Next Page  223 / 242 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 223 / 242 Previous Page
Page Background

اﻟﻌﺪد

(12)

222

اﻋﺘﺒﺎره ﺻﺎﺣﺐ ﺗﻌﺎلٍ إﻟﻬﻲﱟ ﻳﺘﺠﺎوز ﻛﻞ ﻣﺠﻬﻮداﺗﻨﺎ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ، إﱃ درﺟﺔِ ﺟﻌﻞِ اﻟﻌﻨﻒِ اﻟﻮﺳﻴﻠﺔَ اﻟﻮﺣﻴﺪةَ

اﳌﻘﺒﻮﻟﺔ ﻟﻠﺤﻮار ﺑين اﻷدﻳﺎن. واﻟﻮاﻗﻊ أﻧﻪ ﻣﺆﻟﻒ ﻛﺘﺎب ذي أﻫﻤﻴﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ، ﻫﻮ ﻛﺘﺎب )اﻟﻔِﺼَﻞِ ﰲ

، ﺑﺬل ﻓﻴﻪ ﻣﺠﻬﻮداً ﻛﺒيراً ﰲ اﻟﺠﺪال اﻟﺪﻳﻨﻲ. وﻗﺪ أﺳﺲ ﻓﻴﻪ ﻋﲆ اﺳﺘﺪﻻل

6

اﳌﻠﻞ واﻷﻫﻮاء واﻟﻨﺤﻞ(

ﻋﻘﲇﴏﻳﺢ ﺗﻔﻨﻴﺪاً ﺻﺎرﻣﺎً ﻟﻠﻤﺬاﻫﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﺎرض ﻣﻊ ﻣﺬﻫﺒﻪ؛ أي اﻟﻨﺰﻋﺎت اﻟﻜﻼﻣﻴﺔ ﰲ اﻹﺳﻼم اﻟﺘﻲ

اﺧﺘﻠﻒ ﻣﻌﻬﺎ )اﳌﻌﺘﺰﻟﺔ واﻷﺷﻌﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﱃ، ﻟﻜﻦْ ﺣﺮﻛﺎت ﻋﺪﻳﺪة أﺧﺮى(، واﻟﺪﻳﺎﻧﺎت اﻷﺧﺮى،

ﺑﺪاﻳﺔ ﺑﺎﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ واﳌﺴﻴﺤﻴﺔ؛ إذ ﻫﺎﺟﻢ ﺑﻜﻴﻔﻴﺔ أﺻﻴﻠﺔ ﻻﻋﻘﻼﻧﻴﺔ اﻟﻜﺘﺐ اﳌﻘﺪﺳﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ واﳌﺴﻴﺤﻴﺔ،

وﻛﺎن ﻳﺮﻣﻲ ﺑﻬﺬا اﻟﺠﺪال، اﻟﻌﻨﻴﻒ ﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ، إﱃ إﻗﻨﺎع ﻫﺆﻻء اﻟﺘﺎﺋﻬين ﺑﺎﻟﻌﻮدة إﱃ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺤﻖ،

ﻣﻌﺘﻤﺪاً ﻋﲆ اﻟﺤﺠﺎج اﳌﻨﻄﻘﻲ. لم ﻳﻜﻦ ﻟﻴﻜﻮن ﻟﻬﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ اﳌﻌﻨﻰ ﻟﻮ ﺟﻌﻞ اﻟﺘﻌﺎﱄ اﻹﻟﻬﻲ ﻣﻦ

اﻟﱪﻫﻨﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ أﻣﺮاً ﻻ ﻃﺎﺋﻞ ﻣﻨﻪ، وﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎش اﻟﺠﺪاﱄ أﻣﺮاً ﻣﺴﺘﺤﻴﻼً؛ ﺑﻞ إن ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﻳﺘﻀﻤﻦ

ﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻓﻜﺮة أن اﻟﻨﺎس، ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ وأﺷﻜﺎل اﻟﻮﺣﻲ

اﳌﺘﻨﻮﻋﺔ، ﻳﺘﻘﺎﺳﻤﻮن ﺳﺒﻴﻼً ﻣﺸﱰﻛﺎً ﻳﺆدي إﱃ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﻫﻮ اﻟﻌﻘﻞ اﳌﺘﻄﺎﺑﻖ، أو ﻋﲆ اﻷﻗﻞ اﻟﺬي يمﻜﻦ

ﻟﻸﻓﺮاد أن ﻳﺒﻠﻐﻮه ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻟﺒﻌﺾ.

