مجلة ألباب - العدد الثاني عشر

120 / 242

اﻟﻌﺪد
(12) 119
. ﰲ اﳌﻌﺴﻜﺮ تمﻨﺢ ﺣﺎﻟﺔ 36ﻫﻮ اﳌﺴﺎﺣﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢّ ﺗﺪﺷﻴﻨﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺼﺒﺢ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎء ﻫﻲ اﻟﻘﺎﻋﺪة«
اﻻﺳﺘﺜﻨﺎء، اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ اﻷﺳﺎس ﺗﻌﻠﻴﻘﺎً ﻣﺆﻗﺘﺎً ﻟﺴﻴﺎدة اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻋﲆ أﺳﺎس ﺣﺎﻟﺔ ﺧﻄﺮ ﺣﻘﻴﻘﻴ ﱠ ﺔ، تمﻨﺢ
اﻵن ﺗﺮﺗﻴﺒﺎً ﻣﻜﺎﻧﻴّﺎً دائمﺎً، إﻻّ أﻧﱠﻪ، ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ، ﻻ ﻳﺰال ﺧﺎرج اﻟﱰﺗﻴﺐ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ.
ﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى، ﻳﺰﻳﺢ أﻏﺎﻣﺒين، ﺑﺸﻜﻞ ﺟﺬري، اﳌﻌﻨﻰ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻟﻠـ»ﻣﻌﺴﻜﺮ«؛ اﳌﻌﺴﻜﺮ اﻟﺬي ﻛﺎن
ﰲ اﳌﺎﴈ ﺗﻌﺒيراً ﻋﻦ اﻟﻔﺮق ﺑين اﻟﺼﺪﻳﻖ واﻟﻌﺪو، ﻳﺮﻣﺰ ﰲ ﻋﻤﻞ أﻏﺎﻣﺒين إﱃ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎء، ﺣﻴﺚ
ﻳﺘﺪاﺧﻞ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻣﻊ اﻟﻮاﻗﻊ واﻟﻘﺎﻋﺪة ﻣﻊ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎء. ﻓــ»اﳌﻠﻌﺐ ﰲ ﺑﺎري، ﺣﻴﺚ اﺣﺘﺠﺰت اﻟﴩﻃﺔ
( اﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ اﻷﻟﺒﺎن ﻏير اﻟﴩﻋﻴين ﻗﺒﻞ إﻋﺎدﺗﻬﻢ إﱃ ﺑﻼدﻫﻢ، واﳌﺴﺎر اﻟﺪاﺋﺮي 1991) اﻹﻳﻄﺎﻟﻴ ﱠ ﺔ ﰲ ﻋﺎم
ﰲ دورة اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺸﺘﻮﻳ ﱠ ﺔ، ﺣين ﺟﻤﻌﺖ ﺳﻠﻄﺎت ﻓﻴﴚ اﻟﻴﻬﻮد ﻗﺒﻞ ﺗﺴﻠﻴﻤﻬﻢ ﻟﻸﳌﺎن، ]...[، أو ﻣﻨﺎﻃﻖ
( ﰲ اﳌﻄﺎرات اﻟﺪوﻟﻴ ﱠ ﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴ ﱠ ﺔ، اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺘﺠﺰ ﻓﻴﻬﺎ اﻷﺟﺎﻧﺐ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻄﻠﺒﻮن اﻟﻠﺠﻮء، ﻛﻠﻬﺎ d’attentes)
ﺳﺘﻜﻮن ﻣﻌﺴﻜﺮات ﻋﲆ ﻗﺪم اﳌﺴﺎواة. ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻻت ﻛﻠّﻬﺎ، إنﱠ ﻓﻀﺎءً ﻏير ﺿﺎرﱟ ﻇﺎﻫﺮﻳﺎً ]...[ ﰲ
اﻟﻮاﻗﻊ ﻳﻔﺼﻞ اﻟﻔﻀﺎء، ﺣﻴﺚ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻣﻌﻠﱠﻖ ﺑﺤﻜﻢ اﻷﻣﺮ اﻟﻮاﻗﻊ، وﺳﻮاء ارﺗﻜﺒﺖ ﻓﻴﻪ اﻟﻔﻈﺎﺋﻊ
أم ﻻ، ﻻ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻫﺬه اﳌﺴﺎﺣﺔ ﻋﲆ اﻟﻘﺎﻧﻮن، وﻟﻜﻦ ﻋﲆ اﻟﻜﻴﺎﺳﺔ واﻟﺤﺲّ اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻟﻠﴩﻃﺔ، اﻟﺘﻲ
.37ﺗﻌﻤﻞ ﻣﺆﻗﺘﺎً ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺳﻴﺎدةً«
