Next Page  70 / 242 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 70 / 242 Previous Page
Page Background

اﻟﻌﺪد

(12)

69

وإﻧﻨﺎ ﻧﺠﺪ ﰲ ﻗﺼﺔ اﻟﻨﺒﻴّين اﳌﺆﺳﺴين ﻟﻺﺳﻼم ﺻﻮرة واﺿﺤﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﻔﺮﺿﻴﺔ اﳌﻨﻬﺠﻴﺔ: ﻛﺘﺐ اﻟﺜﻌﻠﺒﻲ

ﺑﺸﺄن ﻧﺰول آدم إﱃ اﻷرض: »ﻓﺎﻧﻄﻠﻖ آدم ﻣﻦ أرض اﻟﻬﻨﺪ إﱃ أرض ﻣﻜﺔ ﻟﺰﻳﺎرة اﻟﺒﻴﺖ، وﻗﻴّﺾ اﻟﻠﻪ

. وﻧﻘﻞ أﺑﻮ

107

«ً

ﻓﻜﺎن ﻛﻞّ ﻣﻮﺿﻊ ﻳﻀﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺪﻣﻪ ﻋﻤﺮاﻧﺎً وﻣﺎ ﺗﻌﺪّاه ﻣﻔﺎوز وﻗﻔﺎرا

ﻟﻪ ﻣﻠﻜﺎً ﻳﺮﺷﺪه،

ﻫﻼل اﻟﻌﺴﻜﺮي ﻋﻦ ﻣﻘﺎﺗﻞ ﺑﻦ ﺳﻠﻴمان: »أﺛﺮت ﻗﺪم إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم ﰲ اﻟﺼﺨﺮ ﻛﺘﺄﺛير أﻗﺪام

إﻻ أنّ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﱃ ﺳﻮّى ﺗﻠﻚ اﻵﺛﺎر وﻋﻔﺎﻫﺎ وﻣﺴﺤﻬﺎ ﺳﻮى أﺛﺮ

اﻟﻨﺎس ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺰﻣﺎن ﰲ اﻟﺼﺨﻮر،

. إذا ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ، ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬﻳﻦ

108

ﺗﻜﺮﻣﺔ ﻟﻪ وإرادة ﻟﺘﺨﻠﻴﺪ ذﻛﺮه«

ﻗﺪم إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم

اﻟﺨﱪﻳﻦ، ارﺗﺒﺎط اﻷﻧﺒﻴﺎء واﻟﻨﺒﻮة ﺑﺎﻟﻌﻤﺮان، ﻓﻤﻦ اﻷوﺿﺢ ارﺗﺒﺎط اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﺑﺎﳌﻔﺎوز واﻟﻘﻔﺎر، وﺑﻜﻞ

.

109

( ﻛما ﻛﺘﺒﺖ ﺟﺎﻛﻠين اﻟﺸﺎبي

espace sans repères)

ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻨﺬور ﻟﻠﺘﻼﳾ. إﻧﻬﺎ ﻓﻀﺎء ﺑﻼ ﻣﻌﺎلم

اﻟﺨﺎتمﺔ

لم ﺗﻜﻦ »اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ« ﻣﺤﻞّ »إﺟماع« اﳌﺴﻠﻤين ﻃﻮل ﺗﺎرﻳﺨﻬﻢ؛ إذ ﺗﻨﺎزﻋﻮا ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ، واﺧﺘﻠﻔﻮا ﻓﻴﻪ أيمّﺎ

اﺧﺘﻼف. وﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أنّ ﻣﺮدّ ذﻟﻚ اﻻﺧﺘﻼف ﻗﺪ ارﺗﺒﻂ ﺑﻠﻔﻆ اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻧﻔﺴﻪ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎن

ﻟﻔﻈﺎً ﻣﺠﻬﻮل اﻟﺼﻴﻐﺔ واﻟﱰﻛﻴﺐ، وﻣﻜﺘﻆّ اﳌﻌﺎني واﻟﺪﻻﻻت. وﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ، ﺗﻌﺮّﺿﺖ اﻟﻠﻔﻈﺔ إﱃ

ﻋﻤﻠﻴﺔ اﺳﺘﺌﺼﺎل دﻻﱄ ﺑﺘﺄﺛير اﻟﺘﻄﻮرات اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ.

