86
اﻟﺘﺄوﯾـﻞ. أﻣّـﺎ ﰲ اﳌﺬاﻫـﺐ اﻹﺳـﻼﻣﯿﺔ، ﻓـﻼ ﻧﺠـﺪ ﻣﺬﻫﺒـﺎً ﻟـﻪ أﺳﺴـﻪ اﻟﮑﻼﻣﯿـﺔ، وﻣﺒﺎدﺋـﻪ اﻟﻔﻘﻬﯿـﺔ ﯾﮑـﻮن ﻗـﺪ
اﻋﺘﻤـﺪ اﻟﺘﺄوﯾـﻞ ﻣﺬﻫﺒـﺎً، وﻃﺒّﻘـﻪ ﰲ ﮐﺘﺒـﻪ اﳌﻌﺘﻤـﺪة واﳌﻨﺸـﻮرة ﻣﺜـﻞ اﻟﺸـﯿﻌﺔ اﻻﺳـماﻋﯿﻠﯿﺔ، ﮐـما أﻧّﻬـﺎ ﻫـﻲ
اﻟﻔﺮﯾـﺪة ﰲ ﻧﻮﻋﻬـﺎ ﻣـﻦ ﺑﯿـﻦ اﳌﺬاﻫـﺐ اﻹﺳـﻼﻣﯿﺔ ﰲ اﻋﺘمادﻫـﺎ ﻣﺬﻫﺒـﺎً ﻓﻠﺴـﻔﯿﺎً ﯾﺨﺼّـﻪ وﯾُﻌـﱰف ﺑـﻪ رﺳـﻤﯿﺎً
ﻟـﺪی أئمﺘﻬـﻢ وأﺗﺒﺎﻋﻬـﻢ.
اﻟﺘﺄوﯾـﻞ اﻟﺒﺎﻃﻨـﻲ ﮐـما ﺣـﺪّده اﻟﺒﺎﺣـﺚ اﻻﺳـماﻋﯿﲇ ﻋـﺎرف ﺗﺎﻣـﺮ: »ﻫـﻮ ﺑﺎﻃـﻦ اﳌﻌﻨـﯽ أو رﻣـﺰه أو
. ﻓـﻼ ﻋﻼﻗـﺔ ﺗﻈﻬـﺮ ﺑﯿـﻦ اﻟﻠﻔـﻆ واﳌﻌﻨـﯽ ﻗﺒـﻞ
1
ﺟﻮﻫـﺮه، وﻫـﻮ ﺣﻘﯿﻘـﺔ ﻣﺘﺴـﱰة وراء ﻟﻔﻈـﺔ ﻻ ﺗـﺪلّ ﻋﻠﯿﻬـﺎ«
اﻟﺘﺄوﯾـﻞ وﻻ ﺑﻌـﺪه؛ ﻷن اﻟﻠﻔـﻆ ﻟﯿـﺲ إﻻ ﻋﻼﻣـﺔ ﮐﺎن ﯾﻤﮑـﻦ ﺗﺒﺪﯾﻠﻬـﺎ إﻟـﯽ ﻋـﺪد أو إﻟـﯽ ﺷـﮑﻞ ﻣـﻦ اﻷﺷـﮑﺎل،
ﻓـﻼ ﯾﻤﮑـﻦ ﺗﻘﯿﯿﻤﻬـﺎ، وﻻ ﻧﻘﺪﻫـﺎ، وﻻ ﺗﻌﯿﯿـﻦ ﺻﺪﻗﯿﺘﻬـﺎ، أو ﻋـﺪم ﺻﺪﻗﯿﺘﻬـﺎ. إن اﳌﻌﯿ ـﺎر اﻷﺳـﺎس واﳌﺮﺟـﻊ
اﻟﺮﺋﯿـﺲ ﻟﻠﺘﺄوﯾـﻞ وﻣـﺪی ﺻﺤّﺘـﻪ واﻋﺘﺒـﺎره ﻫـﻮ اﻹﻣـﺎم ﻓﺤﺴـﺐ.
