ﻟﻄﻤﻮح ﺻﺎدق؛ ﻷن ﻫﺬا ﻻ ﻳﺠﺮي داﺧﻞ ﻋﻼﻗﺎت ﻣﺨﺼﻮﺻﺔ، أو ﻣﺤﺼﻮرة، ﰲ ذات ﻣﻌﻴّﻨﺔ، أو ﺟماﻋﺔ ﺧﺎﺻّﺔ
ﺑﺘﻠﻘﻴﻪ.
وﻟﻜﻦ إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﻫﺬه اﻹﺳﻨﺎدات اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺘﻤﺜﻴﻞ اﳌﺎﴈ ﺗﺨﺘﻠﻂ وﺗﺘﺪاﺧﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳُﻈﻬﺮ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﻣﻘﻮﻻت
ﺟﺪﻳﺪة، ﻛﻤﻘﻮﻟﺔ اﳌﻮاﻃﻦ، أو ﻣﻘﻮﻟﺔ اﻟﻘﺎﴈ.
ﺗﺆدي ﻣمارﺳﺔ اﻟﺬاﻛﺮة، وﻻ ﺳﻴّما اﻟﺬاﻛﺮة اﻟﺠماﻋﻴﺔ، إﱃ اﻟﺘﺴﺎؤل ﻋﻦ ذاﻛﺮة اﳌﻮاﻃﻦ، ﻫﺬا اﻟﻔﺮد اﻟﺬي
ﻻ ﻳﻮﺟﺪ إﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﱃ ﺟماﻋﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﺘﺠﺎوزه، وﻟﻬﺎ ﻣﺎﺿﻴﻬﺎ اﻟﺨﺎص. وﻣﻌﻪ ﺗﻄﺮح ﺻﻮرة »واﺟﺐ
اﻟﺬاﻛﺮة«. وﴍط اﻟﺬاﻛﺮة ﻫﺬا ﻫﻮ وﺻﻴﺔ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻟﻠﻤﻮاﻃﻦ؛ »ﰲ اﻷﺻﻞ، وﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺳﻮى اﻟﺤﺮص ﻋﲆ
اﻟﻨﺴﺐ، وﺿﻤﻦ ﻣﺴﺎر اﻷﺟﻴﺎل اﻟﻄﻮﻳﻞ، ﺳﺘﺤكي أو ﺗﺮوي ﻻﺑﻨﻚ« )ﻣﺤﺎﴐات ﻣﺎرك- ﺑﻠﻮخ ﰲ ﻃﻮر اﻟﻨﴩ(.
وﻻ ﻳﻜﺘﺴﺐ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻣﻌﻨﺎه إﻻ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻬﻬﺎ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺬاﻛﺮة. وﴍط اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﻳﻀﺎد
اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﻟﻠﺬاﻛﺮة، اﻟﺘﻲ ﻻ يمﻜﻦ ﻟﻬﺎ إﻻ أن ﺗﻜﻮن تمﺮﻳﻨﺎً ﺻﻌﺒﺎً ﰲ اﻷﻏﻠﺐ، وﺗﺬﻛﺮاً واﺳﱰﺟﺎﻋﺎً ﻳﺠﺮي
ﰲ اﻟﺤﺎﴐ ﺑﺎﺗﺠﺎه اﳌﺎﴈ. وﺗﺄتي ﻫﺬه اﳌﻔﺎرﻗﺔ اﻟﻨﺤﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﴍط اﻟﻌﺪاﻟﺔ، اﻟﺘﻲ »ﺗُﺤﻮﱢ ل اﻟﺬاﻛﺮة إﱃ ﻣﴩوع«
(. وﻳﺮﺗﺒﻂ، أﺧيراً، ﻫﺬا اﻟﴩط اﻟﺨﺎص ﺑﺎﻟﻌﺪاﻟﺔ ﺑﺎﻷوﻟﻮﻳﺔ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ اﳌﻌﻄﺎة ﻟﻠﻀﺤﺎﻳﺎ
2
، اﻟﻔﺼﻞ
I
)اﻟﻘﺴﻢ
ﰲ إﻃﺎر واﺟﺐ اﻟﺬاﻛﺮة اﻷﺳﺎﳼ. وﻣﻊ ذﻟﻚ، ﻣﻦ اﳌﻨﺎﺳﺐ ﰲ ﻇﻞّ ﴍﻋﻴﺔ واﺟﺐ اﻟﺬاﻛﺮة اﳌُﻌﱰف ﺑﻪ ﻫﻜﺬا،
اﻟﺘﺴﺎؤل ﻋﻦ وﺟﻮد ﺗﺠﺎوزات واﻧﺤﺮاﻓﺎت، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﺠﺪه ﰲ اﺳﺘﻌمال واﺟﺐ اﻟﺬاﻛﺮة ﻛﺘﻌﻮﻳﺬة أو تمﻴﻤﺔ.
