Next Page  102 / 242 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 102 / 242 Previous Page
Page Background

اﻟﻌﺪد

(12)

101

أن ﺗﺒﻠﻮر ﻣﻌﺎﻳير ﻣﺸﱰﻛﺔ ﺗﺼﺒﺢ ﻣﻌﻬﺎ ﻫﺬه اﳌﻌﺘﻘﺪات اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﻋﺪاﻟﺔً ﺳﻴﺎﺳﻴﺔً، وﺑﻬﺬا ﻳﻜﻮن »اﳌﻔﻬﻮم

اﻟﺴﻴﺎﳼ ]ﻟﻠﻌﺪاﻟﺔ[ ﻣﺆﻳﺪاً ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ اﳌﻌﻘﻮﻟﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ واﻷﺧﻼﻗﻴﺔ، رﻏﻢ ﺗﻌﺎرﺿﻬﺎ، واﻟﺘﻲ

ﻟﻬﺎ ﺟﺴﻢ ﻣﻬﻢ ﻣﻦ اﻷﺗﺒﺎع، واﻟﺘﻲ ﺗﺪوم ﻋﱪ اﻟﺰﻣﻦ ﻣﻦ ﺟﻴﻞ إﱃ اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺬي ﻳﻠﻴﻪ. وأﻋﺘﻘﺪ أن ﻫﺬا ﻫﻮ

.

78

اﻷﺳﺎس اﻷﻛثر ﻣﻌﻘﻮﻟﻴﺔ ﻟﻠﻮﺣﺪة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﺟﺘماﻋﻴﺔ اﳌﺘﻮﻓﺮة ﻟﻠﻤﻮاﻃﻨين ﰲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ديمﻘﺮاﻃﻲ«

ﻓﺎﻟﻌﺪاﻟﺔ، ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ إﻧﺼﺎﻓﺎً، ﻫﻲ ﻧﺘﻴﺠﺔ إﺟماع ﻣﺘﺪاﺧﻞ ﻣﻌﻘﻮل ﻟﻠﻤﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻜﱪى، ﻛﺎﻟﺤﺮﻳﺔ

)اﻟﺪﻳﻦ(، واﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ )اﻷﺧﻼق(، واﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ )اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ(.

ﰲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق، ﻳﻨﺘﻘﺪ أﺳﺪ أﺳﻄﻮرة اﳌﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻠﻴﱪاﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻄﺮح ﻧﻔﺴﻬﺎ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔً وﺣﻴﺪةً ﻛﻮﻧﻴﺎً،

ﻛﺎﻟﻌﺪاﻟﺔ واﳌﺴﺎواة واﳌﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟﺤﺮة وﺗﺪاﺧﻞ اﻹﺟماع واﻟﻔﻀﺎء اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ... وﻗﺒﻞ اﻟﺨﻮض ﰲ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ

اﻟﻨﻘﺪ، ﻧﺘﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪ ﺳﺆال أﺳﺎﳼ ﻻ ﻳﻜﻒّ أﺳﺪ ﻋﻦ ﻃﺮﺣﻪ: ﻫﻞ يمﻜﻦ ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ أن ﻳﻜﻮن ﻣﻤﺜﻼً ﰲ أورﺑﺎ؟

ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال ﻧﺘﻠﻘﻰ ﺟﻮاﺑﺎً واﺿﺤﺎً ﻣﻦ ﻃﺮف ﻫﺎﺑﺮﻣﺎس ﻣﻔﺎده أن »اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ

. ﺗﺤﺖ ﻣﱪّر أن »اﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ

79

ﻻ ﺗﺰال ﺑﺤﺎﺟﺔ إﱃ اﻟﺨﻀﻮع ﻟﻬﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻤﻴﺔ ]ﺳيرورة اﻟﺘﻌﻠﻢ[ اﳌﺆﳌﺔ«

اﳌﺴﻠﻤين ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن اﻻﻧﺪﻣﺎج ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﻐﺮبي ﺿﺪاً ﻋﲆ ﻋﻘﻴﺪﺗﻬﻢ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ، ﻋﲆ اﻋﺘﺒﺎر أن اﻻﻧﺪﻣﺎج

