Next Page  31 / 242 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 31 / 242 Previous Page
Page Background

اﻟﻌﺪد

(12)

30

أَﻧﺤﻦ، ﻓﻠﺴﻔﻴّﺎً، ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ أﻣﺎم »ﺗﻔﻜﻴﻚ ﻧﺺّ ﻣﻘﺪّس«، أم ﻧﺤﻦ ﻓﺤﺴﺐ أﻣﺎم ﻣﺠﺮّد ﺗﺠﺮﻳﺪ ﻧﺴﻘﻲ

ﻟﻪ ﻣﻦ ﻣﻘﻮّﻣﺎت أﺻﺎﻟﺘﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻧﺼّﺎً؟ وإذا ﻛﺎن اﻟﺼﺪّﻳﻖ ﻳﺮﻓﺾ أن ﻳﻘﻒ ﻋﻤﻠﻪ ﻋﻨﺪ »اﻟﻠﺬة

، وأنّ ﻫﺪﻓﻪ اﻟﻜﺒير )وﻫﻮ ﻫﺪف ﺳﻘﺮاﻃﻲ( ﺑﻴﺎن أنّ »ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺣﺪود اﳌﻌﺮﻓﺔ ﻫﻮ أﺣﺪ

97

اﻻﺳﺘﻄﻴﻘﻴﺔ«

، ﻓﺈنّ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺑﺤﺜﻪ ﻻ ﺗﺘﻌﺪّى اﻟﺘﺠﺮﻳﺐ اﻟﺮوﻣﺎﻧﴘ اﻟﺤﺮّ ﻋﲆ اﳌﻘﺎرﻧﺔ ﺑين

98

اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻤﺔ«

ﻣﻔﺮدات اﻟﻘﺮآن وﻣﻔﺮدات ﻳﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ﻣﺠﺎﻧﺴﺔ ﻟﻬﺎ ﰲ اﻟﺤﺮوف، دون أيّ ﻋﻼﻗﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ

اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ، وﻻ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﺨﻄﺎب. ﻻ ﻳﻜﻔﻲ أن ﻳﻜﻮن اﻟﻬﺪف اﳌﻨﻬﺠﻲ ﻧﺒﻴﻼً )ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﺿﺪّ

اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻐﺎﺷﻤﺔ ﻟﻠﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ( ﺣﺘﻰ ﻧﻨﺘﺞ »ﻗﺮاءة« ﺗﺄﺻﻴﻠﻴﺔ ﻟﻨﺺّ ﻣﻘﺪّس ﻧﻜﻮن ﻗﺪ

ﺟﺮّدﻧﺎه ﻣﻦ ﻛﻞّ ﻋﻨﺎﴏ ﺻﻼﺣﻴﺘﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻮﺳﺎﻃﺔ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ ﺗﻘﻮّل ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻋﻨﻪ.

(، ﺟﻮاﺑﺎً ﻋﻦ ﺳﺆال ﻳﺘﻌﻠّﻖ

1976)

ﻗﺎل ﻫﺎﻳﺪﻏﺮ، ﰲ آﺧﺮ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻛﺒيرة ﻣﻌﻪ، ﺻﺪرت ﺣين ﻣﻮﺗﻪ ﺳﻨﺔ

بمﺪى ﻗﺪرة اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت ﻏير اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻋﲆ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﻐﺮب ﰲ ﻓﻬﻢ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﻋﴫ اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ: »ﻗﻨﺎﻋﺘﻲ أﻧّﻪ إنمّﺎ

ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﻌﺎلم ﻧﻔﺴﻪ، اﻟﺬي اﻧﺒﺜﻖ ﻣﻨﻪ اﻟﻌﺎلم اﻟﺘﻘﻨﻲ، يمﻜﻦ أﻳﻀﺎً أن ﻳﺘﻬﻴّﺄ ﻟﻨﺎ اﻧﻘﻼب أو رﺟﻮع

(، وأنّ ذﻟﻚ ﻻ يمﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث ﻋﱪ ﺗﺒﻨّﻲ ﺑﻮذﻳّﺔ اﻟﺰن، أو ﺗﺠﺎرب اﻟﻌﺎلم اﻟﴩﻗﻴﺔ

eine Umkehr)

ﻣﺎ

( ﻳﺤﺘﺎج إﱃ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﱰاث اﻷوربي وتمﻠّﻜﻪ اﻟﺠﺪﻳﺪ

Umdenken)

اﻷﺧﺮى. إنّ ﺗﻐﻴير ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻔﻜير

.

