اﻟﻌﺪد
(12)
231
ﺑﺄﺧﺬ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر، بمﺎ أﻧﻪ ﻻ يمﻜﻦ أن ﻳﻬﺘﻢ إﻻ ﺑﺎﳌﻌﻨﻰ اﻟﻈﺎﻫﺮ دون اﻫﺘمام ﺑﺄيّ وﺟﻪ
ﺑﺎﻟﺼﻮر أو اﻻﺳﺘﻌﺎرات أو اﻟﺼﻴﻎ اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ.
إن ﻃﻤﻮح ﻣﻨﻬﺠﻪ إﱃ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﻳﺤﻮل دون وﻋﻴﻪ ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﻓﱰاﺿﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﻜّﻢ
ﰲ ﻗﺮاءﺗﻪ؛ ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻗﺮاءة ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺼﻮص ﻣﺜﻠما ﻳﻘﺮؤﻫﺎ اﳌﺴﻴﺤﻴﻮن، وﻟﻜﻨّﻪ ﻳﺪّﻋﻲ أﻧﻪ ﻳﻘﺮؤﻫﺎ
ﻛما ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻘﺮأﻫﺎ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻜﻮني اﳌﺸﱰك ﺑين اﻟﺠﻤﻴﻊ. وبمﺎ أﻧّﻪ ﻳﺠﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﺨﺎﻓﺎت ﻛﺜيرة، ﻓﺈﻧﻪ
ﻣﻀﻄﺮ إﱃ اﺳﺘﻨﺘﺎج أن اﳌﺴﻴﺤﻴين ﻳﺆﻣﻨﻮن، ﻋﻦ وﻋﻲٍ ﻣﻨﻬﻢ، بمﻌﺘﻘﺪات ﻳﻌﺮﻓﻮن ﺣﻖ اﳌﻌﺮﻓﺔ أﻧﻬﺎ
ﻧﺴﻴﺞ أﻛﺎذﻳﺐ.
اﻟﻌﻘﻞ وﺳﻮء اﻟﻨﻴﺔ: ﻣﺂزق اﻟﺤﻮار
ﻛﻴﻒ ﻳُﻔﴪﱠُ ﺗﻨﻮع اﳌﻌﺘﻘﺪات إذا ﻛﺎن اﻟﻨﺎس ﻳﻘﺘﺴﻤﻮن ﻋﻘﻼً ﻛﻮﻧﻴﺎً ﻗﺎدراً ﻋﲆ اﻟﺘﻮﺻﻞ، ﺑﻜﻴﻔﻴﺔ
ﻣﻀﻤﻮﻧﺔ، إﱃ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ؟ ﻳﺴﺘﺒﻌﺪ اﺑﻦ ﺣﺰم ﻓﻮراً ﻛﻞّ ﺗﻔﺴير ﻳﻔﱰض أن اﻟﺨﻄﺄ ﺻﺎدر ﻋﻦ
ﻋﻴﺐ ﰲ اﻟﻌﻘﻞ. ﻓﺎﻟﺸﻴﻌﺔ، اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺆﻣﻨﻮن بمﻌﺘﻘﺪات ﻣﺴﺘﺤﻴﻠﺔ تمﺎﻣﺎً ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ، »ﻓﻴﻬﻢ
، ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ ذوو ﻛﻔﺎءة ﻛﺒيرة ﰲ ﻣﺠﺎﻻﺗﻬﻢ اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ.
35
ﻗﻀﺎة، وﻛﺘﺎب وﺗﺠﺎر، وﻫﻢ اﻟﻴﻮم أﻟﻮف اﻷﻟﻮف«
ﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﻨﺼﺎرى و»ﻓﻴﻬﻢ ﻋﻠماء ﺑﻌﻠﻮم ﻛﺜيرة وﻣﻠﻮك ﻟﻬﻢ اﻟﺘﺪاﺑير اﻟﺼﺎﺋﺒﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﳌﻌﺠﺒﺔ،
؟ وﻫﻢ ﻣﻊ ذﻟﻚ ﻳﻘﻮﻟﻮن ﺑﻌﻘﻴﺪة
36
واﻵراء اﳌﺤﻜﻤﺔ واﻟﻔﻄﻨﺔ ﰲ دﻗﺎﺋﻖ اﻷﻣﻮر، وﺑﴫ ﺑﻐﻮاﻣﻀﻬﺎ«
اﻟﺘﺜﻠﻴﺚ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻘﺒﻠﻬﺎ اﻟﻌﻘﻞ.
