Next Page  225 / 242 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 225 / 242 Previous Page
Page Background

اﻟﻌﺪد

(12)

224

ﻳﺴﻤﻰ ﺑﻬﺬا اﻻﺳﻢ. ﻓﺎﻟﺼﻔﺔ ﻻ ﺗﺨﱪﻧﺎ ﺑﴚء ﻋﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻠﻪ؛ إذ ﻳﺘﻌﻠﻖ اﻷﻣﺮ ﻓﻘﻂ بمﺠﺮد اﺳﻢ ﻳﺄﻣﺮﻧﺎ

اﻟﻠﻪ ﺑﺎﺳﺘﻌماﻟﻪ ﰲ ﺣﻘﻪ.

إن ﻫﺬا اﳌﺬﻫﺐ اﻻﺳﻤﻲ اﳌﺘﻄﺮف، اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺎت اﻹﻟﻬﻴﺔ ﻣﻜﺎﻓﺌﺎت ﻷﺳماء ﻋﻠﻢ ﻣﻮﺣﻰ

ﺑﻬﺎ، ﻳﺒﺪو أﻧﻪ يمﻨﺢ اﻟﺤﻖ ﻟﻨﻘﺪ اﻟﺒﺎﺑﺎ ﺑﻮﻧﻮا اﻟﺴﺎدس ﻋﴩ: ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﺗﺒينُ أيﱢ ﺣﻮارٍ ﺑين اﻷدﻳﺎن،

ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻛﺎن ﺣﻮاراً ﺳﺠﺎﻟﻴﺎً، يمﻜﻦ أن ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻋﲆ أﺳﺎس ﻋﻠﻢِ ﻛﻼمٍ ﻻ ﻳﻌﱰف ﻟﻠﻪ إﻻ ﺑﺄﺳماء ﻋﻠﻢ

ﻣﻮﺣﻰ ﺑﻬﺎ، وﻳﺤﺮم اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺒﴩي ﻣﻦ إدارك أي ﺻﻔﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺗﻪ. ﻛما ﻳﻀﻊ اﺑﻦ ﺣﺰم اﻟﻜﻼم اﻟﺬي

ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎً ﻟﻪ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﻹرادة )ﻃﺎﻋﺔ اﻷﻣﺮ اﻹﻟﻬﻲ( وﻟﻴﺲ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﻘﻞ. وﺑين

ﻫﺬا اﳌﻮﻗﻒ واﻋﺘﺒﺎر اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺪﻳﻨﻲ ﺧﻄﺎﺑﺎً ﻣﻘﺼﻴﺎً ﻣﻦ ﺣﻘﻞ اﳌﻌﺮﻓﺔ، ﺗﻮﺟﺪ ﺧﻄﻮة ﻳﺮﻓﺾ ﻫﺬا

اﳌﺘﻜﻠﻢ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻬﺎ.

اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎً ﻋﻠﻤﻴﺎً

ﺑﻌﺪ أن ﻳﻔﺘﺘﺢ اﺑﻦ ﺣﺰم ذﻟﻚ اﻟﻔﺼﻞ ﺑﺴﺠﺎل ﺣﻮل اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﳌﻜﺘﺴﺒﺔ أو اﻟﴬورﻳﺔ ﻟﻠﻌﻠﻢ، ﻳﻨﺘﻘﻞ

إﱃ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻫﺬا اﻷﺧير اﺳﺘﻨﺎداً إﱃ ﻣﻌﺠﻢ اﻟﻌﻘﻴﺪة:

اﻟﻌﻠﻢ واﳌﻌﺮﻓﺔ اﺳمان واﻗﻌﺎن ﻋﲆ ﻣﻌﻨﻰ واﺣﺪ، وﻫﻮ اﻋﺘﻘﺎد اﻟﴚء ﻋﲆ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ وﺗﻴﻘّﻨﻪ ﺑﻪ

وارﺗﻔﺎع اﻟﺸﻜﻮك ﻋﻨﻪ، وﻳﻜﻮن ذﻟﻚ إﻣﺎ ﺑﺸﻬﺎدة اﻟﺤﻮاس وأول اﻟﻌﻘﻞ، وإﻣﺎ ﺑﱪﻫﺎن راﺟﻊ ﻣﻦ ﻗﺮب أو

ﻣﻦ ﺑﻌﺪ إﱃ ﺷﻬﺎدة وأول اﻟﻌﻘﻞ، وإﻣﺎ ﺑﺎﺗﻔﺎق وﻗﻊ ﻟﻪ ﰲ ﻣﺼﺎدﻓﺔ اﻋﺘﻘﺎد اﻟﺤﻖ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺘﺼﺪﻳﻖ ﻣﺎ

.