ﺑﻐﯿـﺔ دراﺳـﺔ ﻣﺎﻫﯿـﺔ وﻧﻮﻋﯿّـﺔ اﻟﺘﺄوﯾـﻼت اﻻﺳـماﻋﯿﻠﯿﺔ وﻣـﺪی إﻣﮑﺎﻧﯿّـﺔ ﺗﻮزﯾﻨﻬـﺎ ﺑﺎﳌﻮازﯾـﻦ اﻟﻌﻠﻤﯿـﺔ
واﳌﻌﺎﯾﯿــﺮ اﻟﺪﯾﻨﯿــﺔ، ﻧﺮﮐّــﺰ دراﺳــﺘﻨﺎ ﻫــﺬه ﻋﻠــﯽ اﻟﺘﺄوﯾــﻼت اﻟﺘــﻲ ﻃﺒﻘﻬــﺎ أﺑــﻮ ﺣﺎﺗــﻢ اﻟــﺮازي، اﻟﺪاﻋﯿــﺔ
أﻋـﻼم اﻟﻨﺒـﻮة(،
اﻹﺳـماﻋﯿﲇ واﻟﻔﯿﻠﺴـﻮف اﻷدﯾـﺐ اﻹﯾ ـﺮاني، اﻟـﺬي اﺷـﺘﻬﺮ ﺑﺪﻓﺎﻋـﻪ ﻋـﻦ اﻟﻨﺒـﻮة ﰲ ﮐﺘﺎﺑـﻪ )
ﻟﮑ ـﻦ اﳌﻌ ـﻮل ﻋﻠﯿ ـﻪ ﰲ دراﺳـﺘﻨﺎ ﻫـﺬه ﻫـﻮ
اﻟﺰﯾﻨ ـﺔ(.
وﺑﺈﺣﺎﻃﺘ ـﻪ ﺑﺎﳌﻠ ـﻞ واﻟﻨﺤـﻞ ﮐ ـما ﯾ ـﺪلّ ﻋﻠﯿ ـﻪ ﮐﺘﺎﺑ ـﻪ )
اﳌﺸـﺤﻮن ﺑﺎﻟﺘﺄوﯾـﻼت، وﻗـﺪ أﻟـﻒ ﻫـﺬا اﻟﮑﺘـﺎب ردّاً ﻋﻠـﯽ ﺳـﻠﻔﻪ اﻟﻔﯿﻠﺴـﻮف اﻻﺳـماﻋﯿﲇ
2
اﻹﺻـﻼح(
ﮐﺘـﺎب )
ﻓﮑـﺮة ﺗﺄوﯾـﻞ اﻟﴩﯾﻌـﺔ وﻧﺴـﺦ ﻇﺎﻫﺮﻫـﺎ ﰲ ﻓـﱰة إﻣﺎﻣـﺔ ﻣﺤﻤـﺪ
اﳌﺤﺼـﻮل(
اﻟﻨﺴـﻔﻲ، اﻟـﺬي ﻃـﺮح ﰲ ﮐﺘﺎﺑـﻪ )
(
اﻹﺻـﻼح
ﺑـﻦ إﺳـماﻋﯿﻞ، اﻟﺘـﻲ ﮐﺎﻧـﺖ ﻗـﺪ ﺑـﺪأت ﰲ ذاك اﻟﺰﻣـﻦ وﻓﻘـﺎً ﻟﺮؤﯾـﺔ اﻟﻨﺴـﻔﻲ، ﻓﯿﻌﺎرﺿـﻪ اﻟـﺮازي ﰲ )
ﺑﺮأﯾـﻪ اﻟﴫﯾـﺢ ﳌﺼﻠﺤـﺔ اﻟﴩﯾﻌـﺔ اﻹﺳـﻼﻣﯿﺔ، وأﻧّﻬـﺎ ﻻ ﺗﻨﺴـﺦ ﺑﺤـﺎل، وأنّ اﻟﺘﺄوﯾـﻼت اﻟﺒﺎﻃﻨﯿـﺔ ﻣﻌﺘـﱪة تمﺎﻣـﺎً
إﻻ أﻧّﻬـﺎ ﻻ ﺗﻌﻨـﻲ ﻧﺴـﺦ اﻟﴩﯾﻌـﺔ وإﺑﻄـﺎل ﻇﺎﻫﺮﻫـﺎ، ﺛـﻢّ ﯾﺪﺧـﻞ اﻟـﺮازي ﰲ ﺗﻔﺎﺻﯿـﻞ اﻟــﺘﺄوﯾﻼت، وﻧﺤـﻦ اﻵن
ﻧـﴪد نمـﺎذج ﻣـﻦ ﻫـﺬه اﻟﺘﺄوﯾـﻼت:
ﻧﻬﺎﻫــﻢ أن ﯾﺪﺧﻠــﻮا دﻋــﻮة ﻏﯿﺮﻫــﻢ
ﻻﺗﺪﺧﻠــﻮا ﺑﻴﻮﺗــﺎ ﻏــير ﺑﻴﻮﺗﻜــﻢ
ﻣــﻦ ﺳــﻮرة اﻟﻨــﻮر:
