Next Page  219 / 242 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 219 / 242 Previous Page
Page Background

اﻟﻌﺪد

(12)

218

اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﺑين اﻟﻌﻘﻴﺪة واﻟﻌﻘﻞ ﺗﻨﺎﻗﺾ ﻻ يمﻜﻦ ﺗﺠﺎوزه. ﻳﻔﻬﻢ ﻫﺬا اﳌﻮﻗﻒ اﻷﺧير ﺑﺜﻼث ﻃﺮاﺋﻖ: اﻷوﱃ

ﻫﻲ اﻟﺒيروﻧﻴﺔ، وﻫﻲ ﺗﺘﻤﺜّﻞ ﰲ اﻻﻛﺘﻔﺎء ﺑﻬﺬا اﻟﺘﻌﻘﻴﺪ دون اﻹﻓﺼﺎح ﻋﻦ أيّ ﻣﺨﺮج ﻟﺘﺠﺎوز اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ.

اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، وﻫﻲ ذات ﻣﻨﺤﻰ »ﻋﻘﻼني«، ﺗﺘﻤﺜﻞ ﰲ اﻻﻋﱰاف ﺑﺄن اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑين اﻟﻌﻘﻴﺪة واﻟﻌﻘﻞ

ﻣﻤﻜﻦ ﰲ ﺳﻴﺎق اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻜﻮني، ﻏير أﻧﻨﺎ ﻋﺎﺟﺰون ﻧﻈﺮﻳﺎً أو ﻋﻤﻠﻴﺎً )ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاﻫﻦ( ﻋﻦ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ.

اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ، وﻫﻲ ذات ﻣﻨﺤﻰ »إيمﺎني«، وﺗﺆدي إﱃ اﻟﺤﺴﻢ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻹيمﺎن، ﺣﺘﻰ وإن اﻗﺘﴣ ذﻟﻚ

اﻟﺘﺨﲇ ﻋﻦ وﺣﺪة اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ واﻻﻋﱰاف ﺑﺎﻟﺘﻠﺒﺲ، وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل وﺿﻊ ﻧﻈﺎم ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻘﻴﺪة،

ﻻ ﻣﺠﺎل إﻃﻼﻗﺎً ﻻﺗﻔﺎﻗﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﻌﻘﻞ. ﻳﺒﺪو ﺑﺎﻳﻞ، اﻟﺬي ﻳﺮﻓﺾ ﺗﻌﻠﻴﻖ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺬي ﺗﺆدي إﻟﻴﻪ اﻟﺒيروﻧﻴﺔ

ﺑﺎﳌﻌﻨﻰ اﻟﺪﻗﻴﻖ، ﻣﺘﺄرﺟﺤﺎً ﺑين ﺻﻴﻐﺘﻲ اﻟﺒيروﻧﻴﺔ اﻷﺧيرﺗين.

ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻣﻮﻗﻒ ﻻﻳﺒﻨﺘﺰ ﰲ ﻗﺒﻮل ﻧﻈﺎم واﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ وﻫﻮ ﻧﻄﺎم وﺣﻴﺪ، ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻳﻔﻜﺮ

ﰲ اﻟﻔﻮارق اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﺑين اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ )ﺑﺤﺴﺐ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ونمﻄﻬﺎ وﻣﺼﺪرﻫﺎ(. ﻳﻔﱰض ﻣﻮﻗﻒ ﻻﻳﺒﻨﺘﺰ أن

ﺻﻔﺔ اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺗﻜﻤﻦ ﰲ ﻋﻘﻼﻧﻴﺘﻬﺎ، وﻋﺪم ﺗﻨﺎﻗﻀﻬﺎ اﳌﻨﻄﻘﻲ أو اﳌﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﻲ. وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ

ﻣﻦ ذﻟﻚ، ﻻ ﺗﻘﺘﴤ ﻫﺬه اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ أن ﺗﻜﻮن ﻓﺼﻮﻟﻬﺎ وﻋﻘﺎﺋﺪﻫﺎ ﻣﻮﺿﻮع ﻓﻬﻢ ﺗﺎم وﺑﺮﻫﻨﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ.

ﻟﻨﻘﻞ، إذاً، إن أﴎار اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ. وﺗﺘﺠﺎوز اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﻌﻘﻞ ﰲ ]ﻗﺪرﺗﻬﺎ[ ﻋﲆ اﻃﻼﻋﻨﺎ ﻋﲆ ﺣﻘﺎﺋﻖ،

ﻣﻦ دوﻧﻬﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﻮﺳﻌﻨﺎ ﺑﻠﻮﻏﻬﺎ ﻣﺎداﻣﺖ ﻻ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﱃ اﻟﺴﻠﺴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮّن ﻋﻘﻠﻨﺎ. وﻳﺒﻘﻰ اﻟﻮﺣﻲ، ﻋﲆ

اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺟﺰﺋﻴﺎً: إﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺪرك إﻻ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ، وﻧﺠﻬﻞ ﻛﻴﻒ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﻫﺬه اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ

ﺑﺎﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﺘﻲ ﻧﻌﺮﻓﻬﺎ. ﻳﻔﴪ ﻫﺬا اﻻﻧﻔﺼﺎل اﻟﺬي ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻜﻮني دﻫﺸﺘﻨﺎ ﺑﻞ ﺣﺮﺟﻨﺎ.

ﻓﻠﻴﺴﺖ اﻟﺪرﺟﺎت اﻟﻮﺳﻄﻰ اﻟﻨﺎﻗﺼﺔ ﻋﻼﻣﺔ ﺗﻌﺎرض أو ﺗﻨﺎﻗﺾ؛ ﺑﻞ ﻫﻲ ﻓﻘﻂ ﻧﻘﻴﺼﺔ ﻋﻘﻞ ﺳﻴﻘﻊ

ﺗﺪارﻛﻬﺎ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة اﻷﺧﺮى. ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻻﻳﺒﻨﺘﺰ، اﻟﻌﻘﻴﺪة ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻨﺎﻗﻀﺔ ﻟﻠﻌﻘﻞ، وﻫﻲ ﺗﺮﻧﻮ إﻟﻴﻪ. إﻧﻬﺎ

اﻧﺘﻈﺎر ورﺟﺎء: ﻫﻮ اﻧﺘﻈﺎر ﻓﻬﻢ ﻛﺎﻣﻞ ورﺟﺎء اﻛﺘﺴﺎب ارﺗﻔﺎع ﻋﻘﲇ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺮى أﺧيراً ﺳﻠﺴﺔ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ

اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ واﳌﺘﺼﻠﺔ.

ﺣﻮل »ﻣﻼءﻣﺔ اﻟﻌﻘﻴﺪة ﻟﻠﻌﻘﻞ«: ﻻﻳﺒﻨﺘﺰ ﺿﺪ ﺑﺎﻳﻞ