Next Page  224 / 242 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 224 / 242 Previous Page
Page Background

اﻟﻌﺪد

(12)

223

ذﻫﺐ اﻷﺷﻌﺮﻳﺔ إﱃ أنّ ﻋﻠﻢ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﱃ واﻗﻊ ﻣﻊ ﻋﺎﳌﻨﺎ ﺗﺤﺖ ﺣﺪّ واﺣﺪ. ﻗﺎل أﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ، وﻫﺬا ﺧﻄﺄ

ﻓﺎﺣﺶ؛ إذ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﻃﻞ أن ﻳﻘﻊ ﻣﺎ لم ﻳﺰل )ﻣﻊ ﻣﺎ لم ﻳﻜﻦ ﺗﺤﺖ ﺣﺪّ، وﻣﺎ لم ﻳﺰل ﻓﻼ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ، وﻣﺎ ﻻ

ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ ﻓﻼ ﺣﺪ ﻟﻪ؛ ﻷن اﻟﺤﺪ ﻫﻮ ﺣﴫ اﻟﻨﻬﺎﻳﺎت(. وﻋﻠﻢ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﱃ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﻏير اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﱃ، ﻋﲆ ﻣﺎ

.

9

ﺑﻴﻨﺎ ﻗﺒﻞ وﺑﺎﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﱃ اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ

ﻳﺤﻴﻞ اﺑﻦ ﺣﺰم ﻋﲆ اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎني ﻣﻦ ﻛﺘﺎب )اﻟﻔﺼﻞ(، اﻟﺬي ﻋﺮض ﻓﻴﻪ ﺑﺈﺳﻬﺎب اﺧﺘﻼﻓﻪ ﻣﻊ اﳌﺪرﺳﺔ

اﻷﺷﻌﺮﻳﺔ ﰲ اﳌﺴﺄﻟﺔ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻟﻜﻼم اﻹﺳﻼﻣﻲ اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺼﻔﺎت اﻹﻟﻬﻴﺔ، وﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺻﻔﺔ

. وﻳﻌﱪّ ﻣﺠﺪداً ﻋﻦ رﻓﻀﻪ اﻟﴫﻳﺢ ﳌﺬﻫﺐ أﺣﺎدﻳﺔ اﻟﺼﻔﺎت اﻹﻟﻬﻴﺔ، اﻟﺬي ﻳﺬﻫﺐ إﱃ أن

10

اﻟﻌﻠﻢ

ﻟﻔﻆ »اﻟﻌﻠﻢ« ﻳﻔﻬﻢ ﺑﺎﳌﻌﻨﻰ ﻧﻔﺴﻪ، ﺳﻮاء ﻃﺒّﻖ ﻋﲆ اﻟﻠﻪ أم ﻋﲆ اﻹﻧﺴﺎن. إﻻ أﻧّﻪ ﻳﺴﻨﺪ ﻫﺬا اﳌﻮﻗﻒ

: إنّ ﻣﻮﻗﻒ اﻷﺷﻌﺮي، ﻛما ﻫﻮ وارد ﰲ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ

11

إﱃ ﻣﺪرﺳﺔٍ ﻳﺒﺪو أﻧّﻬﺎ لم ﺗﻘﻞ ﺑﻪ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق

اﻟﺘﻲ وﺻﻠﺘﻨﺎ، ﻻ ﻳﻘﻮم ﻋﲆ أﺣﺎدﻳﺔ اﳌﻌﻨﻰ ﻛما ﻳﺆﻛّﺪ ﻫﻨﺎ اﺑﻦ ﺣﺰم، وإنمﺎ ﻋﲆ اﻟﻘﻴﺎس ﺑين اﻹﻟﻬﻲ

. ﺑﻴﻨما ﻳﺨﺘﺎر اﺑﻦ ﺣﺰم ﺑﻮﺿﻮح ﻓﻜﺮة ﺗﻌﺪّد اﳌﻌﻨﻰ: إنّ اﻟﻌﻠﻢ، اﳌﺴﻨﺪ إﱃ اﻟﻠﻪ، ﻻ ﻳﺸﱰك

12

واﳌﺨﻠﻮق

ﻣﻊ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﳌﻌﻨﻰ اﻟﺬي ﻧﻔﻬﻤﻪ ﻋﺎدة »ﻻ ﰲ اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ، وﻻ ﰲ اﻟﻨﻮع، وﻻ ﰲ أي ﳾء«. ﻓﺎﻟﺘﻌﺮﻳﻒ

اﻟﺒﴩي ﻟﻠﻌﻠﻢ، اﻟﺬي أﻗﺎﻣﻪ اﺑﻦ ﺣﺰم، ﻛما ﺳنرى، ﻋﲆ اﻟﻴﻘين ﻣﻦ ﺧﻼل تمﻴﻴﺰه ﻟﻠﻌﻠﻢ ﻋﻦ اﻟﺮأي، ﻻ

يمﻜﻦ أن ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﲆ اﻟﻠﻪ. وﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻼزم اﳌﺠﺎزﻓﺔ ﺑﻌﻠﻢ ﻧﻔﺲ إﻟﻬﻲ ﻏير ﻣﺤﺘﻤﻞ وﺑَينﱢِ اﻟﺒﻄﻼن.

