Next Page  189 / 242 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 189 / 242 Previous Page
Page Background

اﻟﻌﺪد

(12)

188

ﺑﺄﻟﻔﺎظ اﻟﺒﻘﺎﻳﺎ واﳌﺪة. وﺗﺴﻤﺢ ﻫﺬه اﻵﺛﺎر، اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻘﻰ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻜﻤﻮن ﰲ اﻟﺪﻣﺎغ، ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻀﻴﻊ ﻣﺎ

ﺳﺒﻖ رؤﻳﺘﻪ، وﺷﻌﺮ ﺑﻪ، وتمّﺖ ﻣﻌﺎﻳﺸﺘﻪ. وﻫﺬه ﻫﻲ اﻵﺛﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺤﺪوث »اﳌﻌﺠﺰة اﻟﺼﻐﺮى«

ﻟﻠﺘﻌﺮّف. ﻳﺮﺗﺒﻂ اﻟﺘﻌﺮّف ﺣﴫﻳﺎً ﺑﻬﺬه اﻵﺛﺎر اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ، وﻫﻮ ﻣﺎ ﺳماه ﺑﺮﻏﺴﻮن »ﺑﻘﺎء اﻟﺼﻮر«.

وﻟﻜﻨﻪ أﻳﻀﺎً اﻷﺛﺮ اﻟﺬي ﻳﺮﺳﻢ ﻟﻮﺣﺔ اﻹﺷﻜﺎﻟﻴﺎت اﳌﺸﱰﻛﺔ ﻟﻠﺬاﻛﺮة واﻟﺘﺎرﻳﺦ؛ ﻷن اﻷﺛﺮ يمﻜﻦ أن

ﻳﻜﻮن أﺛﺮاً ﻣﺎدﻳﺎً. واﻟﻮﺛﺎﺋﻖ واﻟﺸﻬﺎدات واﻟﺮﺳﻮﻣﺎت اﻟﺼﺨﺮﻳﺔ، واﻷﺷﻴﺎء اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ اﻟﺼﻐيرة... وﻛﻞّ أﻃﻼل

اﳌﺎﴈ، تمﺜﻞ آﺛﺎراً ﻳﺘﻌين ﻋﲆ اﳌﺆرخ أن ﻳﻌﺎﻟﺠﻬﺎ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔً ﻋﻠﻤﻴﺔً. وﻫﺬه اﻵﺛﺎر اﳌﺎدﻳﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﺢ

بمﻌﺮﻓﺔ وتمﺜﻴﻞ اﳌﺎﴈ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺎً. وأﺧيراً، إنّ ﻫﺬه اﻵﺛﺎر ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﳌﺴﺘﺤﻴﻞ ﻗﻴﺎم ﺗﻌﺮف/

اﻋﱰاف ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ؛ إﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺷﻴﺌﺎً آﺧﺮ ﻏير ﺑﺼﻤﺔ أﻓﺮاد وﻣمارﺳﺎت وﻣﺆﺳﺴﺎت، وﻻ يمﻜﻦ ﻟﻠﻤﺆرّخ،

أو ﻟﻺﻧﺴﺎن اﻟﺤﺎﴐ، أن ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ إﻻ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ، وﺣﺪه اﻷﺛﺮ يمﻜﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻣﺆﴍاً إﱃ ﻣﺎضٍ

لم ﻳُﻌَﺶْ، وﻟﺤﻈﺎت لم ﻳُﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ. إذاً، ﻫﻨﺎﻟﻚ اﺳﺘﺤﺎﻟﺔ اﻟﺘﻌﺮف ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ: وﻫﺬا ﻳﺜﺒﺖ أن اﻟﺤﻠﻮل

اﳌﻘﺪﻣﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺬاﻛﺮة ﻻ يمﻜﻦ ﺗﻘﺪيمﻬﺎ إﱃ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻛﻴﻔما اﺗﻔﻖ، أو ﺑﻼ ﺗﺒﴫّ.

اﻵﺛﺎر ﻫﻲ اﳌﺎدة اﻷوﻟﻴﺔ ﻟﻠﺬاﻛﺮة واﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻋﲆ ﺣﺪﱟ ﺳﻮاء. وﺗﺸﻜّﻞ ﴍط إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ تمﺜﻴﻞ اﳌﺎﴈ، وﰲ

اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺒﺪأ اﻻﺳﺘﻌﺼﺎءات اﻟﺘﻲ ﺗُﻌﺎرض ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﻀﺎً.

