Next Page  186 / 242 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 186 / 242 Previous Page
Page Background

اﻟﻌﺪد

(12)

185

اﻟﺼﻮرة ﻋﻨﺪ أﻓﻼﻃﻮن. وﻋﻠﻴﻪ، لم ﻳﺘﻢ ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻟﺬاﻛﺮة ﻗﺒﻞ ﻛﻞّ ﳾء، وﺑﺸﻜﻞ ﺣﴫي، ﰲ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ

ﺑﺎﻟﺰﻣﻦ، إنمّﺎ ﰲ ارﺗﺒﺎﻃﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺑﺎﻟﺼﻮر اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ ﻣﻀﻤﻮﻧﻬﺎ، وﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ وﺗﻄﺮح

إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ اﻟﺰﻣﻦ؛ ذﻟﻚ أنّ اﻟﺼﻮرة ﻫﻲ ﻟﻐﺰ، بمﺎ أﻧﻬﺎ ﺗُﻌﻄَﻰ وﺗﻘﺪﱠ م، ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ، ﻋﲆ أﻧﻬﺎ ﺻﻮرة

ﺣﺎﴐة ﻟﻠﻔﻜﺮ وﺻﻮرة ﻟﴚء ﻏﺎﺋﺐ. ﻳﺘﻤﺜّﻞ ﻟﻐﺰ اﻟﺬاﻛﺮة ﰲ اﻟﺤﻀﻮر اﻟﻐﺎﺋﺐ ﻟﻠﺼﻮرة.

، ﻫﺬا ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ أرﺳﻄﻮ

6

ﺗﺤﻤﻞ ﻫﺬه اﻟﺼﻮرة اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﺰﻣﻨﻴﺔ ﰲ ﻧﻔﺴﻬﺎ: »اﻟﺬاﻛﺮة ﻫﻲ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ«

(، ﻣﺪﻟﻼً ﺑﺬﻟﻚ ﻋﲆ أنّ اﻟﺘﺬﻛﺮ-اﻟﺼﻮرة اﻟﺨﺎص ﺑﺎﻟﺬاﻛﺮة

Parva naturalia) (

ﰲ )اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺎت اﻟﺼﻐﺮى

ﻣﺴﻜﻮن ﻛﻠﻪ ﺑﺎﻟﺴﺎﺑﻖ واﻵﻧﻒ، وﺑﴚء ﺳﺒﻖ ﻟﻪ أن وُﺟﺪ وﻃُﺒﻊ ﰲ روﺣﻲ. ووُﺟﻮد ﻫﺬا اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻫﻮ

اﻟﺬي يمﻴّﺰ اﻟﺬاﻛﺮة ﻋﲆ اﻟﺨﻴﺎل. واﻟﺬﻛﺮى ﻫﻲ تمﺜﻴﻞ ﻟﴚء ﻗﺪ وﻗﻊ، وﻟﴚء »ﻛﺎن ﻗﺪ ﺣﺪث«، وﻟﻴﺲ

ﺗﻮﻫّماً أو إﻧﺘﺎﺟﺎً ﻋﻔﻮﻳﺎً ﻟﻠﻔﻜﺮ. إذاً، إﻧﻪ اﳌﺎﴈ اﻟﺤﺎﴐ ﰲ اﻟﺬﻛﺮى–اﻟﺼﻮرة، اﻟﺘﻲ ﺗﺪوﱢ ن وﺗﻨﻘﺶ

ﻧﻔﺴﻬﺎ ﰲ اﻟﺰﻣﻦ؛ ذﻛﺮى ﺣﺎﴐة، ﻟﻬﺎ دائمﺎً ﳾء ﻣﻦ اﳌﺎﴈ. ﻛﺘﺐ ﺑﺮﻏﺴﻮن ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )اﳌﺎدة واﻟﺬاﻛﺮة(

(، اﻟﺬي اﺳﺘﺸﻬﺪ ﺑﻪ ﺑﻮل رﻳﻜﻮر، وﺣﻠّﻠﻪ ﻣﻄﻮّﻻً، أن اﻟﺬﻛﺮى ﻫﻲ: »ﰲ اﻟﻮﻗﺖ

Matière et Mémoire)

ﻧﻔﺴﻪ ﺣﺎﻟﺔ ﺣﺎﴐة، وﳾء ﻳﻔﺼﻞ ﻣﻊ اﻟﺤﺎﴐ«، وﻳﺴﻤﺢ ﺑﺎﻟﺘﻌﺮّف إﻟﻴﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻛﺮى ﻣﺎ. واﻟﺬاﻛﺮة

ﻫﻲ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ؛ ﻷن اﻟﺬﻛﺮى-اﻟﺼﻮرة ﺗﺤﻴﺎ ﰲ اﻟﺰﻣﻦ دائمﺎً.