وﳌﺎ ﻛﺎن اﻟﻌﻴﺐ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻨﻪ ﰲ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺤﺠﺔ، ﻣﺎ دام اﻹﺳﻼم ﻳﺒﺪو اﻟﺘﻌﺒير اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻋﻦ
، ﻓﺈن اﺑﻦ ﺣﺰم ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺴﻌﻲ إﱃ ﺗﻔﺴير اﻟﻮﺟﻮد اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻲ
37
اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﺬي ﻳﻘﺒﻠﻪ اﻟﻌﻘﻞ
ﻟﻠﺘﻨﻮع اﻟﺪﻳﻨﻲ إﻻ ﺑﻀﻌﻒ ﻣﻠﻜﺔ أﺧﺮى، ﻫﻲ اﻹرادة. إن أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﻻ ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﺆﻣﻨﻮا؛
واﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺆﻣﻨﻮن بمﺎ ﻫﻮ ﺑﺪﻳﻬﻲ ﻳﺮﻓﻀﻮن رؤﻳﺘﻪ. ﻳﺼﻒ اﳌﺘﻜﻠﻢ اﻷﻧﺪﻟﴘ اﻟﻔﺌﺎت اﻟﺜﻼث ﻣﻦ اﻟﻨﺎس،
اﻟﺬﻳﻦ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﻢ رﻓﺾ اﻟﻘﺒﻮل ﺑﻮﺟﻮد ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺑﺎدﻳﺔ ﻟﻠﻌﻴﺎن ﺑـ: اﻟﻐﺎﻓﻠﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻟﺒﺤﺚ
ﻋﻦ اﻟﺠﺎه واﻟثروة ﺑﺪل اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ؛ واﻟﺨﺎﺋﻔﻮن اﻟﺬي ﻳﺨﻀﻌﻮن ﻟﺠماﻋﺘﻬﻢ إﱃ درﺟﺔ أﻧﻪ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻮاﺟﻬﻮن اﻋﱰاﺿﺎً ﻣﻘﻨﻌﺎً ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄن أﺣﺪاً ﻣﻨﻬﻢ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻗﺪ أﺟﺎب ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ؛
واﳌﻨﺎﻓﻘﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻓﻀﻮن اﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻣﻘﺘﻨﻌﻮن ﻧﻈﺮاً ﻷﻧﻪ ﻣﻦ اﳌﻤﻜﻦ أن ﻳﻔﻘﺪوا ﻣﻜﺎﻧﺘﻬﻢ
.249
، ص
5
- اﻟﻔﺼﻞ، ج
35
.250
، ص
5
- اﻟﻔﺼﻞ، ج
36
: "ﻓﻜﻞ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻣﻦ أﻫﻞ اﳌﻠﻞ اﳌﺨﺎﻟﻔﺔ، ﻓﺒﻠﻐﺘﻪ ﻣﻌﺠﺰات اﻟﻨﺒﻲ ﺻﲆ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ، وﻗﺎﻣﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﱪاﻫين
247-248
، ص
5
- اﻟﻔﺼﻞ، ج
37
ﰲ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ، ﻓﻬﻮ ﻣﻀﻄﺮ إﱃ اﻹﻗﺮار ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﱃ وﺑﻨﺒﻮة ﻣﺤﻤﺪ ﺻﲆ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ".
ﺑﻘﻠﻢ: أدرﻳﺎن ﻛﻮﻧﺪﻳﺎر / ﺗﺮﺟﻤﺔ: ﻫﺪى ﻛﺮيمﲇ