اﻟﻌﺪد
(12)
225
ﻻ ﻳﺘﺴﻢ ﺗﺼﻮر اﺑﻦ ﺣﺰم ﻟﻠﻌﻠﻢ ﺑﺄﻳﺔ أﺻﺎﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﻫﺬه اﳌﺮﺣﻠﺔ؛ إذ ﻳﺒﺪو ﻓﻴﻪ اﻟﺘﺄﺛير اﻟﻮاﺿﺢ
.
15
( ﰲ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺮاﺑﻊ ﻣﻦ اﻷورﻏﺎﻧﻮن
apódeixis)
( ﻋﲆ اﻟﱪﻫﻨﺔ
epist
ḗ
m
ē
ﻷرﺳﻄﻮ اﻟﺬي أﻗﺎم اﻟﻌﻠﻢ )
ﺗﺴﺘﻨﺪ اﻟﱪﻫﻨﺔ ﻋﲆ اﳌﺴﻠمات اﻟﺒﺪﻳﻬﻴﺔ ﻏير اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﱪﻫﻨﺔ )»اﻟﻜﻞ أﻛﱪ ﻣﻦ اﻟﺠﺰء«(، وﺗُﺴﺘﺨﺮَجُ ﻣﻨﻬﺎ
ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ إﺟﺮاءات ﻋﻘﻠﻴﺔ ﺻﺎرﻣﺔ )اﻟﻘﻴﺎس اﳌﻨﻄﻘﻲ( اﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎتٌ ﻳﻘﻴﻨﻴﺔُ؛ أي ذاتُ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﴐورﻳﺔ
وﻛﻮﻧﻴﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ؛ ﻓﺎﻟﻌﻠﻢ ﻻ ﻳﺘﻤﻴّﺰ ﻋﻦ أﻧﻮاع اﻟﺨﻄﺎﺑﺎت اﻷﺧﺮى، ﻛﺎﻟﺒﻼﻏﺔ واﻟﺠﺪل، ﺑﺎﺳﺘﻌماﻟﻪ ﻹﺟﺮاءات
.
16
ﻋﻘﻠﻴﺔ، وإنمّﺎ ﺑﺎﻷﺳﺎس اﻟﺒﺪﻳﻬﻲ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل اﻟﺬي وﺣﺪه ﻳﺆدي إﱃ اﻟﻴﻘين
وإذا ﻛﺎن ﺗﺪاول ﻛﺘﺎب اﻷورﻏﺎﻧﻮن ﻷرﺳﻄﻮ ﰲ اﻷﻧﺪﻟﺲ ﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻣﺎ زال ﻣﺤﻂ ﺧﻼف وﻏير
، ﻓﻤﻦ اﳌﺆﻛّﺪ أنّ اﺑﻦ ﺣﺰم ﻛﺎن، ﺧﻼﻓﺎً ﻟﺬﻟﻚ، ﻋﲆ ﻣﻌﺮﻓﺔ بمﺒﺎدئ ﻣﻨﻄﻖ أرﺳﻄﻮ، وأﻧﻪ ﻛﺎن
17
ﻣﺘﺄﻛّﺪ ﻣﻨﻪ
أول أﻧﺪﻟﴘ ﻋﺮض ﻫﺬه اﳌﺒﺎدئ وﴍﺣﻬﺎ، إﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﳌﺪﺧﻞ إﱃ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﳌﻨﻄﻖ ﻟﻔﻮرﻓﻮرﻳﻮس اﻟﺼﻮري،
. وﻟﻴﺲ ﻣﻔﺎﺟﺌﺎً، إذاً، أن ﻧﺠﺪه ﻫﻨﺎ ﻳﻌﺮف اﻟﻌﻠﻢ؛ أي
18
ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )اﻟﺘﻘﺮﻳﺐ ﻟﺤﺪ اﳌﻨﻄﻖ واﳌﺪﺧﻞ إﻟﻴﻪ(
وﺳﻴﻠﺔ اﳌﻌﺮﻓﺔ اﻟﻴﻘﻴﻨﻴﺔ، ﺑﻮﺳﺎﻃﺔ اﻹﺟﺮاءات ﻧﻔﺴﻬﺎ: اﳌﺴﻠمات ﻏير ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﱪﻫﻨﺔ، وﺷﻬﺎدة اﻟﺤﻮاس أو
»اﻟﺒﺪﻳﻬﻴﺎت اﻷوﱃ«، ﺛﻢّ ﻛﻞّ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﺢ اﻟﱪﻫﺎن ﺑﺎﺳﺘﻨﺘﺎﺟﻪ ﻣﻦ ﻫﺬه اﳌﺴﻠمات ﺑﺼﻮرة ﴐورﻳﺔ.
