103
2018
. ﺷﺘﺎء
1
اﻟﻌﺪد
وﻫﻜ ـﺬا، ﺗﺒ ـﺪو ﻟﻬﺎﻳﺪﻏ ـﺮ ﻧﻈ ـﺮة ﻣﺨﺘﻠﻔ ـﺔ ﰲ ﻗﺮاءﺗ ـﻪ
ﻟﻠﻤـﻮروث اﻟﻔﻠﺴـﻔﻲ؛ ﻓﻔـﻲ رأﻳـﻪ، وﺑﺤﺴـﺐ ﺗﻌﺒـير ﺳـﺘﻴﺒﺎن
أودوﻳــﻒ، »أنّ اﳌﻔﻜﱢــﺮ اﳌﺄﺧــﻮذ ﺑﻌــين اﻻﻋﺘﺒــﺎر أو ﻋﻤﻠــﻪ
ﻳﻈـﻼن ﻏـير ﻣﻔﻬﻮﻣـين ﺑﻌـﺪ وﻓﺎﺗـﻪ، وﻳﺨﺘﻔﻴـﺎن ﰲ ﻇﻠﻤـﺔ
ﺻﻮﻓﻴـﺔ ﻻ زﻣﻨﻴـﺔ، وﻻ ﺑـﺪﱠ ، ﰲ ﺳـﺒﻴﻞ إﺧﺮاﺟﻬـما ﻣـﻦ ﻫـﺬه
اﻟﺤﺎﻟــﺔ ﺧــﺎرج اﻟﺰﻣﻨﻴــﺔ، وﻋــﺮض ﻣﻐﺰاﻫــما وﻋﻤﻘﻬــما
ﻣــﻦ اﻟﺼﻨــﻒ ذاﺗــﻪ
ﻣﻔﻜﱢــﺮ آﺧــﺮ
اﻟﺤﻘﻴﻘﻴــين، ﻻ ﺑــﺪ ﻣــﻦ
. وﻫـﺬا، ﺑﻄﺒﻴﻌـﺔ اﻟﺤـﺎل، ﻳﺘﻄﻠﱠـﺐ »ﺑﻴـﺎن
1
واﳌﻌﻴـﺎر ذاﺗـﻪ«
اﻹﻣﻜﺎﻧـﺎت اﻟﻜﻤﻮﻧﻴّـﺔ ﻏـير اﳌﺤﻘﱠﻘـﺔ، واﳌﻨﻈـﻮرات اﳌﻨﺴـﻴّﺔ،
اﳌﺘﺨﻔﻴّــﺔ ﰲ أﻋــماق ﻓﻜــﺮه؛ ﻫــﺬا ﻓــﻦّ ﻟﻠﻘــﺮاءة ﺑــين
. وﻟﺬﻟــﻚ، ﻻ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ اﳌــﺮء أن »ﻳﺘﻐﻠﻐــﻞ ﰲ
(2)
اﻟﺴــﻄﻮر«
ﺛﻨﺎﻳــﺎ اﻟﻔﻜــﺮ اﻟﻨ ﱠ ﻈــﺮي اﻟﺴــﺎﺑﻖ إﻻّ إذا ﻋﺎﺷــﻪ ﺣﺪْﺳــﻴﺎً، وﻻ
ﻳﻜﻔـﻲ، ﻣـﻦ أﺟـﻞ ذﻟـﻚ، أن ﻳﺘﻌﻠﱠـﻢ ﻗـﺮاءة ﻣـﺎ ﻛُﺘـﺐ وﻗﻴـﻞ ﺑﺼـﻮرة ﺣﺮﻓﻴـﺔ، وأن ﻳﻔﻬـﻢ ﻣـﺎ ﻓُﻜﱢـﺮ؛ ﺑـﻞ اﻟـﴚء
.
