Next Page  159 / 242 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 159 / 242 Previous Page
Page Background

اﻟﻌﺪد

(12)

158

ﻣﻠﺨﱠﺼَﺔً وﻣﺒﺴﱠ ﻄﺔً وﻣﻨﺘﻘﺎة، وﻫﻲ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻀﺎﻣين ﻛﺎﻧﺖ راﺋﺠﺔ ﻣﺘﻌﺎرﻓﺎً ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ اﻷدﺑﻴﺎت اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ

اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﳌﺘﻮاﻓﺮة ﺑﺎﻟﻠﺴﺎن اﻟﻌﺮبي ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎني ﻋﴩ اﳌﻴﻼدي. ﻫﻜﺬا، ﻻ ﻧﻜﺎد ﻧﻠﻤﺲ، ﻛما ﻫﻮ اﻟﺸﺄن

ﻋﻨﺪ اﺑﻦ رﺷﺪ ﻣﺜﻼً، اﺷﺘﻐﺎﻻً ﺻﺎرﻣﺎً ﻋﲆ اﳌﻔﻬﻮم، أو اﻋﺘماداً واﺿﺤﺎً ﻟﺨﻂﱟ ﻓﻜﺮيﱟ ﻣﺤﺪد، أو ﻧﻘﺪاً ﺟﺮﻳﺌﺎً

وﻣﻌﻀﺪاً ﺑﺄﺳﺲ ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ ﻳﺘﺼﺪى ﺑﻪ ﻟﻠﻤﺪارس اﳌﻨﺎوﺋﺔ ﻟﻨﻤﻂ اﻟﺘﻔﻜير اﻟﻌﻘﻼني. وﻣﻊ ذﻟﻚ، ﺗﻨﻢّ ﻛﺘﺎﺑﺔ

اﺑﻦ ﻃﻔﻴﻞ ﻋﻦ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﻮة وﺣﻤﻴ ﱠ ﺔ، وﻋﻦ ﴍاﺳﺔ ﰲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺗﻌﺒيرات

ﺷﻌﺒﻴﺔ. ﻓما ﻫﻲ، إذاً، اﳌﻨﺰﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺘﻨﺰﱠﻟَﻬﺎ ﻣﺜﻞُ ﻫﺬا اﻹﺳﻬﺎم ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻜﺮ؟

. ج ﻣﻨﺰﻟﺔ ﺣﻲّ ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻜﺮ:

2 .2

إن اﻟﻨﺠﺎح اﳌﺆﻛﺪ، اﻟﺬي ﻻﻗﺎه ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﰲ اﻟﻐﺮب اﳌﺴﻴﺤﻲ، وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﰲ اﻟﻌﺎلم اﻟﻌﺮبي

اﻹﺳﻼﻣﻲ، ﻳﺪﻋﻮﻧﺎ -ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ- إﱃ أن ﻧﺘﺴﺎءل ﻋﻦ اﳌﻨﺰﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻮأﻫﺎ، أوّﻻً، ﰲ اﻟﻐﺮب اﻹﺳﻼﻣﻲ، وﺛﺎﻧﻴﺎً،

ﰲ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮبي اﻹﺳﻼﻣﻲ، وﺛﺎﻟﺜﺎً، ﰲ اﻟﻔﻜﺮ اﻹﻏﺮﻳﻘﻲ اﻟﺴﺎﻣﻲ.

ﻻ ﻧﻌﺮف، ﻟﻸﺳﻒ، ﺷﻴﺌﺎً ﻋﻦ اﻟﻜﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻣﻞ ﺑﻬﺎ ﻣﻊ ﻛﺘﺎب )ﺣﻲّ ﺑﻦ ﻳﻘﻈﺎن( ﻣﻌﺎﴏو اﺑﻦ ﻃﻔﻴﻞ

وأﻫﻞ زﻣﺎﻧﻪ، وﻋﲆ اﻷﺧﺺّ دﻋﺎة اﳌﺬﻫﺐ اﳌﻮﺣﺪي. إن ﰲ اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻦ اﻟﻘﺮاﺋﻦ ﻣﺎ ﻳﻘﻮد إﱃ اﻋﺘﻘﺎد أن

ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻊ اﳌﺬﻫﺐ اﳌﻮﺣﺪي )أَﻛﺎن ذﻟﻚ ﻋﻦ اﻗﺘﻨﺎع أم ﰲ إﻃﺎر ﺧﻄﺔ ﻣﺮﺳﻮﻣﺔ؟(، ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻌﻪ ﺣﻮل

ﻧﻘﻄﺔ ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ ﺗﺘﻔﺮّع ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻮاﻗﻒ ﻋﺪة؛ ﻳﺘﻌﻠﻖ اﻷﻣﺮ بمﻔﻬﻮم اﻟﻜﺎﺋﻦ اﻟﻮاﺟﺐ اﻟﻮﺟﻮد، اﻟﺬي ﺗﻮﺻّﻞ إﻟﻴﻪ