ﻳﺴﻌﻰ ﻫﺬا اﳌﻘﺎل إﱃ ﺗﺠﺎوز ﻫﺬا اﻻرﺗﺒﺎك، ﻣﻦ ﺧﻼل دراﺳﺔ ﻛﺘﺎب )اﻟﻔِﺼَﻞِ( اﳌﺨﺼﺺ ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ

؛ ﺣﻴﺚ ﻳﻮﺿﺢ اﺑﻦ ﺣﺰم ﻓﻴﻪ ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ اﳌﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﻘﺎدرة ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ﻋﲆ ﺗﺮﺳﻴﺦ ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ

7

اﳌﻌﺮﻓﺔ

ﻛﺎﻣﻠﺔ ﰲ اﻟﺠﺪال اﻟﺪﻳﻨﻲ، وﻋﲆ ﺗﺠﺮﻳﺪ اﻟﻌﻘﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﻠﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻨﺎﺳﺐ.

ﺳﻨﻼﺣﻆ أنّ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﰲ اﳌﻌﺮﻓﺔ ﺗﻘﻮد، ﺑﺴﺒﺐ أﺳﺴﻬﺎ ﻧﻔﺴﻬﺎ، إﱃ ﻣﺄزق ﻳﻌﱰض ﻛﻞّ ﻧﻘﺎش ﺑين

اﻷدﻳﺎن ﻳﺴﺘﻨﺪ إﱃ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ.

ﻫﻞ ﺗﻌﺎﱄ اﻟﻠﻪ ﻳﻀﻌﻪ ﺧﺎرج اﻟﻌﻘﻞ؟

اﻟﺘﺒﺎس اﻟﻌﻠﻢ اﻹﻟﻬﻲ

ﻳﺒﺪو أن اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ ﰲ ﻛﺘﺎب )اﻟﻔﺼﻞ( ﻋﻨﻮان »ﻛﻼم ﰲ اﳌﻌﺎرف« ﻳﻌﻄﻲ اﻟﺤﻖ ﳌﻼﺣﻈﺔ

أرﻧﺎﻟﺪﻳﺰ اﻟﺘﻲ وﺳﻌﻬﺎ ﻛﻞّ ﻣﻦ ﺗﻴﺪور ﺧﻮري واﻟﺒﺎﺑﺎ ﻟﺘﺸﺘﻤﻞ ﻋﲆ ﻣﺠﻤﻮع »اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ«.

ﻓﻤﻨﺬ ﺻﻔﺤﺎت اﻟﻔﺼﻞ اﻷوﱃ، وﺑﻌﺪ أن ﻳﻘﺪم اﺑﻦ ﺣﺰم ﺗﻌﺮﻳﻔﺎً ﻋﺎﻣﺎً ﻟﻠﻌﻠﻢ )ﻋﻠماً أنّ اﻟﻌﻠﻢ واﳌﻌﺮﻓﺔ

ﻣﱰادﻓﺎن ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻪ(، ﻳﻘﴢ ﻣﻨﻪ ﻓﻮراً اﻟﻌﻠﻢ اﻹﻟﻬﻲ: »ﻓﻴما ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻌﻠﻢ اﻟﻠﻪ اﻷﻋﲆ ﻓﻼ وﺳﻴﻠﺔ

. ﻟﻴﺲ ذﻟﻚ ﻷﻧّﻪ ﻻ

8

ﻟﺘﻌﺮﻳﻔﻪ، وﻻ ﻳﺘﻘﺎﺳﻢ ﻣﻊ ﻋﻠﻢ اﻟﺨﻼﺋﻖ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎً، وﻻ ﻧﻮﻋﺎً، وﻻ أي ﳾء آﺧﺮ ﺑﺎﳌﺮة«

أﺣﺪ ﺣﺎول اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻬﺬا اﳌﴩوع، وإنمّﺎ ﻷﻧﻪ ﻫﺮاء ﺑينّ:

  - اﺑﻦ ﺣﺰم، ﻛﺘﺎب اﻟﻔﺼﻞ ﰲ اﳌﻠﻞ واﻷﻫﻮاء واﻟﻨﺤﻞ. ﻧﺸير إﻟﻴﻪ ﰲ ﻫﺬا اﳌﻘﺎل ﺑﻜﻠﻤﺔ "اﻟﻔﺼﻞ".

6

)اﻟﻜﻼم ﰲ اﳌﻌﺎرف(.

241-252 .

، ص

5

- اﻟﻔﺼﻞ، ج

7

.242

، ص

5

  - اﻟﻔﺼﻞ، ج

8

ﻣﺂزق اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ...اﻹﺑﺴﺘﻤﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﻼﻫﻮﺗﻴﺔ ﻻﺑﻦ ﺣﺰم اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