ﻟﻐﺰ تمﺜﻴﻞ اﳌﺎﴈ ﰲ اﻟﺬاﻛﺮة ﻧﺎﺑﻊ، إذاً، ﻣﻦ واﻗﻌﺔ أﻧﻨﺎ ﻧﺘﺬﻛّﺮ »ﻣﻦ دون اﻷﺷﻴﺎء« و»ﻣﻊ اﻟﺰﻣﻦ«

(. ﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ، وﻛما ﻛﺘﺐ أرﺳﻄﻮ، إنّ اﻟﺼﻮرة »ﻫﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ، وﻫﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﺼﻮﻳﺮ

1

، اﻟﻔﺼﻞ

I

)اﻟﻘﺴﻢ

ﻟﴚء آﺧﺮ«؛ ﻫﻨﺎﻟﻚ دائمﺎً ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﻐيرﻳﺔ ﰲ اﻟﺼﻮرة-اﻟﺬﻛﺮى، وﳾء ﻳﺒﺘﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﺒﺼﻤﺔ اﻷﺻﻠﻴﺔ

اﳌﱰوﻛﺔ، اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪّم ﻧﻔﺴﻬﺎ إﱄ ﱠ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺴﺘﻘﻞ. ﻫﺬا اﻵﺧﺮ ﰲ اﻟﺼﻮرة ﻫﻮ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ اﻟﻔﺎﺻﻞ ﺑين

اﻹﺣﺎﻟﺔ اﻷوﱃ وﺷﺒﻴﻬﻬﺎ )ذﻟﻚ أن اﻟﺬﻛﺮى ﻫﻲ دائمﺎً ﻣﺤﺎﻛﺎة ﻷﺻﻞ ﻣﻌﺮوف وﻣﺤﻔﻮظ(، وﻫﺬه ﻫﻲ

اﳌﺴﺎﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻴﺲ إﺧﻔﺎق وﻓﺎء أو إﺧﻼص اﻟﺬاﻛﺮة.

ﻫﺬا اﻟﻠﻐﺰ واﺳﺘﻌﺼﺎءاﺗﻪ اﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻪ ﻻ يمﻨﻊ ﺣﺪوث »اﳌﻌﺠﺰة اﻟﺼﻐﺮى« اﳌﺘﻤﺜﻠﺔ ﰲ اﻟﺘﻌﺮّف

( ﻳﺄتي ﻟكي

1

، اﻟﻔﺼﻞ

I

واﻻﻋﱰاف. وﻛما ﻛﺘﺐ ﺑﻮل رﻳﻜﻮر: »اﻻﻋﱰاف ﻫﻮ ﻓﻌﻞ ﺗﺬﻛﱡﺮي ﺑﺎﻣﺘﻴﺎز« )اﻟﻘﺴﻢ

ﻳﺘﻮّج اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺒﺤﺜﻲ ﻟﻠﺘﺬﻛّﺮ، أو اﻟﻠﻘﺎءات اﻟﻄﺎرﺋﺔ ﻣﻊ اﳌﺎﴈ )اﻻﺳﺘﺬﻛﺎر(؛ ذﻟﻚ أﻧﻨﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺗﺬﻛﺮ،

ﻓﺈﻧﻨﻲ أﻋﱰف ﺑﻬﺬه اﻷﺳﺒﻘﻴﺔ، وﺑﻬﺬا اﻟﺤﺪث اﻟﺬي ﺣﺪث ووﻗﻊ، واﻟﺬي دوﱠ ﻧﺘﻪ ذاﻛﺮتي. ﻳﺘﺄﻛﺪ اﻟﺘﻌﺮّف

ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻌﺠﺐ: »إﻧﻪ ﻫﻮ! ﻫﻮ ﻫﺬا!«، وﰲ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ، إن اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﺘﺬﻛﺮ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن

ﻳُﻘﺪﱢ ر ﺗﻄﺎﺑﻖ ﺻﻮرة اﻟﺬاﻛﺮة ﻣﻊ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻷوﱃ واﻷﺻﻠﻴﺔ. وﻳﻌﱰف بمﺎ ﺳﺒﻖ أن رآه، وبمﺎ ﺳﺒﻖ أن

  - ﺑﺎﻟﻌﻮدة إﱃ ﻛﺘﺎب رﻳﻜﻮر، إن ﻋﺒﺎرة أرﺳﻄﻮ اﳌُﺴﺘﺸﻬﺪ ﺑﻬﺎ، اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮل ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻮل رﻳﻜﻮر إﻧﻬﺎ »اﻟﺠﻤﻠﺔ اﳌﻔﺘﺎح اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺎﺣﺐ ﻛﻞ ﺑﺤﺜﻲ«،

6

. )م(.

47

( ﻛما ﻫﻮ ﰲ ﻧﺺ إيمﺎﻧﻮﻳﻞ ﻣﺎﻛﺮون؟ اﻧﻈﺮ: ص

temps)

ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻠﺔ ﻫﻲ: »اﻟﺬاﻛﺮة ﻫﻲ ﻣﻦ اﳌﺎﴈ«، وﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ

ﺑﻘﻠﻢ: إيمﺎﻧﻮﻳﻞ ﻣﺎﻛﺮون/ ﺗﺮﺟﻤﺔ: اﻟﺰواوي ﺑﻐﻮره