ﻫﻞ ﻳﻌﻨﻲ اﺧﺘﻴﺎر ﻣﺒﺪأ ﺗﻌﺪد اﳌﻌﺎني أن اﻟﻘﺮآن ﻻ ﻳﻘﻮل ﺷﻴﺌﺎً ﻣﻌﻘﻮﻻً ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺼﻒ اﻟﻠﻪ »ﺑﺎﻟﻌﺎلم«،

وذﻟﻚ ﺑﺤﺴﺐ ﺧﺼﻮم ﻣﺒﺪأ ﺗﻌﺪّد اﳌﻌﺎني اﻟﺬي ﻳﺘﻬﻤﻮﻧﻪ ﺑﺎﻟﱪﻫﻨﺔ ﺑﺎﻟﻌﺒﺚ؟ ﻳﺒﺪو أنّ اﺑﻦ ﺣﺰم يمﻨﺢ

ﺻﻔﺔ »اﻟﻌﻠﻢ« ﺣﺪاً أدنى ﻣﻦ اﻟﺪﻻﻟﺔ: »إن ﻋﻠﻢ اﻟﻠﻪ ﻟﻴﺲ ﺷﻴﺌﺎً آﺧﺮ ﻏير اﻟﻠﻪ ﻋﻴﻨﻪ«. وﻫﻜﺬا ﻳﺮﻓﺾ أن

يمﻨﺢ اﻟﺼﻔﺎت اﻹﻟﻬﻴﺔ أيّ ﺷﻜﻞ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ أو اﻟﻮﺟﻮد اﻟﺨﺎص. إﻻ أﻧّﻪ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳُﺴﺘﻨﺘَﺞ ﻣﻦ

ﻫﺬه اﻟﺼﻴﻐﺔ اﳌﻘﺘﻀﺒﺔ أﻧﻪ ﻳﻄﺎﺑﻖ ﺑين ﺻﻔﺎت اﻟﻠﻪ وﺟﻮﻫﺮه ﻛما ﻳﻔﻌﻞ اﳌﻌﺘﺰﻟﺔ؛ ﺑﻞ إﻧﻪ ﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ

اﺳﺘﺒﻌﺪ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﳌﻄﺎﺑﻘﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﻏﻴﺎب ﺳﻨﺪ دﻳﻨﻲ. إن ﻟﻪ ﻣﻮﻗﻔﺎً ﺣﺬراً: ﻟﻴﺴﺖ اﻟﺼﻔﺎت ﺳﻮى

ﺗﺴﻤﻴﺎت ﻣﻦ دون ﻣﻀﻤﻮن ﻣﻠﻤﻮس. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﴫح اﻟﻮﺣﻲ ﺑﺄنّ اﻟﻠﻪ ﻋﺎلم، ﻓﺈﻧّﻪ ﻳﻘﻮل إنّ اﻟﻠﻪ ﻳﺮﻳﺪ أن

.242

، ص

5

  - اﻟﻔﺼﻞ، ج

9

)اﻟﻜﻼم ﰲ اﻟﻌﻠﻢ(.

293-308

، ص

2

  - اﻟﻔﺼﻞ، ج

10

-  ﻻ ﻳﺮﺟﻊ اﺑﻦ ﺣﺰم ﻫﻨﺎ إﱃ أيّ ﻣﺼﻨﻒ. إﻧﻪ واﺿﺢ ﺟﺪاً ﰲ اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎني ﻣﻦ ﻛﺘﺎب اﻟﻔﺼﻞ، اﻟﺬي ﻳﺬﻛﺮ ﻓﻴﻪ أﺑﺎ ﺑﻜﺮ اﻟﺒﺎﻗﻼني )ﺗﻮﰲ

11

م(. إﻻ أن ﻣﺬﻫﺐ أﺣﺎدﻳﺔ اﳌﻌﻨﻰ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ أيّ ﻛﺘﺎب ﻟﻬما وﺻﻠﻨﺎ. وﻳﺤﺘﻤﻞ ﺟﺪاً

1015/

ه

406

م(، واﺑﻦ ﻓﺮاق اﻻﺻﻔﻬﺎني )ت

1013/

ه

403

أن ﻳﻜﻮن ﻣﺼﺪر ﻫﺬا اﻹﺳﻨﺎد ﻫﻮ ﻛﺘﺎب اﻟﺴﻤﻨﺎني اﳌﺬﻛﻮر ﻛﺜيراً ﰲ اﻟﻔﺼﻞ، اﻟﺬي ﻳﺤﺘﻤﻞ أن ﻳﻜﻮن اﳌﺼﺪر اﻷﺳﺎﳼ ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻣﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﺑﻦ

ﺣﺰم ﺣﻮل ﻣﺬاﻫﺐ اﳌﺪرﺳﺔ اﻷﺷﻌﺮﻳﺔ. اﻧﻈﺮ:

Schmidtke, «Ibn

azm’s Sources on Ash

ʿ

arism and Mu

ʿ

tazilism», p. 389

- ﺣﻮل اﻟﻘﻴﺎس واﳌﺬﻫﺐ اﻟﻮاﻗﻌﻲ ﻟﻠﺼﻔﺎت ﻋﻨﺪ اﻟﻐﺰاﱄ، اﻧﻈﺮ اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ:

12

Allard, Les attributs divins, spécialement les, p. 228-233 et 281-285.

ﺑﻘﻠﻢ: أدرﻳﺎن ﻛﻮﻧﺪﻳﺎر / ﺗﺮﺟﻤﺔ: ﻫﺪى ﻛﺮيمﲇ