13

اﻓﱰض اﻟﻠﻪ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻋﻠﻴﻪ اﺗﺒﺎﻋﻪ ﺧﺎﺻﺔ دون اﺳﺘﺪﻻل

لم ﻳﻌﺪ اﺑﻦ ﺣﺰم إﱃ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻫﺬا اﳌﺼﺪر اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ ﰲ ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ؛ إذ

ﻳﺒﺪو أنّ اﺑﻦ ﺣﺰم أراد أن ﻳﻨﺼﻒ ﺷﻜﻼً ﺧﺎﺻﺎً ﻣﻦ اﳌﻌﺮﻓﺔ، وﻫﻮ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﳌﻼﺋﻜﺔ واﻷﻧﺒﻴﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﻻ

يمﻜﻦ اﻟﻘﻮل إﻧّﻬﻢ ﻳﻔﺘﻘﺮون إﱃ اﻟﻌﻠﻢ، ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻋﻠﻤﻬﻢ ﻻ ﻳﻘﻮم ﻋﲆ ﺷﻬﺎدة اﻟﺤﻮاس وﻻ ﻋﲆ

. إﻻ أﻧّﻪ ﻻ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ اﳌﻌﺮﻓﺔ اﻟﺸﻜﻞ اﳌﻌﻬﻮد ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ

14

اﻟﺒﺪﻳﻬﻴﺎت اﻷوﻟﻴﺔ

ﻟﺪى اﻟﻨﺎس اﻟﻌﺎدﻳين: ﻓﺠﻤﻴﻊ اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﻼﺣﻘﺔ ﺗﺒين أنّ اﳌﻌﺮﻓﺔ اﻟﻌﺎدﻳﺔ، بمﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻠﻚ اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﳌﺎدة

اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ، ﺗﺴﺘﻤﺪّ ﻣﺼﺪرﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﻨﻔين اﳌﻌﺮﻓﻴين اﻷوﻟين.

.242 .

، ص

5

- اﻟﻔﺼﻞ، ج

13

.250

، ص

5

-  ﻳﻮﺿﺢ اﺑﻦ ﺣﺰم رأﻳﻪ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﳌﻼﺋﻜﺔ واﻷﻧﺒﻴﺎء ﰲ ﻓﺼﻞ )ﻛﻼم ﰲ اﳌﻌﺎرف(، اﻟﻔﺼﻞ، ج

14

"وﻋﻠﻢ اﳌﻼﺋﻜﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼم، وﻋﻠﻢ اﻟﻨﺒﻴين ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼم ﺑﺼﺤﺔ ﻣﺎ ﺟﺎءﻫﻢ ﺑﻪ اﳌﻼﺋﻜﺔ، وأوﺣﻰ إﻟﻴﻬﻢ ﺑﻪ ورأوه ﰲ ﻣﻨﺎﻣﻬﻢ ﻋﻠﻢ ﴐوري

ﻛﺴﺎﺋﺮ ﻣﺎ أدرﻛﻮه ﺑﺤﻮاﺳﻬﻢ وأواﺋﻞ ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ، وﻛﻌﻠﻤﻬﻢ ﺑﺄن أرﺑﻌﺔ أﻛثر ﻣﻦ اﺛﻨين، وأن اﻟﻨﺎر ﺣﺎرة، واﻟﺒﻘﻞ أﺧﴬ، وﺻﻮت اﻟﺮﻋﺪ، وﺣﻼوة

ﻟﻚ ﻟﻜﺎن اﳌﻼﺋﻜﺔ واﻟﻨﺒﻴﻮن ﺷﻜﺎﻛﺎً ﰲ أﻣﺮﻫﻢ، وﻫﺬا ﻛﻔﺮ".

ﻚ. وﻟﻮ لم ﻳﻜﻦ اﻷﻣﺮ ﻛﺬ

اﻟﻌﺴﻞ، وﻟبن اﻟﺤﻠﻴﺐ، وﺧﺸﻮﻧﺔ اﻟﻘﻨﻔﺬ، وﻏير ذﻟ

ﻣﺂزق اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ...اﻹﺑﺴﺘﻤﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﻼﻫﻮﺗﻴﺔ ﻻﺑﻦ ﺣﺰم اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