ﻛﻴﻒ أدﻣﺞ اﺑﻦ ﺣﺰم اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﰲ ﻫﺬا اﻹﻃﺎر اﻹﺑﺴﺘﻤﻮﻟﻮﺟﻲ اﻷرﺳﻄﻲ اﻟﺬي ﺗﻢّ ﺗﺼﻮره
ﻟﻺﺣﺎﻃﺔ ﺑﺎﻟﻬﻨﺪﺳﺔ اﻹﻗﻠﻴﺪﻳﺔ أﻛثر ﻣﻨﻪ ﺑﺎﻟﻮﺣﻲ اﻟﻘﺮآني؟ ﻟﺬﻟﻚ ﻟﺠﺄ اﺑﻦ ﺣﺰم إﱃ إﻗﺎﻣﺔ تمﻴﻴﺰ ﰲ
اﻟﺼﻔﺤﺎت اﻷوﱃ ﳌﺆﻟﻔﻪ ﺑﻌﺪ أن أﻋﻠﻦ ﻋﻦ ﻧﻴﺘﻪ ﰲ ﻛﺘﺎب اﻟﻔﺼﻞ أن ﻻ ﻳﺨﻂ ﺳﻄﺮاً واﺣﺪاً ﻏير ﻣﱪﻫﻦ
ﻋﻠﻴﻪ ﺑﴫاﻣﺔ. ﻫﻜﺬا ﻋﺮض اﺑﻦ ﺣﺰم ﻣﻨﻬﺠين ﻟﻠﱪﻫﻨﺔ: اﳌﻨﻬﺞ اﻷول ﻳﻄﺎﺑﻖ اﳌﻨﻬﺞ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻷرﺳﻄﻲ
اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﲆ ﻣﺒﺎدئ ﺑﺪﻳﻬﻴﺔ أو ﴐورات أوﻗﻌﻬﺎ اﻟﻠﻪ ﰲ اﻟﻨﻔﺲ. واﳌﻨﻬﺞ اﻟﺜﺎني ﻳﺸﻜﻞ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﺣﺎﻟﺔ
ﺧﺎﺻﺔ:
وﻣﻦ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﺑﺄنّ ﻋﻠﻢ اﻟﻐﻴﺐ ﻻ ﻳُﻌﺎرض ﺻﺢّ ﴐورةً أﻧﻪ ﻻ يمﻜﻦ أن ﻳﺤكي أﺣﺪ ﺧﱪاً ﻛﺎذﺑﺎً
15- Aristote, Seconds Analytiques, 72b21-22.
- إنّ اﻟﻨﻘﺎﺷﺎت اﻟﻔﺎرﻏﺔ، اﻟﺘﻲ أﺛﺎرت اﻟﻌﻠماء ﺣﻮل اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﳌﻜﺘﺴﺒﺔ أو اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ )وإذاً اﻟﴬورﻳﺔ واﻟﻜﻮﻧﻴﺔ( ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ ﺗﻌﻮد إﱃ ﺟﻬﻠﻬﻢ
16
(؛ ذﻟﻚ أنّ أﺑﺴﻂ اﳌﺴﻠمات
241
، ص
5
ﺑﻬﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ، ﻛما ﻳﺮى اﺑﻦ ﺣﺰم ذﻟﻚ ﺑﺪءاً ﻣﻦ اﻷﺳﻄﺮ اﻷوﱃ ﻟﺒﺤﺚ )ﻛﻼم ﰲ اﳌﻌﺎرف( )اﻟﻔﺼﻞ، ج
ﻟﻴﺴﺖ ﺣﺎﴐة ﰲ ذﻫﻦ ﺣﺪﻳﺚ اﻟﻮﻻدة، ﻟﻜﻨﻪ ﺳﻴﻜﺘﺴﺒﻬﺎ ﺑﺎﻟﴬورة أﺛﻨﺎء نمﻮه.
: "وﻣﻦ ﺛﻢ، إن ارﺗﺒﺎط اﺑﻦ ﺣﺰم
415 .
- إﻧﻬﺎ اﻟﺨﻼﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺻﻠﺖ إﻟﻴﻬﺎ دراﺳﺔ ﻏيرﻳﺮو "أرﺳﻄﻮ واﺑﻦ ﺣﺰم: ﰲ ﻣﻨﻄﻖ ﻛﺘﺎب اﻟﺘﻘﺮﻳﺐ"، ص
17
ﺑﺎﻟﺘﻘﻠﻴﺪ اﳌﻨﻄﻘﻲ ﻟﻠﻌﺎلم اﻹﺳﻼﻣﻲ اﳌﴩﻗﻲ، اﻟﺬي ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﲆ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ اﳌﻨﻄﻘﻲ اﻟﻴﻮﻧﺎني اﻟﺬي ﺗﻌﺪّ ﻧﺸﺄﺗﻪ إﱃ أرﺳﻄﻮ، ﻳﺒﺪو ارﺗﺒﺎﻃﺎً ﻣﻌﻘﻮﻻً،
ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﺗﺄﻛﻴﺪه ﺑﻨﺼﻮص وﺳﻴﻄﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻛﺘﺸﺎﻓﻬﺎ. ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﺑﺮﻫﺎن ﻳﺆﻛﺪ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ اﳌﺒﺎﴍة ﺑﺄرﺳﻄﻮ واﻷرﻏﺎﻧﻮن. وﻣﻦ
ثمﺔ يمﻜﻦ أن ﻧﺴﺘﻨﺘﺞ أن أرﺳﻄﻮ لم ﻳُﻘﺮَأ ﺧﻼل اﻟﻨﺼﻒ اﻷول ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﺨﺎﻣﺲ اﻟﻬﺠﺮي/ اﻟﺤﺎدي ﻋﴩ اﳌﻴﻼدي".
Guerrero, «Aristotle and Ibn
Ḥ
azm. On the Logic of the Taqr
ī
b», p. 415
.2007 ،
- اﺑﻦ ﺣﺰم، اﻟﺘﻘﺮﻳﺐ ﻟﺤﺪ اﳌﻨﻄﻖ واﳌﺪﺧﻞ إﻟﻴﻪ ﺑﺎﻷﻟﻔﺎظ اﻟﻌﺎﻣﻴﺔ واﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ، ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺒﺤﻮث اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ
18
ﺑﻘﻠﻢ: أدرﻳﺎن ﻛﻮﻧﺪﻳﺎر / ﺗﺮﺟﻤﺔ: ﻫﺪى ﻛﺮيمﲇ