( ﺣﻮل اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑين اﻟﺬاﻛﺮة واﻟﺮﺿﺎت، أو اﻟﺼﺪﻣﺎت
Henry Rousso)
وﺑﺎﻻﻋﺘماد ﻋﲆ أﻋمال ﻫنري روﺳﻮ
(، ﺑَينﱠ ﺑﻮل رﻳﻜﻮر أﻧّﻪ »ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻳﻈﻞّ اﻹﻋﻼن ﻋﻦ
1945-1940)
اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮض ﻟﻬﺎ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮن ﰲ ﺳﻨﻮات
واﺟﺐ اﻟﺬاﻛﺮة أﺳير أﻋﺮاض ﺗﺴﻠّﻂ اﻟﻮﺳﻮاس، ﻳﻈﻞّ ﻳﱰدّد ﺑين اﻻﺳﺘﻌمال اﻟﺠﻴﺪ، وﺑين إﺳﺎءة اﻻﺳﺘﻌمال«
(. وﺗﺸﻜﻞ اﻻﺣﺘﻔﺎﻻت اﻟﺤﺎدة، ﺑﺪورﻫﺎ، اﻧﺤﺮاﻓﺎً ﻋﻦ واﺟﺐ اﻟﺬاﻛﺮة؛ ﻷﻧﻬﺎ أﺻﺒﺤﺖ ذاﻛﺮة
2
، اﻟﻔﺼﻞ
I
)اﻟﻘﺴﻢ
ﻣﻔﺮوﺿﺔ، وﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ ﴍﻃﻬﺎ اﳌﺘﻤﺜﻞ ﰲ اﻟﻌﺪاﻟﺔ. وﻫﻜﺬا يمﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن واﺟﺐ اﻟﺬاﻛﺮة أنمﻮذﺟﺎً ﻟﻼﺳﺘﻌمال
اﻟﺠﻴﺪ، ﻛما يمﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن أنمﻮذﺟﺎً ﻟﻠﺘﺠﺎوز ﰲ ﻣمارﺳﺔ اﻟﺬاﻛﺮة. وﺑﺴﺒﺐ اﻟﻄﺎﺑﻊ اﳌﻔﺎرق ﻟﴩط واﺟﺐ
اﻟﺬاﻛﺮة، ﻓﻀﻞ ﺑﻮل رﻳﻜﻮر ﺻﻴﻐﺔ »ﻋﻤﻞ اﻟﺬاﻛﺮة«، ﺣﻴﺚ يمﻜﻦ اﺳﺘﺒﻌﺎد ﺧﻄﺮ اﻟﺪوران ﰲ اﻟﺤﻠﻘﺔ اﳌﻔﺮﻏﺔ
ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺬاﻛﺮة، واﻧﻐﻼق ذاﻛﺮة ﻫﺬه اﻟﺠماﻋﺔ أو ﺗﻠﻚ »ﻋﲆ ﻣﺄﺳﺎﺗﻬﺎ اﻟﻔﺮدﻳﺔ«.
وﻟﻜﻦ ﺻﻮرة اﳌﻮاﻃﻦ لم ﻳﺘﻢّ اﺳﺘﺒﻌﺎدﻫﺎ، وذﻟﻚ ﺑﺤﻜﻢ أنّ اﳌﻮاﻃﻦ ﻳﺒﻠﻮر ﰲ ﻧﻔﺴﻪ إﺷﻜﺎﻟﻴﺎت اﻟﺬاﻛﺮة
واﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ تمﺜﻴﻼً ﳌﺎضٍ ﺟماﻋﻲّ ﻳﺸﻜّﻞ ﻫﻮ ﺟﺰءاً ﻣﻨﻪ. ﻛما أﻧﻪ ﻳﺴﻜﻦ ﰲ ﻗﻠﺐ ﻣيراث اﳌﺎﴈ اﳌﻤﺜﻞ
ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﻳﺦ، وﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺤﻜﻢ ﺑين اﻟﺬاﻛﺮة واﻟﺘﺎرﻳﺦ، ﺣﻴﺚ ﺗﺘﺸﺎرك ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻘﺮاءة واﻟﺘﺬﻛّﺮ. إن اﳌﺤﺎﻛمات
اﻟﻜﱪى ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻗﺪ ﻗﺎدت اﳌﺆرّﺧين إﱃ أن يمﺜﻠﻮا أﻣﺎم اﻟﻘﻀﺎء، وأن ﻳﺒﻠﻮروا ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ. وﻟﻘﺪ
أﺻﺒﺢ ﻟﻠﻘﺎﴈ واﳌﺆرّخ ﻣﻬﻤﺔ ﺗﺤﻠﻴﻞ اﳌﺎﴈ. وﻟﻜﻦ إذا ﻛﺎن اﻟﺜﺎني ﻳﺒﻨﻲ ﺗﺼﻮراً أدﺑﻴﺎً ﻗﺎئمﺎً ﻋﲆ ﺑﻨﻰ ﺗﻜﻮن
ﺑﻘﻠﻢ: إيمﺎﻧﻮﻳﻞ ﻣﺎﻛﺮون/ ﺗﺮﺟﻤﺔ: اﻟﺰواوي ﺑﻐﻮره