وﻟﻘﺪ اﻧﺘﻬﻰ ﺑﻨﺎ اﻟﺒﺤﺚ إﱃ أنّ اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻓﱰة زﻣﻨﻴﺔ، وﻻ ﻫﻲ ﺳﻠﻮك؛ ﺑﻞ ﻫﻲ ﻓﺮﺿﻴﺔ ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ

ذات ﺑﻌﺪﻳﻦ: ﻧﻈﺮي وإﺟﺮائي. ﻓﺄﻣّﺎ اﻟﻨﻈﺮي، ﻓﻬﻲ اﻟﺼﻮرة اﻟﻨﻘﻴﻀﺔ ﻟﻺﺳﻼم؛ أي ﻫﻲ اﻟﺤﺎل اﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮن

ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻨﺎس وﻻ إﺳﻼم )واﻹﺳﻼم ﻧﻔﻬﻤﻪ ﻫﻨﺎ بمﻌﻨﻰ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻤﻮﻣﺎً، وبمﻌﻨﻰ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺸﺎﻣﻞ ﻟﻠﺤﻴﺎة؛ أي

بمﻌﻨﻰ اﻟﺪوﻟﺔ(، وأﻣّﺎ اﻹﺟﺮائي، ﻓﻬﻲ ﻋﺎلم اﻟﺼﺤﺮاء واﻟﺨﻼء، ﺣﻴﺚ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻼدوﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﻤﻴﻬﺎ

اﻟﻘﺮآن اﻷﻋﺮاب.

ﻫﺆﻻء اﻷﻋﺮاب، ﺳﻜﺎن اﻟﺼﺤﺮاء واﳌﻔﺎوز واﻟﻘﻔﺎر، ﻳﻘﺪّﻣﻬﻢ اﻟﻘﺮآن ﻋﲆ أﻧﻬﻢ يمﺜﻠﻮن اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﻘﺼﻮى

ﻟﻠﻜﻔﺮ: )ٱﻷَﻋْﺮَابُ أَﺷَﺪﱡ ﻛُﻔْﺮاً وَﻧِﻔَﺎﻗﺎً وَأَﺟْﺪَرُ أَﻻﱠ ﻳَﻌْﻠَﻤُﻮاْ ﺣُﺪُودَ ﻣَﺂ أَﻧﺰَلَ ٱﻟﻠﱠﻪُ ﻋَﲆَٰ رَﺳُﻮﻟِﻪِ وَٱﻟﻠﱠﻪُ ﻋَﻠِﻴﻢٌ

. وﻣﻦ اﳌﺜير ﻟﻼﻧﺘﺒﺎه أن أﺟﻤﻌﺖ ﻛﺘﺐ اﻟﺘﻔﺴير، ﻗﺪيمﻬﺎ وﺣﺪﻳﺜﻬﺎ، ﻋﲆ اﻟﺮﺑﻂ ﺑين ﻛﻔﺮ

110

ﺣَﻜِﻴﻢٌ(

اﻷﻋﺮاب وإﻗﺎﻣﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﺼﺤﺮاء؛ وﻗﺪ ﻟﺨّﺺ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﻄﺎﻫﺮ ﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﻫﺬا اﻻرﺗﺒﺎط ﺑين اﻟﺼﺤﺮاء واﻟﻜﻔﺮ

ﺑﺎﻟﻘﻮل: »ﻓﺈن اﻷﻋﺮاب ﻟﻨﺸﺄﺗﻬﻢ ﰲ اﻟﺒﺎدﻳﺔ ﻛﺎﻧﻮا ﺑﻌﺪاء ﻋﻦ ﻣﺨﺎﻟﻄﺔ أﻫﻞ اﻟﻌﻘﻮل اﳌﺴﺘﻘﻴﻤﺔ، وﻛﺎﻧﺖ

. اﻟﺘﺴﻮﻳﺪ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻧﺎ.

37

، ص

2000 ،

  - اﻟﺜﻌﻠﺒﻲ، ﻗﺼﺺ اﻷﻧﺒﻴﺎء اﳌﺴﻤّﻰ ﻋﺮاﺋﺲ اﳌﺠﺎﻟﺲ، دار اﻟﻔﻜﺮ، ﺑيروت

107

. اﻟﺘﺴﻮﻳﺪ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻧﺎ.

65

  - أﺑﻮ ﻫﻼل اﻟﻌﺴﻜﺮي، اﻷواﺋﻞ، ص

108

109- Jacqueline Chabbi, Le Coran décrypté (Figures bibliques en Arabie), Fayard, 2008, p. 28.

.9/97

  - اﻟﺘﻮﺑﺔ

110

ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺮﺣﻤﻮني