Next Page  222 / 242 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 222 / 242 Previous Page
Page Background

اﻟﻌﺪد

(12)

221

إﱃ إﻗﻨﺎع ﻣﻌﺎرض ﻣﺎ ﺑﻮﺳﺎﻃﺔ ﺣﺠﺞ ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ، وﻳﺼﺒﺢ اﻹﻛﺮاه وﺳﻴﻠﺔ أﻛثر ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ وأﻛثر ﻣﴩوﻋﻴﺔ

ﻟﺘﻐﻴير ﻋﻘﻴﺪة اﻟﻨﺎس.

ﻟﻘﺪ اﺳﺘﻌﺎد اﻟﺒﺎﺑﺎ، وﻫﻮ ﻳﺤﺎول اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﲆ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ﻣﺴﻴﺤﻴﺔ، ﺗﻬﻤﺔ ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺨﻄﻮرة ﻣﻮﺟﻬﺔ ﺿﺪ

اﻹﺳﻼم دون أن ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪﻫﺎ: إذ أﻋﻠﻦ ﻻﻋﻘﻼﻧﻴﺔ اﻟﻠﻪ، وﻣﻦ ﺛَﻢﱠ ﻣﴩوﻋﻴﺔ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺪﻳﻨﻲ. ﻓﺄﺳﺲ

اﻟﺒﺎﺑﺎ ﺑﻮﻧﻮا اﻟﺴﺎدس ﻋﴩ، دون أن ﺗﻜﻮن ﻟﻪ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ بمﺬاﻫﺐ ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم اﻹﺳﻼﻣﻲ، ﺗﻠﻚ

اﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﻋﲆ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﻟﻨﺎﴍ اﻟﻨﺺ ﺛﻴﻮدور ﺧﻮري ﺗﻘﻮل: »إن اﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ﻋﲆ

ﻋﻜﺲ ]اﻟﻌﻘﻴﺪة اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ[، ﻣﻄﻠﻖ اﻟﺘﻌﺎﱄ، وإن إرادﺗﻪ ﻻ ﺻﻠﺔ ﻟﻬﺎ ﺑﺄﻳﺔ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﻣﻦ ﻣﻘﻮﻻﺗﻨﺎ ﺣﺘﻰ وﻟﻮ

. وﻗﺪ ﻋﺰّز اﻟﻨﺎﴍ ﻧﻔﺴُﻪ ﻫﺬا اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ اﻟﺬي ﻳﺒﺪو ﻗﻄﻌﻴﺎً ﺣﻮل »اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ«

3

ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ«

م(،

1064/994 ؛

456/384)

ﺑﺎﻹﺣﺎﻟﺔ إﱃ واﺣﺪ ﻣﻦ ﻋﻠماء اﻟﻜﻼم اﳌﺴﻠﻤين ﻫﻮ اﺑﻦ ﺣﺰم اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ

اﻋﺘماداً ﻋﲆ ﺑﺎﺣﺚ ﻓﺮﻧﴘ ﰲ اﻹﺳﻼم ﻳﻨﺘﻤﻲ إﱃ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎني ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﻫﻮ روﺟﻲ أرﻧﺎﻟﺪﻳﺰ

اﻟﺬي ﻳﺮى أن اﺑﻦ ﺣﺰم »ذﻫﺐ إﱃ ﺣﺪّ اﻟﻘﻮل إنّ اﻟﻠﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻠﺰﻣﺎً ﺑﺎﻟﺘﻘﻴﺪ ﺑﻜﻠﻤﺘﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ، وﻻ ﳾء

.

4

ﻳﻠﺰﻣﻪ ﺑﻜﺸﻒ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻟﻨﺎ. ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ إرادﺗﻪ وﺟﺐ ﻋﲆ اﻹﻧﺴﺎن أن ﻳﻜﻮن وﺛﻨﻴﺎً«

اﻋﱰف ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﺎن ﺟﺎﻣﺒﻲ، ﰲ ﻣﻘﺎل ﻇﻬﺮ ﺑﻌﻴﺪ ﻣﺤﺎﴐة اﻟﺒﺎﺑﺎ وﻣﺎ ﺗﻼﻫﺎ ﻣﻦ ﺟﺪال، أنّ ﺑﻮﻧﻮا

اﻟﺴﺎدس ﻋﴩ لم ﻳﻜﻦ ﻳﺮﻣﻲ ﰲ ﻣﺤﺎﴐﺗﻪ ﺳﻮى إﱃ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻣﺜﺎل ﻟﺘﻤﻴﻴﺰ اﻟﻼﻫﻮت اﳌﺴﻴﺤﻲ ﻟﻠﻌﻘﻞ أو