ﺣﻲّ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ نمﻂٍ ﻣﻦ اﳌﻌﺮﻓﺔ ﻣﻔﺎرِقٍ، واﻟﺬي ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻹﻟﻪ اﻟﻮاﺣﺪ اﻟﺨﺎﻟﻖ، اﻟﺬي ﺻﺎر ﻳﻌﺒﺪه

أﺻﺎل )ﺑﻌﺪ إﺻﻐﺎﺋﻪ إﱃ ﻛﻼم ﺣﻲّ(، ﻋﻠماً أن أﺻﺎل لم ﻳﺨﺎﻣﺮه اﻟﺸﻚّ، ﺑﺘﺎﺗﺎً، ﰲ أن ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ اﻟﴩﻳﻌﺔ ذات

اﻟﺼﻠﺔ ﺑﺎﻟﻠﻪ اﻟﻌﲇ اﻟﻘﺪﻳﺮ، وبمﻼﺋﻜﺘﻪ وﻛﺘﺒﻪ، وﺑﺎﻟﺠﻨﺔ واﻟﻨﺎر، ﻫﻲ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ رﻣﻮز ﳌﺎ ﺷﺎﻫﺪه ﺣﻲّ ﻣﺸﺎﻫﺪةً

وإﻛﺒﺎر

ﻣﺒﺎﴍةً... ﻟﺤﻈﺘﻬﺎ ﺗﺒينﱠ ﻟﻪ اﻟﺘﻮاﻓﻖ واﻟﺘﻨﺎﻏﻢ ﺑين اﻟﻌﻘﻞ واﻟﻨﻘﻞ، وأﺧﺬ ﻳﻨﻈﺮ إﱃ ﺣﻲّ ﺑﺈﻋﺠﺎب

، واﻟﺘﺸﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻧﺎ(. وﻣﺎ ﻳﺴﱰﻋﻲ

107-106

. وﺗﺤﺼﱠ ﻞ ﻟﻪ اﻟﻴﻘين ﺑﺄﻧﻪ وﱄ ﱞ ﻣﻦ أوﻟﻴﺎء اﻟﻠﻪ... )ص

واﺣﱰام

اﻻﻧﺘﺒﺎه اﺳﺘﻤﺮار اﻟﻐﻤﻮض اﳌﺸﺎر إﻟﻴﻪ آﻧﻔﺎً؛ ﻓﺄﺻﺎل ﻳﺪرك تمﺎم اﻹدراك ﻣﺎ ﻳﺘﺤﲆﱠ ﺑﻪ ﺣﻲّ ﻣﻦ ﺳﻤﻮ ﻋﻘﲇ

وﺗﻔﻮق ﻓﻜﺮي؛ ﻳﱰﺗﺐ ﻋﲆ ذﻟﻚ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻪ أن ﻳﻨﻀﻢ إﱃ ﺟماﻋﺔ اﳌﺆﻣﻨين اﻟﺤﻘﻴﻘﻴين، وﻳﺴﻨﺪ إﻟﻴﻬﺎ؛

أي اﻟﺠماﻋﺔ، ﺻﻔﺔ اﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ واﻟﺴﺪاد. »إن ﻣﺎ ﻳﻌﺘﺬر ﻋﻨﻪ اﺑﻦ ﻃﻔﻴﻞ ﻧﻔﺴﻪ، ﻣﻦ اﻧﻌﺪام اﻟﴫاﻣﺔ ﰲ

(، ﻳﻔﺘﺢ اﻟﺒﺎب ﻋﲆ ﻣﴫاﻋﻴﻪ أﻣﺎم ﻣﻦ ﻳﻜﺘﻔﻮن ﺑﺘﻮاﻓﻖ ﻳﻔﺘﻘﺮ إﱃ اﻟﻮﺿﻮح،

114

اﻟﱪﻫﺎن واﻻﺳﺘﺪﻻل )ص

وﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﻮﺟﺪاني، وﻛﺬا أﻣﺎم ﻣﻦ ﻻ ﻳﻄﻤﺌﻨﻮن إﱃ ﺗﻠﻚ اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﻌﻄﻰ، ﻋﻤﻮﻣﺎً، ﻟﻠﻨﻤﻮ

اﻻﻧﻄﻮائي اﻟﺬي ﻋﺮﻓﻪ ﺣﻲّ. وﻣﻦ ﺛﻢ، إن ﻣﺎ ذﻫﺐ إﻟﻴﻪ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴّﺔ، ﻣﻦ رﺑﻂ ﻣﺘﻌﺠﱢ ﻞ ﺑين اﳌﺬﻫﺐ اﳌﻮﺣﺪي

وﺑين ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ، ﻟﻴﺲ ﻣﻘﻨﻌﺎ ﺑﺎﻟﴬورة.

ﺻﻔﻮة اﻟﻘﻮل: أن ﻛﺘﺎب ﺣﻲّ لم ﻳﻠﻖ، ﻓﻴما ﻳﺒﺪو، إﻻ ﺻﺪىً ﺧﺎﻓﺘﺎً ﰲ اﻟﻐﺮب اﻹﺳﻼﻣﻲ، إﱃ درﺟﺔ أن

ﺗﻘﺪﻳﻢ اﺑﻦ ﻃﻔﻴﻞ