27
اﻵﻳــﺔ
؛
وﺗﺴـﻠﻤﻮا ﻋ ـﲆ أﻫﻠﻬ ـﺎ
؛(5
؛ أي ﺣﺘ ـﯽ ﺗﻌﺮﻓ ـﻮا ﺣ ـﺪّ ﮐﻞ اﻣ ـﺮئ ﻣﻨﻬ ـﻢ )ص
ﺣﺘ ـﻰ ﺗﺴﺘﺄﻧﺴـﻮا
؛(5
)ص
ذﻟﻜـﻢ ﺧـير ﻟﻜـﻢ ﻟﻌﻠﻜـﻢ
؛(5
أي ﺣﺘـﯽ ﺗﻘـﺮّوا ﻟﺼﺎﺣـﺐ ﺗﻠـﻚ اﻟﺪﻋـﻮة ﺑـﺄنّ اﻟﺤـﻖ ﻟـﻪ، وﻫـﻮ أوﻟـﯽ ﺑـﻪ )ص
؛ أي ﯾﺒﯿّـﻦ اﻟﻠـﻪ ﻟﮑـﻢ ﻫـﺬه اﻟﺤـﺪود ﻟﺘﺬﮐـﺮوا وﺗﻌﺮﻓـﻮا ﺑﯿﻮﺗﮑـﻢ ﰲ دﯾﻨﮑـﻢ.
ﺗﺬﻛـﺮون
وأﻣّـﺎ اﻟﺘﺄوﻳـﻞ ﰲ ﻗـﻮل رﺳـﻮل اﻟﻠـﻪ ﺻﻠـﯽ اﻟﻠـﻪ ﻋﻠﯿـﻪ وآﻟـﻪ: »أﻓـﺮ ﻣـﻦ ﻗﻀـﺎء اﻟﻠـﻪ إﻟـﯽ ﻗـﺪره«، ﻓﺄﻧـﻪ
أراد أن ﯾﻔـﺮّ ﻣـﻦ ﻟﻄﯿـﻒ ﺗﺄﯾﯿـﺪ اﻟﺴـﺎﺑﻖ إﻟـﯽ ﺑﯿـﺎن اﻟﺘـﺎﱄ.
؛
ﻓﻠـماّ ﻓﺼـﻞ ﻃﺎﻟـﻮت ﺑﺎﻟﺠﻨـﻮد ﻗـﺎل اﻟﻠـﻪ إنّ اﻟﻠـﻪ ﻣﺒﺘﻠﻴﻜـﻢ ﺑﻨﻬـﺮ
ﻣـﻦ ﺳـﻮرة اﻟﺒﻘـﺮة:
249
اﻵﻳـﺔ
ﻓﻤ ـﻦ ﴍب
؛(88
أي ﳌ ّـﺎ رﺗ ـﺐ ﺣ ـﺪوده، وﻓﺼـﻞ ﻟﻬ ـﻢ ﺣﻈﻮﻇﻬ ـﻢ ﻣ ـﻦ اﻟﱪﮐ ـﺔ، ﻋﺮّﻓﻬ ـﻢ ﰲ ذﻟ ـﻚ... )ص
.19
، ص
1967 ،
ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺗﺄوﯾﻞ اﻟﺪﻋﺎﺋﻢ، ﺗﺤﻘﯿﻖ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﻦ أﻋﻈﻤﻲ، اﻟﻘﺎﻫﺮة
-1
.1992 ،
ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻃﻬﺮان وﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﮑﺠﯿﻞ اﻟﮑﻨﺪﯾﺔ، ﻃﻬﺮان
،
اﻟﺮازي، أﺑﻮ ﺣﺎﺗﻢ، ﮐﺘﺎب اﻹﺻﻼح
-2ً
اﻟﺘﺄوﯾﻞ اﻹﺳماﻋﯿﲇ: أﺑﻮﺣﺎﺗﻢ اﻟﺮازي أنمﻮذﺟﺎ