9

(représentance)

تمﺜﻴﻞ اﳌﺎﴈ ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ: اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻔﻌﲇ

أدّت اﻵﺛﺎر إﱃ اﻧﺒﺜﺎق اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺟﻨﺒﺎً إﱃ ﺟﻨﺐ ﻣﻊ اﻟﺬاﻛﺮة. وﺳﻮاء ﺗﻌﻠﻖ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺘﺎرﻳﺦ أم ﺑﺎﻟﺬاﻛﺮة،

إنّ ﻟﻐﺰ تمﺜﻴﻞ اﳌﺎﴈ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻄﺮوﺣﺎً. وإزاء اﻟﻮﻓﺎء اﻟﺬي ﺗﺄﻣﻠﻪ اﻟﺬاﻛﺮة، إن اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻳﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟﻄﻤﻮح

ﺑﻠﻮغ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ. ﻏير أن اﳌﻌﺮﻓﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﺘﻤﻴﺰة وﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻇﺎﻫﺮة اﻟﺘﺬﻛّﺮ: ﺗﻠﻚ

ﻫﻲ ﻓﺮﺿﻴﺔ إﺑﺴﺘﻤﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻣﺘﺴﻘﺔ ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻓﺮﻋﺎً أدﺑﻴّﺎً وﻋﻠﻤﻴّﺎً.

إن اﻟﻘﻄﻴﻌﺔ ﺑين اﻟﺬاﻛﺮة واﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻗﺪ أُﻧﺠﺰت ﻫﻨﺎ ﺑﻮﺳﺎﻃﺔ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ، ﺛﻢ إنّ ﺑﻮل رﻳﻜﻮر يمﻬّﺪ

(، ﻛما ذُﻛِﺮ ﰲ

pharmakon)

ﻹﺑﺴﺘﻤﻮﻟﻮﺟﻴﺘﻪ ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺑﺄﺳﻄﻮرة اﺧﱰاع اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺑﻮﺻﻔﻪ دواء

(. وﻛﻠﻤﺔ اﻟﺪواء ﻣﻠﺘﺒﺴﺔ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺸير إﱃ اﻟﻌﻼج واﻟﺴﻢّ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ

Phèdre) (

ﻣﺤﺎورة )ﻓﻴﺪروس

  - ﺻﺎغ ﺑﻮل رﻳﻜﻮر ﻫﺬا اﳌﻔﻬﻮم ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )اﻟﺰﻣﺎن واﻟﴪد(، واﺳﺘﻌﺎده وﻃﻮرﱠه ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎني اﻟﺨﺎص ﺑﺈﺑﺴﺘﻤﻮﻟﻮﺟﻴﺎ

9

اﻟﺘﺎرﻳﺦ. وﺣﺪّد ﻫﺬا اﳌﻔﻬﻮم ﻋﲆ اﻟﻨﺤﻮ اﻵتي: »إن ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ/ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ )اﻟﻔﻌﲇ( ﺗﺨﺘﺰن ﰲ ذاﺗﻬﺎ ﻛﻞ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت، وﻛﻞ اﻻﻟﺘﺰاﻣﺎت، وﻛﻞ

اﻻﺳﺘﻌﺼﺎءات اﳌﺮﺗﺒﻄﺔ بمﺎ ﻧﺴﻤﻴﻪ اﻟﻘﺼﺪ أو اﻟﻘﺼﺪﻳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ؛ وﺗﻌﻨﻲ اﻻﻧﺘﻈﺎر/ اﻟﺘﻄﻠﻌﺎت اﳌﺮﺗﺒﻂ)ة( ﺑﺎﳌﻌﺮﻓﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﻠﺒﻨﺎءات اﳌﻜﻮﻧﺔ

ﻹﻋﺎدة ﺑﻨﺎء ﻣﺠﺮى أﺣﺪاث اﳌﺎﴈ«.

(، ﻟﻴﻤﻴّﺰ ﺑين ﺗﺼﻮر/ تمﺜﻞ اﻟﻐﺎﺋﺐ

representance)

( ﻛﻠﻤﺔ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻫﻲ

representation)

ﻫﺬا وﻧﺸير إﱃ أن رﻳﻜﻮر اﺷﺘﻖّ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ

. )م(.

356

واﻟﺘﻤﺜﻞ اﻟﻔﻌﲇ ﻟﻬﺬا اﻟﻐﺎﺋﺐ اﻟﺬي ﻳﺄتي ﻧﻴﺎﺑﺔً ﻋﻨﻪ، واﻟﻘﻴﺎم ﻣﻘﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ. اﻧﻈﺮ: ص

اﳌﺎﴈ وﻧﻮره اﻷﺑﻴﺾ: ﺣﻮل ﻛﺘﺎب )اﻟﺬاﻛﺮة، اﻟﺘﺎرﻳﺦ، اﻟﻨﺴﻴﺎن( ﻟﺒﻮل رﻳﻜﻮر