3
؛ ﻣ ـﺎ ﻳﺴـﺘﱰ ﺧﻠ ـﻒ اﻟﻨ ﱠ ـﺺ«
ﻳﻔﻜﱢ ـﺮ ﻣ ـﺎ لم ﻳﻘ ـﻞ
اﻷﺳ ـﺎﳼ ﻫـﻮ أن ﻳﺘﻌﻠﱠ ـﻢ اﻟﻘ ـﺮاءة ﺑ ـين اﻟﺴـﻄﻮر، وأن
إنّ ﻛﻞ اﻟﻜﺘﺎﺑـﺎت اﻟﻬﺎﻳﺪﻏﺮﻳـﺔ اﻟﻘﺮاﺋﻴـﺔ ﻋـﻦ ﻓﻼﺳـﻔﺔ وﺷـﻌﺮاء آﺧﺮﻳـﻦ إنمّـﺎ ﺗﻨﻄﻠـﻖ ﻣـﻦ اﻟﻨﻈـﺮ إﻟﻴﻬـﺎ
. وﻋﻨﺪﻣ ـﺎ ﻧﻈ ـﺮ ﻫﺎﻳﺪﻏ ـﺮ إﱃ اﻟﻘ ـﺮاءات اﻟﺴـﺎﺑﻘﺔ ﻟ ـﻪ،
4
ﻋ ـﲆ أﻧﻬ ـﺎ ﻛﻴﻨﻮﻧ ـﺎت ﻓﻠﺴـﻔﻴﺔ، أو إﺑﺪاﻋﻴ ـﺔ ﺷ ـﻌﺮﻳﺔ
ﺗﻠـﻚ اﻟﺘـﻲ ﺗﻨﺎوﻟـﺖ ﻛﻼم وﻓﻠﺴـﻔﺔ ﻛﺎﻧـﻂ، واﻟﺘـﻲ ﻫـﻲ بمﺜﺎﺑـﺔ ﻧﻘـﺎب وُﺿـﻊ ﻛﺎﻧـﻂ ﺗﺤﺘـﻪ، ﺑـﺪت ﻟـﻪ ﻣﺠـﺮّد
. وﻟﻐ ـﺮض اﻟﺴ ـير ﰲ ﻃﺮﻳ ـﻖ ﻗ ـﺮائي
5
»ﻧﻘﺎﺷ ـﺎت ﻣﺴ ـﺘﻔﻴﻀﺔ ﺗﺤﺠ ـﺐ وﺗﺤﻤ ـﻞ اﳌﻔﻬ ـﻮم إﱃ وﺿـﻮح ﻣﺰﻳ ـﻒ«
ﻟﻠ ـﻜﻼم اﻟﻜﺎﻧﻄـﻲ ﻳﺘّﺴـﻢ ﺑﺎﻻﺧﺘ ـﻼف ﻧﺤـﻮ اﻷﻋﻤ ـﻖ واﻷﻫـﻢ ﻓﻴﻬ ـﺎ، راح ﻫﺎﻳﺪﻏ ـﺮ ﻳﻔ ـﱰض، ﰲ ﻫـﺬا اﳌﺠـﺎل،
(، أو ﻣـﺎ ﻫـﻮ ﻣـﻼزم ﻟﻠﺼﻤّـﺖ ﰲ ﻛﻼم
Verschwiegenheit)
وﺟـﻮد ﻣـﺎ أﻃﻠـﻖ ﻋﻠﻴـﻪ ﻣـﺎ ﻫـﻮ ﻣﺴـﻜﻮت ﻋﻨـﻪ
ﺗﻠـﻚ اﻟﻔﻠﺴـﻔﺔ؛ ﻣﺴـﻜﻮت ﻋﻨـﻪ ﺳـﻮاء ﻗﺼـﺪه ﻛﺎﻧـﻂ أم ﻻ.
.1983 ،
أودوﻳﻒ، ﺳﺘﻴﺒﺎن، ﻋﲆ دروب زرادﺷﺖ، ﺗﺮﺟﻤﺔ د. ﻓﺆاد أﻳﻮب، دار دﻣﺸﻖ، ﺑيروت
-1
.344
اﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ، ص
-2
. ﻧﻨــﻮه ﺑــﺄن ﻛﻠﻤــﺔ »ﺣﺪْﺳــﻴﺎً«، ﰲ ﻫــﺬا اﳌﻘﺘﺒــﺲ، ﺗﺘﻘﺎﻃــﻊ ﻣــﻊ ﺗﻮﺟﱡ ﻬــﺎت ﻫﺎﻳﺪﻏــﺮ اﻟﻔﻠﺴــﻔﻴﺔ
345
اﳌﺮﺟــﻊ ﻧﻔﺴــﻪ، ص
-3
اﻟﻮﺟﻮداﻧﻴــﺔ واﻷﻧﻄﻮﻟﻮﺟﻴــﺔ ﺑﺮﻣّﺘﻬــﺎ. وﻻ ﺑــﺪّ ﻣــﻦ اﻹﺷــﺎرة إﱃ أنّ ﺧﺼــﻮم ﻫﺎﻳﺪﻏــﺮ ﻳﺼﻔﻮﻧــﻪ ﺑﺄﻧّــﻪ ﺣــﺪْﳼ ﻻ ﻋﻘــﻼني.
