت إننا في إطار هذا العفو يمكن أن نتحرك، وينبغي أن نشجع ونعمل على أن يكون التيار الغالب داخل الإخوان هو الذي يقبل العملية السياسية والديمقراطية ويتراجع عن التكفير والعنف، هذا مشروع يمكن أن نعمل به، وهذا يفتح الطريق أمام الديمقراطية، وتابع ما لم يجر هذا التصالح وقبول حقوق الإنسان، فإن المواجهات الصفرية ستودي بالمصلحة الوطنية.
وقال: دعتني الخارجية الألمانية وسئلت عن إمكانية استئناف الحوار الوطني في السودان بعد الانتخابات، واقترحت عليهم مطالبة النظام بالجدية وإطلاق الحريات العامة، لاستعادة الثقة
وعن أزمة إقليم دارفور قال المهدي، لأسباب تاريخية عديدة، كانت هناك مشاكل في دارفور؛ فأهل الإقليم يحصلون على نصيب تنموي ناقص، ونصيب خدمي ناقص، مع وجود نزاعات قبلية، وعندما وقع الانقلاب في 30 يونيو 1989، لم تكن هناك بندقية واحدة ترفع في الإقليم ضد الحكومة المركزية، لكن بدا لكثير من أهل دارفور أن النظام يحابي المكون العربي، وهذا الشعور أدى إلى قيام حركتين باسم تحرير السودان والعدل والمساواة منذ 2002 ، واشتعل الموقف في دارفور، واستخدام النظام المكون العربي ضد المكون الأفريقي. وأضاف المهدى خلال كلمته، أن الأسرة الدولية كانت مهتمة باتفاق السودان مع الجنوب، وتغاضت عن أزمة دارفور وهذا أعطى الضوء الأخضر لاستغلال التناقض الإثني .
ولد الصادق المهدي بأم درمان، وتلقى تعليمه الثانوي بالخرطوم، ثم ترك التعليم النظامي لأسباب تتعلق بالهوية العربية والإسلامية، إلا أنه سرعان ما تراجع عن ذلك القرار، ثم درس الاقتصاد والفلسفة والسياسة بكلية القديس يوحنا بأوكسفورد، ثم الماجستير بعد ذلك بعامين، داعيا الضيف الكبير إلى إلقاء محاضرته وسط حشد كبير من الحضور وسط اهتمام وتغطية إعلامية كبيرة.
الصادق المهدى: ثورات الربيع العربي لم تنجح، لأنها لم تقدم بديلا عن النظم الحاكمة.
الصادق المهدي : إذا استمر الوضع الراهن؛ فالسودان في طريق للتشظي والتفتت.