اﻹرادة، وأﻛﺪ ﺟﺎﻣﺒﻲ ﻋﲆ ذﻟﻚ اﻻﺧﺘﺰال اﻟﻐﺮﻳﺐ اﻟﺬي بمﻮﺟﺒﻪ ﴎﻋﺎن ﻣﺎ أﺻﺒﺢ اﺑﻦ ﺣﺰم اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ،

ﻋﺎلم اﻟﻜﻼم اﻷﻧﺪﻟﴘ، اﻟﺬي ﻋﺎش ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺤﺎدي ﻋﴩ، واﳌﻤﺜﻞ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً ﻟﻠﻤﺬﻫﺐ اﻟﻈﺎﻫﺮي،

ﻋﻼﻣﺔ ﻋﲆ ﻣﺠﻤﻮع »اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ«. »يمﻜﻦ ﻋﲆ أﺳﺎس ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ ﺑﺎﻟﺬات ﺗﺼﺤﻴﺢ اﻷﺣﺎدﻳﺔ

اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻮب اﺳﺘﻨﺎد اﻟﺒﺎﺑﺎ إﱃ ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻹﻣﱪاﻃﻮر اﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻲ. وﻣﻦ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﺟﺪاً أن ﻳﺮﻳﺪ اﻟﺒﺎﺑﺎ ﺑﻮﻧﻮا

اﻟﺴﺎدس ﻋﴩ أن ﻳﺘﺠﺎﻫﻞ ﻫﻨﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﻜﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﻜﺮ ﰲ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﻠﻪ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ،

. ﻳﺬﻛﺮ اﻟﺒﺎﺑﺎ

5

ﻟﻴﺲ ﰲ إﻃﺎر ﺗﺠﺮﻳﺪ اﻟﻠﻪ ﻛﻠﻴﺎً ﻣﻦ ﺻﻔﺔ اﻟﻌﻘﻞ، وإنمﺎ ﰲ إﻃﺎر اﻹﻧﺠﺎز اﻟﺘﺎم ﻟﻬﺬا اﻟﻌﻘﻞ«

ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص ﺑﻐﻨﻰ اﻟﱰاث اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺬي ﺗﺸﻜﻞ ﺑﺪوره ﻋﲆ ﻳﺪ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻴﻮﻧﺎني، ﻣﺤﻠﻼً ﺑﺪﻗﺔ

اﳌﺴﻠمات اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن دﻓﻌﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺎﺣﺜين اﻟﻔﺮﻧﺴﻴين ﰲ اﻹﺳﻼم؛ أﻣﺜﺎل روﺟﻲ أرﻧﺎﻟﺪﻳﺰ، إﱃ

اﻋﺘﺒﺎر ﺑﻌﺾ اﳌﺆﻟﻔين اﻷﻗﻞ ﺗﺄﺛﺮاً ﺑﺎﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﻬﻠﻴﻨﻴﺴﺘﻴﺔ، ﻣﺜﻞ اﺑﻦ ﺣﺰم، ﻳﺤﻤﻠﻮن ﻓﻜﺮاً إﺳﻼﻣﻴﺎً أﻛثر

أﺻﺎﻟﺔ؛ وﻫﺬا ﺣﻜﻢ ﻣﺴﺒﻖ وﻗﻊ اﻟﺒﺎﺑﺎ ﺿﺤﻴﺔ ﻟﻪ ﻋﻦ ﻏير وﻋﻲ، ﻟﻜﻨﻪ ﺣﻜﻢ ﻣﺴﺒﻖ واﺿﺢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻨﺎ.

ﻟﻴﺲ اﺑﻦ ﺣﺰم ﻫﻮ اﻹﺳﻼم ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ، ﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻫﻮ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺘﻌﺎﻟﻴﻢ اﳌﻨﺴﻮﺑﺔ إﻟﻴﻪ؟ ﻳﱰدد ﻛﺜيرون ﰲ

3 - Entretiens, p. 144, n. 1.

4 - Arnaldez, Grammaire et Théologie chez Ibn Hazm de Cordoue, p. 13, cité in Entretiens, p. 144.

5 - Jambet, «Les malentendus de Ratisbonne: l’islam, la volonté et l’intelligence», p. 13.

ﺑﻘﻠﻢ: أدرﻳﺎن ﻛﻮﻧﺪﻳﺎر / ﺗﺮﺟﻤﺔ: ﻫﺪى ﻛﺮيمﲇ