. إن اﻹﻗﺼﺎء ﻣﻦ اﻟﻔﻀﺎء اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ ﻟﻴﺲ أﻣﺮاً ﺟﺪﻳﺪاً ﰲ ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻠﻴﺔ

80

ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ«

اﻟﻬﺎﺑﺮﻣﺎﺳﻴﺔ، ﻟﻘﺪ ﻣﺎرس ﻫﺬا اﻹﻗﺼﺎء ﰲ ﺣﻖّ اﳌﺮأة واﻷﻗﻠّﻴﺎت واﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ... وﻳﻌﻨﻲ

ﻫﺬا أن اﻟﻔﻀﺎء اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ اﻟﻬﺎﺑﺮﻣﺎﳼ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺻﻼﺣﻴﺔ ﻛﻮﻧﻴﺔ؛ إذ إن ﻣﻦ ﻣﻘﻮﻣﺎت اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ اﳌﻨﺼﻔﺔ اﻻﻧﻔﺘﺎح

ﺧﺎرج اﻟﺤﺪود اﻟﺴﻴﺎدﻳﺔ واﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ دون ﴍوط إﻟﺰاﻣﻴﺔ ﻟﻴﱪاﻟﻴﺎً.

ﻧﻌﻮد إﱃ اﻟﺴﺆال اﻟﺬي ﻃﺮﺣﻪ أﺳﺪ: ﻫﻞ يمﻜﻦ ﻟﻠﺪوﻟﺔ اﻷورﺑﻴﺔ أن تمُﺜﻞ أﻗﻠّﻴﺎﺗﻬﺎ اﳌﺴﻠﻤﺔ؟ ﻋﻦ

ﻫﺬا اﻟﺴﺆال ﻧﺘﻠﻘﻰ، ﻫﺬه اﳌﺮة، اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻣﻦ أﺳﺪ، ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮل: إن »إﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﺴﻴﺎﳼ ﰲ

. وﺻﻌﻮﺑﺔ

81

اﻟﺪيمﻘﺮاﻃﻴﺎت اﻟﻠﻴﱪاﻟﻴﺔ ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ، إن لم ﻧﻘﻞ ﻣﻦ اﳌﺴﺘﺤﻴﻞ، تمﺜﻴﻞ اﳌﺴﻠﻤين«

اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﺴﻴﺎﳼ ﺗﺄتي ﻧﺘﻴﺠﺔ نمﻄﻴﺔ اﳌﺨﻴﺎل اﻟﺴﻴﺎﳼ اﻟﻐﺮبي اﻟﺬي ﻳﺨﺘﺰن ﰲ ﺟﻮﻓﻪ ﻓﻜﺮة »ﺗﻄﺮّف

اﻟﺪﻳﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ« و»ﺧﻄﺮ اﻟﺪﻳﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ«. وﻟﺬﻟﻚ، ﻳﺠﺪ ﻫﺎﺑﺮﻣﺎس ﰲ ﻓﻜﺮة اﻟﺘﻮﺗﺮات اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ

اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻧﺘﺼﺎراً ﻟﻔﻜﺮﺗﻪ، اﻟﺘﻲ ﺗﺮى أنّ اﻟﻌﻠماﻧﻴﺔ ﻣﻼئمﺔ، ﻓﺤﺴﺐ، ﻟﻠﺴﻴﺎدات اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻠﻴﱪاﻟﻴﺔ،

اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻌﻢ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﺮار واﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ.

.9

، ص

2009 ،

- راوﻟﺰ، ﺟﻮن، اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻛﺈﻧﺼﺎف: إﻋﺎدة اﻟﺼﻴﺎﻏﺔ، ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺣﻴﺪر ﺣﺎج اﺳماﻋﻴﻞ، اﳌﻨﻈﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﱰﺟﻤﺔ

78

79- Habermas Jurgen, The Faltering, op.cit., p.75

80- Ibid., p.71.

81- Asad, Formation, op.cit., p.173.

ﻋﺰﻳﺰ اﻟﻬﻼﱄ