Next Page  106 / 242 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 106 / 242 Previous Page
Page Background

اﻟﻌﺪد

(12)

105

اﻟﻌﻠماﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﺪوى ﺣﺮﻳﺔ اﻷﻓﺮاد واﺧﺘﻴﺎراﺗﻬﻢ )ﺧﻼﻓﺎً ﻟﺒﺎﻗﻲ ﺑﻌﺾ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﻟﻌﻠماﻧﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎلم(،

ﻓﺈن ﻣﺎ ﺗﻮدﱡ اﻹﻣﺴﺎك ﺑﻪ ﻫﻮ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ رﺳﻮخ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻫﺎ اﻟﺼﺎرﻣﺔ، ﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﺤﺮص اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻟﻠﺪوﻟﺔ

اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻳﺘﴪّب ﻣﻦ ﻗﺒﻀﺘﻪ، وﰲ ﻏﻔﻠﺔ ﻣﻦ ﴏاﻣﺘﻬﺎ، ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺗﻔﻀﺢ ﻣﺄزﻗﻬﺎ اﻷﺧﻼﻗﻲ. ﻟﻘﺪ ﻓﻀﺤﺖ

أﺣﺪاث ﺷﻜﻠﺖ »دراﻣﺎ وﻃﻨﻴﺔ«، ﻛﻤﻨﻊ اﻟﺤﺠﺎب واﻟﺒﻮرﻛﻴﻨﻲ، ﻓﻀﺤﺖ ﺳﻮء اﻧﺘﻈﺎم اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺮﺳﻤﻲ

واﻹﻋﻼﻣﻲ، واﻓﺘﻘﺎره إﱃ اﳌﻌﻘﻮﻟﻴﺔ اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ. وﺑﺮز ﻋﲆ اﻟﺴﻄﺢ ﺟﺪل ﺳﻴﺎﳼ ﻣﻤﺰّق ﻳﺘﺨﻔّﻰ ﺗﺤﺖ

ﺣﺠﺞ ﻏير ﻣﺘﺴﻘﺔ ﻣﻨﻄﻘﻴﺎً، ﻣﺜﻞ: اﻟﺒﻮرﻛﻴﻨﻲ ﻳﴬﱡ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻓﺔ واﻟﺼﺤﺔ؛ اﻟﺒﻮرﻛﻴﻨﻲ ﻳﺤﻴﻞ إﱃ اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ؛

اﻟﺒﻮرﻛﻴﻨﻲ ﻳﻬين اﳌﺮأة... أﻣّﺎ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﻔﺮﻧﴘ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻴﻜﻮﻻ ﺳﺎرﻛﻮزي، ﰲ ﺟﻠﺴﺔ ﺧﺎﺻّﺔ ﺑﺎﻟﱪﳌﺎن

اﻟﻔﺮﻧﴘ، ﻓﻘﺪ أﻋﻠﻦ، ﰲ ﻣﻌﺮض ﻛﻠﻤﺘﻪ، ﻋﻦ رﻓﻀﻪ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻟﻮﺟﻮد اﻣﺮأة ﻓﻮق اﻟﱰاب اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﻔﺮﻧﴘ

دون ﻫﻮﻳﺔ، وأﺳيرة ﻟﺒﺎس اﻟﱪﻗﻊ. ﻓﻬﺬا اﻟﺸﻜﻞ ﻣﻦ اﻟﻠﺒﺎس، ﻳﻀﻴﻒ ﺳﺎرﻛﻮزي، ﻏير ﻣﻘﺒﻮل ﻓﻮق

اﻟﺴﻴﺎدة اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ.

إن اﻟﻌﻠماﻧﻴﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ تمﺜﻞ اﺳﺘﺜﻨﺎءً؛ ﻷﻧﻬﺎ ﻋﻠماﻧﻴﺔ ﺻماّء ﻻ ﺗﻨﻈﺮ إﱃ اﻟﺮﻣﻮز اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﲆ

أﻧﻬﺎ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻋﻘﺎﺋﺪﻳﺔ ﺗﺴﺘﻮﺟﺐ ﻗﺪراً ﻣﻬماًّ ﻣﻦ اﻻﺣﱰام واﻟﺘﻘﺪﻳﺮ؛ ﺑﻞ ﺗﻨﻈﺮ إﱃ اﻻﻋﺘﻘﺎد اﻹﺳﻼﻣﻲ رﻣﺰاً

ﺳﻴﺎﺳﻴﺎً ﻳﺤﻤﻞ دﻻﻻت ﺧﺎﺻّﺔ ﰲ اﳌﺨﻴﺎل اﻟﻔﺮﻧﴘ. لم ﺗﻠﺘﻘﻂ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻮدة اﻟﺪﻳﻦ إﱃ اﻟﻔﻀﺎء اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ

ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر اﻻﻧﻔﺘﺎح ﻋﲆ اﻟﺘﻌﺪد اﻟﺜﻘﺎﰲ؛ ﺑﻞ ﻧﻈﺮت إﱃ اﻟﺤﺠﺎب ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﺳﻴﺎﳼ ﻣﺘﻌﺎلٍ ﻳﺘﻠﺨّﺺ ﰲ

ﻣﻘﻮﻟﺔ »اﻷﻧﺎ اﻟﻌﻠماني اﻟﺨﺎﻟﺺ«. وﺗُﻌﺪﱡ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، ﺑﻬﺬا اﳌﻨﻄﻖ، اﻧﺤﺮاﻓﻴﺔ ﻷﻧﻬﺎ اﻧﺤﺮﻓﺖ ﻋﻦ

ﻣﺴﺎر اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮي، واﺳﺘﻌمارﻳﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺰال ﺗﺤﻦﱡ إﱃ اﻻﺳﺘﻌﻼء اﻟﺜﻘﺎﰲ. وﻫﺬه اﻟﱰﻛﻴﺒﺔ اﳌﺨﺘﻠّﺔ

ﺗﻐﺮق اﻟﻨﺴﻖ اﻟﻠﻴﱪاﱄ اﻟﻔﺮﻧﴘ ﰲ وﺣﻞ ﺳﻴﺎدة وﻳﺴﺘﻔﺎﻟﻴﺎ.

إن ﻋﻮدة اﻟﺪﻳﻦ إﱃ اﻟﻔﻀﺎء اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ ﻳﺠﺐ أن ﺗُﻔﻬﻢ ﰲ إﻃﺎر ﺗﺤﻮﻻت ﺳﻴﺎﻗﻴﺔ ﻣﺠﺘﻤﻌﻴﺔ وﺗﻐﻴيرات

ﻧﻈﺎﻣﻴﺔ إﺑﺴﺘﻤﻴﺔ، ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ﺗﺤﻮّﻻً ﰲ اﳌﺨﻴﺎل اﻻﺟﺘماﻋﻲ، وﰲ اﻟﻨﺴﻖ اﻷﺧﻼﻗﻲ. ﻓﺎﻟﻌﻮدة ﺗﻌﻨﻲ

إﺿﺎﻓﺔ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﻟﻠﻤﻜﺘﺴﺒﺎت اﻟﻌﻠماﻧﻴﺔ، وﺗﻌﺰﻳﺰاً ﳌﺴﺎر اﻟﻌﻘﻞ واﻟﺤﺪاﺛﺔ، وﻣﻨﻌﻄﻔﺎً ﺟﺪﻳﺪاً ﰲ اﻟﻔﻬﻢ

اﻟﻌﻘﺎﺋﺪي واﻟﻌﻠماني. ﻓﻔﻲ إﻃﺎر »ﺳيرورة اﻟﺘﻌﻠﻢ اﻟﺘﻜﺎﻣﻠﻴﺔ« ﺗﺒﻘﻰ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ اﻟﺪﻳﻦ

واﻟﻌﻠماﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﻔﻀﺎء اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ ﺣﺎﺟﺔً ﻣﻠﺤّﺔً ﻟﺒﻠﻮرة وﺗﱪﻳﺮ ﻗﻨﺎﻋﺎت ﻣﺸﱰﻛﺔ إزاء ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻧﻔﻠﺖ ﻓﻴﻬﺎ

اﻟﻌﻘﻞ ﻣﻦ ﻋﻘﺎﻟﻪ.

إن ﻋﻮدة اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻮدة ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﺴﺘﻤﺪّ ﴍﻋﻴﺘﻬﺎ ﻣﻦ اﻹﺟماع اﳌﺘﺪاﺧﻞ، وﻣﻦ اﳌﻮاﻃﻨﺔ اﳌﺸﱰﻛﺔ؛ وﻻ

ﺳﺒﺘﻤﱪ(، أو اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ...

11)

ﺗﻬﺘﺰ ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ أﻣﺎم أﺣﺪاث ﻋﺎرﺿﺔ ﻣﺜﻞ: ﺗﻔﺠيرات

ﺑﻞ ﺗﺸﻜﻞ ﻫﺬه اﻷﺣﺪاث ﻣﻮﺿﻮع ﻧﻘﺎش ﻫﺎدئ وﻫﺎدف ﰲ اﻟﻔﻀﺎء اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ ﻹﻳﺠﺎد ﻣﺨﺎرج وﺣﻠﻮل

ﻣﺸﱰﻛﺔ. وﻻ يمﻜﻦ اﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﻫﺬه اﻷﺣﺪاث ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﺗُﻬﻢٍ ﻣﺘﺒﺎدﻟﺔ ﺑين اﻟﺪﻳﻦ واﻟﻌﻠماﻧﻴﺔ.

ﻋﺰﻳﺰ اﻟﻬﻼﱄ