ﻻ يمﻜـﻦ ﺗﻐﻴﻴـﺐ اﻟﺠﺎﻧـﺐ اﻟﻘـﺮائي اﻟﺘﺄوﻳـﲇ ﰲ ﻣﻨﻈﻮﻣـﺔ اﻟﻬﺮﻣﻴﻨﻮﻃﻴﻘـﺎ اﻟﻬﺎﻳﺪﻏﺮﻳـﺔ، وﻣـﻦ ذﻟـﻚ ﻗـﻮل داﻳﻔﻴـﺪ ﻏﺎﺳـﱪ إنّ
-4
. إنّ
146
ﻫﺮﻣﻴﻨﻮﻃﻴﻘـﺎ ﻫﺎﻳﺪﻏـﺮ »ﺗﺒﺘﻌـﺪ ﻋـﻦ اﻻﻧﺸـﻐﺎل ﺑﺎﻟﺘﻔﺴـير اﻟﻨـﴢ«. اﻧﻈـﺮ ﻛﺘﺎﺑـﻪ: ﻣﻘﺪﻣـﺔ ﰲ اﻟﻬﺮﻣﻴﻨﻮﻃﻴﻘـﺎ، ص
اﻟﻌﻼﻗـﺔ ﺑـين اﻟﻬﺮﻣﻴﻨﻮﻃﻴﻘـﺎ واﻟﻘـﺮاءة اﻟﻨﺼﻴـﺔ اﻟﺘﺄوﻳﻠﻴـﺔ ﻣﺘﻮﺛّﺒـﺔ ﰲ ﺧﻄـﺎب ﻫﺎﻳﺪﻏـﺮ، وﺷـﺎﻫﺪﻧﺎ ﻛـثرة اﻟﻘـﺮاءات اﻟﺘـﻲ
ﻗﺪﻣﻬـﺎ ﻫﺎﻳﺪﻏـﺮ ﰲ ﺣﻴﺎﺗـﻪ ﻟﻜﺒـﺎر اﻟﻔﻼﺳـﻔﺔ ﻣـﻦ ﺣﻮﻟـﻪ.
. وﻳﺒـﺪو أنّ رؤﻳـﺔ ﻫﺎﻳﺪﻏـﺮ ﻫـﺬه ﻣﻮﺟﱠ ﻬـﺔ إﱃ اﻟﻜﺎﻧﻄﻴـين اﳌﺤﺪﺛـين، اﻟﺬﻳـﻦ
318
ﻫﺎﻳﺪﻏـﺮ، ﻣﺎرﺗـﻦ، اﻟﻜﻴﻨﻮﻧـﺔ واﻟﺰﻣـﺎن، ص
-5
لم ﻳﺒﻠـﻮا اﻟﺒـﻼء اﻟﺤﺴـﻦ وﻫـﻢ ﻳﻘـﺮؤون ﻓﻠﺴـﻔﺔ ﻛﺎﻧـﻂ ﺣﺘـﻰ ﻧﻘﺒـﻮه ﺑﺎﻟﻐﻤـﻮض واﻟﻠـﻒ واﻟـﺪوران، وإذا ﻛﺎﻧـﻮا ﻳﺘﻮﻗﻌـﻮن
أﻧﻬـﻢ ﻳﻮﺿﺤـﻮن ﻛﺎﻧـﻂ ﻟﻠﻘـﺎرئ ﻓﺈنمـﺎ ﺗﻮﺿﻴﺤﻬـﻢ ﻻ ﻳﻌـﺪو ﺳـﻮى ﺗﺰﻳﻴـﻒ ﻟﺤﻘﻴﻘـﺔ اﻟﻔﻠﺴـﻔﺔ اﻟﻜﺎﻧﻄﻴـﺔ.
رﺳﻮل ﻣﺤﻤﱠ ﺪ رﺳﻮل
ﺳــﻜﻮت ﻛﺎﻧــﻂ ﻋــماّ أراد ﻗﻮﻟــﻪ
ﰲ ﺧﻄﺎﺑــﻪ اﻟﻔﻠﺴــﻔﻲ ﻫــﻮ ﺣﺎﻟــﺔ
ﻃﺒﻴﻌﻴـﺔ، ﻟﻜﻨـﻪ ﻳﺘﻄﻠﱠـﺐ ﻣـﻦ اﻟﻘـﺎرئ
اﻟﻨﺒﻴــﻪ، وﰲ أﺛﻨــﺎء ذﻟــﻚ، ﻗــﺪرة ﻋــﲆ
اﻹﺻﻐــﺎء أو اﻟﺴــﻤﻊ رﻓﻴــﻊ اﳌﻨﺰﻟــﺔ
ﻟﺬﻟـﻚ اﳌﺴـﻜﻮت ﻋﻨـﻪ ﻣـما ﻳﺰﺧـﺮ ﺑـﻪ
ﺧﻄــﺎب ﻛﺎﻧــﻂ ﻣــﻦ دون أنْ ﻳﻘﻮﻟــﻪ.