وﻫﻨﺎ، ﻳﻘﻮل أﻏﺎﻣﺒين: »ﻻ ﺑﺪﱠ ﻣﻦ أﺧﺬ اﻟﻮﺿﻊ اﳌﺘﻨﺎﻗﺾ ﻟﻠﻤﻌﺴﻜﺮ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻓﻀﺎءً ﻟﻼﺳﺘﺜﻨﺎء ﰲ
اﻻﻋﺘﺒﺎر. اﳌﻌﺴﻜﺮ ﻫﻮ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ اﻷرض ﺧﺎرج اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﺎﻧﻮني اﻟﻌﺎدي، ﻟﻜﻨ ﱠ ﻪ، ﻣﻊ ذﻟﻚ، ﻟﻴﺲ
ﻓﻀﺎء ﺧﺎرﺟﻴّﺎً ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ؛ ذﻟﻚ أنﱠ ﻣﺎ ﻳﺘﻢّ اﺳﺘﺒﻌﺎده ﰲ اﳌﻌﺴﻜﺮ ]وﻓﻘﺎً ﻟﻠﻤﻌﻨﻰ اﻟﻠﻐﻮي ﻟﻠـ»اﺳﺘﺜﻨﺎء«
(، بمﻌﻨﻰ أن ﻳﺆﺧﺬ إﱃ اﻟﺨﺎرج[ ﻣﺘﻀﻤﻨﺎً ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﺳﺘﺒﻌﺎد ذاﺗﻪ. إنﱠ أوّل ﻣﺎ ﻳﺘﻢّ excapere)
ﺗﻀﻤﻴﻨﻪ ﰲ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﺎﻧﻮني ﻫﻮ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎء ذاﺗﻬﺎ. وﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﺼﺒﺢ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎء )إرادة(،
ﻓﺈﻧﱠﻬﺎ ﺗﺪﺷّﻦ ﺑﺮادايمﺎً ﻗﻀﺎﺋﻴّﺎً ﺳﻴﺎﺳﻴّﺎً ﺟﺪﻳﺪاً ﻳﺼﺒﺢ ﻓﻴﻪ اﳌﻌﻴﺎر واﻗﻌﺎً ﻻ يمﻜﻦ تمﻴﻴﺰه ﻋﻦ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎء.
ﻓﺎﳌﻌﺴﻜﺮ، ﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ، ﻫﻮ اﻟﻬﻴﻜﻞ اﻟﺬي ﺗﺘﺤﻘﻖ ﻓﻴﻪ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎء ]إﻣﻜﺎﻧﻴ ﱠ ﺔ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار
اﻟﺬي ﺗﺄﺳﱠ ﺴﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺴﻴﺎدﻳ ﱠ ﺔ[ ﺑﺸﻜﻞ ﻃﺒﻴﻌﻲ. لم ﻳﻌﺪ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻴﺎدة ﻳﻘﻴّﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺈﻗﺮار
ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎء ﻋﲆ أﺳﺎس إدراﻛﻪ ﺣﺎﻟﺔ واﻗﻌﻴ ﱠ ﺔ ﻣﻌﻴّﻨﺔ )وﺟﻮد ﺧﻄﺮ ﻳﺘﻬﺪّد اﻟﺴﻼﻣﺔ اﻟﻌﺎﻣﱠ ﺔ(: ﻣﻌﺮﱢ ﻳﺎً
اﻟﻬﻴﻜﻞ اﻟﺪاﺧﲇ ﻟﻠﺤﻈﺮ اﻟﺬي يمﻴﺰ ﺳﻠﻄﺘﻪ، ﻓﺈﻧﱠﻪ ﻳﻨﺘﺞ، اﻵن، ﺑﺤﻜﻢ اﻷﻣﺮ اﻟﻮاﻗﻊ، ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺨﻄﺮ ﻧﺘﻴﺠﺔ
ﻟﻘﺮاره ﺑﺨﺼﻮص اﻻﺳﺘﺜﻨﺎء. وﻟﺬﻟﻚ، إنﱠ اﳌﺴﺄﻟﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴ ﱠ ﺔ ﰲ اﳌﻌﺴﻜﺮ، إذا ﻧﻈﺮﻧﺎ ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ، لم ﻳﻌﺪ يمﻜﻦ
تمﻴﻴﺰﻫﺎ ﺑﺪﻗﺔ ﻣﻦ ﻗﻀﻴ ﱠ ﺔ اﻷﻣﺮ اﻟﻮاﻗﻊ. وﺑﻬﺬا اﳌﻌﻨﻰ، إنﱠ أيّ ﺳﺆال ﺑﺨﺼﻮص ﻣﴩوﻋﻴّﺔ أو ﻋﺪم
ﻣﴩوﻋﻴّﺔ ﻣﺎ ﺣﺪث ﻫﻨﺎك ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻪ. اﳌﻌﺴﻜﺮ ﻫﻮ ﻣﺰﻳﺞ ﻣﻦ اﻟﻘﺎﻧﻮن واﻟﻮاﻗﻊ، ﺣﻴﺚ
.198-199 ،ـ اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ36
.174 ـ اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ، ص37
أﻣﺎني أﺑﻮ رﺣﻤﺔ