اﻟﻌﺪد
(12)
186
ﻋﺎﻳﺸﻪ. إن اﻟﺘﻌﺮّف ﻫﻮ »اﻧﺘﻌﺎش اﻟﺼﻮر« اﻟﺬي ﺗﺤﺪﱠ ث ﻋﻨﻪ ﺑﺮﻏﺴﻮن، وﻫﻮ، ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ، ﻋﻼﻣﺔ
ﻋﲆ ﺗﻄﺎﺑﻖ اﻟﺬﻛﺮى–اﻟﺼﻮرة ﻣﻊ اﻻﻧﻔﻌﺎل واﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻷوﱃ.
وﺣﻴﻨﺌﺬٍ ﻳﻨﻜﺸﻒ ﻓﻌﻞ اﻟﺜﻘﺔ اﻟﺬي ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺬاﻛﺮة؛ ﻻ ﳾء ﻳﺜﺒﺖ ﱄ ﻣﻄﻠﻘﺎً أن ﻫﺬا
اﻟﺘﻌﺮف ﻫﻮ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻷوﱃ اﻟﺘﻲ وﻗﻌﺖ؛ وﻟﻜﻦ، ﻛما ﻛﺘﺐ ﺑﻮل رﻳﻜﻮر: »ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻨﺎ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ
اﻟﺼﻮرة-اﻟﺬﻛﺮى ﰲ ﻟﺤﻈﺔ اﻟﺘﻌﺮف« )ﻣﺤﺎﴐة ﻣﺎرك ﺑﻠﻮخ، ﻧﺺ ﺳﻴﻈﻬﺮ ﰲ اﻟﻌﺪد اﻟﻘﺎدم ﻣﻦ
. ﻣﻦ اﳌﻤﻜﻦ أﻧﻨﺎ ﻧﺨﻄﺊ ﻏﺎﻟﺒﺎً، وﻟﻜﻦ ﻫﺬه ﻫﻲ اﳌﺨﺎﻃﺮة اﻟﺘﻲ
7
((Annales) :
ﻣﺠﻠﺔ: اﻟﺤﻮﻟﻴﺎت
ﻳﺘﻀﻤﻨﻬﺎ ﻋﻤﻞ اﻟﺬاﻛﺮة ﺑﻮﺳﺎﻃﺔ اﻟﺬﻛﺮى اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﺷﻴﺌﺎً آﺧﺮ ﻏير ﺻﻮرة ﺗﺸﺒﻪ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ
اﻷوﱃ، واﻻﻧﻄﺒﺎع اﻷوّﱄ. إن ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﺸﺎﺑﻪ اﳌﻼزم ﻟﻠﺬﻛﺮى، وﻫﺬا اﻟﻐﻤﻮض اﻷﺻﲇ، ﻫﻮ اﻟﺬي
ﻳﱰك اﳌﺠﺎل ﻣﻔﺘﻮﺣﺎً ﻹﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻮﻫّﻢ واﻟﺨﻴﺎل؛ إذ ﻣﻦ اﳌﻤﻜﻦ أن ﻧﺨﻄﺊ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻌﺘﻘﺪ أﻧﻨﺎ
ﺗﻌﺮﻓﻨﺎ. ﻣﻊ أﻧﻨﺎ: »ﻻ ﻧﺴﺘﻤﺮ ﰲ ﻗﻴﺎس اﺳﺘﺨﻔﺎﻓﻨﺎ وﺧﻴﺒﺘﻨﺎ ﺑﺎﻟﻌﻼﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺟﺎءﺗﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺮّف
.(1
، اﻟﻔﺼﻞ
I
اﻟﺮاﺳﺦ؟« )اﻟﻘﺴﻢ
ﻳﻄﺮح تمﺜﻴﻞ اﳌﺎﴈ ﰲ اﻟﺬاﻛﺮة اﺳﺘﻌﺼﺎءات ﻣﻠﺘﻔّﺔ أو ﻣﺘﺤﺎﻳﻠﺔ ﰲ ﺟﺰء ﻣﻨﻬﺎ: اﻹﺣﺎﻟﺔ إﱃ ﺳﺎﺑﻖ
ﻣﺎ وإﱃ ﳾء ﻗﺪ ﻣﴣ وﺗﺮك ﺑﺼﻤﺘﻪ ﻓﻴﻨﺎ، واﻟﺘﻌﺮّف إﱃ اﻟﺬﻛﺮى–اﻟﺼﻮرة ﻛﺘﺄﻛﻴﺪ وﺗﻄﺎﺑﻖ ﻣﻊ
اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻷوﱃ ﻫﻲ ﺣﻠﻮل ﻫﺸّﺔ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺄن ﻳﺮﴈ وﻳﻠﺒﻲ ﻃﻤﻮح ورﻏﺒﺔ اﻟﻮﻓﺎء أو اﻹﺧﻼص ﰲ
اﻟﺬاﻛﺮة.