99

ﻟﺬاﺗﻪ. إنّ اﻟﻔﻜﺮ ﻻ ﻳﺘﻐيرّ إﻻ ﺑﻮﺳﺎﻃﺔ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺬي ﻟﻪ اﳌﺼﺪر واﳌﺼير ﻧﻔﺴﻪ«

اﻟﻮاﻗﻊ أنّ اﻟﻘﺮآن ﻟﻴﺲ ﻧﺼّﺎً، أو ﻣﺼﺤﻔﺎً، إﻻ ﻋﺮﺿﺎً؛ أي ﺗﺤﺖ وﻃﺄة ﺳﻠﻄﺔ، أو ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﺄوﻳﻞ ﻣﺎ.

وﺣﺪﻫﺎ اﳌﺆﺳﺴﺔ ﺗﺤﺘﺎج إﱃ ﻣﺼﺎﺣﻒ. وﻟﺬﻟﻚ، ﻻ ﻳﻄﻮل ﻧﻘﺪ اﳌﺼﺎﺣﻒ ﺳﻮى اﳌﺆﺳﺴﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ.

ﻳﺒﺪو ﻟﻨﺎ أنّ ﻣﺎ ﻳﺠﺪر ﺑﺎﻟﻔﻠﺴﻔﺔ أن ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻨﻪ ﰲ اﻟﻘﺮآن، ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻮ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻣﻌﻨﻰ ﻓﺬّة

واﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﰲ أﻓﻖ اﻟﻌﺮب اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺎﴏوه، أﻣﺮٌ ﻗﺪ أدّت ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻘﺮآﻧﻴﺔ، ﻣﻨﺬ ﻗﺮﻧين، إﱃ

وأده، أو ﺣﺠﺒﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺮﻋﺐ. إنّ ﻛﻞّ اﻷﺳﺌﻠﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﺣﻮل اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪّس ﰲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ

م( إﱃ ﻛﺘﺎﺑﺎت رﻳﻜﻮر ﻋﻦ اﻟﻬﺮﻣﻴﻨﻮﻃﻴﻘﺎ اﻟﻜﺘﺎﺑﻴﺔ، ﻇﻠّﺖ أﺳﺌﻠﺔ

45

اﻷوربي، ﻣﻨﺬ ﻓﻴﻠﻮن اﻟﺴﻜﻨﺪري )ت

ﺗﺄوﻳﻠﻴﺔ ﻣﻮﺟﺒﺔ، ﺳﻮاء ﰲ ﻓﱰة اﻟﺘﺄوﻳﻞ اﻵﺑﺎئي، أم اﻟﺘﺄوﻳﻞ اﻟﻔﻴﻠﻮﻟﻮﺟﻲ، وﻧﻌﻨﻲ أﻧﻬﺎ ﻗﺎئمﺔ ﻋﲆ ﻣﴩوع

إﻧﺘﺎج اﳌﻌﻨﻰ، أو ﺗﻠﻘّﻴﻪ داﺧﻞ ﺗﺮاث ﻳﺆرّخ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ، دون أيّ إزﻋﺎج أﺧﻼﻗﻲ ﻣﻦ ﻃﺮف

ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻣﻌﺎدﻳﺔ ﻟﻪ، أو ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻋﻨﻪ. وﻟﺬﻟﻚ، ﻣﻦ اﳌﺆلم أنّ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺘﺴﺎءل: ﳌﺎذا لم ﺗﻘﻢ، إﱃ

اﻵن، دراﺳﺎت ﻗﺮآﻧﻴﺔ ﻣﻮﺟﺒﺔ؟ وﻷيّ ﺳﺒﺐ ﺗﻢّ ﺣﴫ اﻟﺒﺤﻮث ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻘﺮآن ﰲﴐوب وأﻟﻮان ﻣﻘﻴﺘﺔ

97 - ibid.

98 - ibid, p. 299.

99 - M. Heidegger, »Nur noch ein Gott kann uns retten«, in: Der Spiegel, 31. Mai 1976, pp. 214-217.

اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ واﻟﻘﺮآن