اﻵﺛﺎر: ﻣﻦ ﺑﺼمات اﻟﺬاﻛﺮة إﱃ وﺛﺎﺋﻖ اﻟﺘﺎرﻳﺦ
تمﺜﻴﻞ اﳌﺎﴈ ﻏير ﻣﻤﻜﻦ إﻻ إذا وُﺟِﺪت ﰲ اﻟﺬاﻛﺮة آﺛﺎر، وﻫﺬه اﻵﺛﺎر ﻫﻲ اﻟﺒﺼمات اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻛﺘﻬﺎ
اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت واﻟﻌﻮاﻃﻒ واﻟﺘﺠﺎرب اﳌُﻌﺎﺷﺔ، واﻟﺘﻲ ﻧُﻘﺸﺖ ﰲ اﻟﺮوح. وﻫﺬه اﻵﺛﺎر ﻫﻲ أﺻﻞ ﺣﻀﻮر
اﻟﻐﻴﺎب؛ إﻧﻬﺎ اﻷﺛﺮ ﳌﺎ ﺟﺮى وﺣﺪث ولم ﻳﻌﺪ ﻗﺎئمﺎً.
إن أﻫﻤﻴﺔ اﻷﺛﺮ ﺑﺎرزة ﻣﻨﺬ اﻟﺘﺄﻣﻼت اﻷﻓﻼﻃﻮﻧﻴﺔ ﺣﻮل اﻟﺬاﻛﺮة اﻟﺘﻲ ﻗﺪّﻣﻬﺎ ﰲ ﻣﺤﺎورة )ﺛﻴﺎﺗﻴﺘﻮس(
(. واﻻﺳﺘﻌﺎرة اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻘﻄﻌﺔ اﻟﺸﻤﻊ ﺗُﻈﻬﺮ اﻧﻄﺒﺎع اﻷﺛﺮ ﰲ اﻟﺬاﻛﺮة: »وﻛما ﻧﺤﻔﺮ، ﻛﺘﻮﻗﻴﻊ،
Théétète)
ﺳﻤﺘﻨﺎ ﻋﲆ ﺧﺎتمﻨﺎ، ﻛﺬﻟﻚ ﻧﺤﻦ، ﺣين ﺗﻘﻊ ﻗﻄﻌﺔ اﻟﺸﻤﻊ ﻫﺬه ﺗﺤﺖ إﻣﺮة أﺣﺎﺳﻴﺴﻨﺎ وأﻓﻜﺎرﻧﺎ، ﻧﻄﺒﻊ
.
8
ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﺘﺬﻛﺮه«
- ﺗﺆﻛّﺪ ﻫﺬه اﻹﺣﺎﻟﺔ، وﻏيرﻫﺎ ﻣﻦ اﻹﺣﺎﻻت اﻟﻮاردة ﰲ اﻟﻨﺺ، أن إيمﺎﻧﻮﻳﻞ ﻣﺎﻛﺮون ﻛﺎن ﰲ ﻫﺬا اﻟﻮﻗﺖ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪاً وﻣﺘﺎﺑﻌﺎً ﻷﻋمال
7
ﺑﻮل رﻳﻜﻮر. )م(.
8 - Platon, Théétète, texte etabli et traduit par Michel Narcy, Paris, GF-Flammarion, 1995, 191d.
اﳌﺎﴈ وﻧﻮره اﻷﺑﻴﺾ: ﺣﻮل ﻛﺘﺎب )اﻟﺬاﻛﺮة، اﻟﺘﺎرﻳﺦ، اﻟﻨﺴﻴﺎن( ﻟﺒﻮل رﻳﻜﻮر