Next Page  144 / 242 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 144 / 242 Previous Page
Page Background

اﻟﻌﺪد

(12)

143

ﻳﺠﺪر ﺑﻨﺎ أن ﻧﺴﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ رواﻳﺘﻲ اﳌﺮاﻛﴚ اﳌﻌﻄﻴﺎت اﻵﺗﻴﺔ:

. ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎدس اﻟﻬﺠﺮي )اﻟﺜﺎني ﻋﴩ اﳌﻴﻼدي(، ﻛﺎن ﻣﺘﺎﺣﺎً ﻟﻨﺨﺒﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﰲ اﻷﻧﺪﻟﺲ أن ﺗﺮﺗﺎد

1

ﻓﻀﺎء اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ. ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻼزم، ﻷﺟﻞ ذﻟﻚ، أن ﻳﻨﺘﻤﻲ اﳌﺮء إﱃ أﴎة ﻣﻦ اﻟﻌﻠماء ﺗﺮﺑﻄﻬﺎ

ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ ﺻﻠﺔٌ ﻣﺎ، ﻛما ﻫﻮ ﺣﺎل اﺑﻦ رﺷﺪ واﺑﻦ ﻃﻔﻴﻞ واﺑﻦ زﻫﺮ وﻏيرﻫﻢ )ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ أﻳﻀﺎً

ﻋﲆ ﺳﺘّﺔ أﻋﻼم ﰲ اﻟﻄﺐ ﻋﲆ اﻷﻗﻞّ(. ﻳﺒﻘﻰ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻌﺮف ﻛﻴﻒ ﻛﺎن ﻳﺘﻢّ اﻟﻌﺒﻮر إﱃ ﺿﻔﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ؛

ﻓﻠﱧْ ﻛﺎن ﻟﺠﻤﻴﻊ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ إﺳﻼﻣﻴﺔ ﻻ ﻳُﺸﻖّ ﻏﺒﺎرُﻫﺎ )ﰲ اﻷدب واﻟﻘﺮآن واﻟﺤﺪﻳﺚ واﻟﻔﻘﻪ

واﻟﻨﺤﻮ وﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ(، ﻓﺈن ثمّﺔ أُﴎَاً ﻛﺜيرة ﻻ ﺗﻘﻞﱡ ﺻﻴﺘﺎً )أﴎاً اﺷﺘﻬﺮت ﻋﲆ اﻷﺧﺺ ﰲ اﻟﻘﻀﺎء؛ ﻛﺄﺑﻨﺎء

إﺻﻌﺎب ﻋﻤﺮان اﻟﺘﺎزي اﻟﻘﺎﴈ، وأبي ﻳﻌﻘﻮب، وﺑﻨﻲ ﺻﺪف، وﺑﻨﻲ ﻳﺮﺑﻮع( لم ﺗﻜﻦ ﺗﺒﺪي ﻋﺰوﻓﺎً ﻋﻦ

اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻓﺤﺴﺐ؛ ﺑﻞ ﺗﺒﺪي أﻳﻀﺎً اﺳﺘﻨﻜﺎراً ﻟﻬﺎ.

. إﻧﻪ ﻣﻦ اﻷﻧﺴﺐ واﳌﺴﺘﺤﺐ -وإن ﻛﺎن ذﻟﻚ أﻣﺮاً ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﺻﻌﻮﺑﺔ- أن ﻧﺒينّ، ﺑﺨﺼﻮص

2

ﻛﻞ ﻣﺆﻟﱢﻒ، ﻣﺪى اﻻﻧﺪﻣﺎج اﻟﺬي ﺣﻘّﻘﻪ ﺑين اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ.

ﻓﻤﺘﻰ اﻋﺘﻤﺪﻧﺎ ﻣﻨﻈﻮرَ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺎم، ﺗﺒينﱠ ﻟﻨﺎ أن ذﻟﻚ اﻟﺘﻮازن، اﻟﺬي أوﺟﺪه اﺑﻦ رﺷﺪ،

ﻫﻮ إﻧﺠﺎزٌ ﻻ ﻣﺜﻴﻞ ﻟﻪ ﰲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺮُﻣﱠ ﺘﻬﺎ. ﻏير أﻧﻪ ﰲ زﻣﻦ اﺑﻦ رﺷﺪ، وﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر اﻟﻔﻜﺮ

اﻟﻌﺮبي اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي، لم ﻳﻜﺪْ أﺣﺪٌ ﻳﻌير اﻧﺘﺒﺎﻫﺎً إﱃ ﻣﺎ أﺑﺎن ﻋﻨﻪ ﻫﺬا اﳌﻔﻜّﺮ ﻣﻦ ﺟﺮأة ﻓﻜﺮﻳﺔ،

اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﻘﻮدﻧﺎ إﱃ اﻟﺘﺴﺎؤل ﻋماّ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﰲ اﻟﻐﺮب اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﺠﺮد »زﺧﺮف

ذﻫﻨﻲ« ﻇﻬﺮ ﰲ أوﺳﺎط وﰲ ﺳﻴﺎﻗﺎت ﻟﻴﺴﺖ ﻛﻐيرﻫﺎ. ﻟﻴﺘﻨﺎ ﻧﻌﺮف ﻣﻀﻤﻮن اﻟﺤﻮار اﻟﺬي

ﻛﺎن ﻳﺪور ﺑين أبي ﻳﻌﻘﻮب واﺑﻦ ﻃﻔﻴﻞ ﺧﻼل ﺟﻠﺴﺎﺗﻬما اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ رأﺳﺎً ﻟﺮأس، ﻋﻠماً أن اﺑﻦ

(. إن اﻟﺒﺤﺚ

240

ﻃﻔﻴﻞ ﻛﺎن ﻳﻼزم اﻟﻘﴫ، وﻻ ﻳﻐﺎدره أﻳﺎﻣﺎً وﻟﻴﺎﱄَ. ﻛما ﻳﻘﻮل اﳌﺮاﻛﴚ )ص

ﰲ اﳌﻘﺎﺻﺪ اﻻﺟﺘماﻋﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺜﺎوﻳﺔ ﺧﻠﻒ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺸﻬيرة اﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﻓﺼﻼً ﺟﺬرﻳﺎً ﺑين

اﻟﺨﺎﺻﺔ واﻟﻌﺎﻣﺔ ﻫﻮ ﺑﺤﺚ يمﺮّ ﻋﱪ اﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻮارات اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺠﺮي ﺑين ﻓﻴﻠﺴﻮف

وﺑين أﻣيرٍ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨين ﺷﺪﻳﺪ اﻟﻮﻋﻲ بمﺴﺆوﻟﻴﺎﺗﻪ، ﻛما ﺗﺸﻬﺪ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻋﻼﻗﺎﺗُﻪ ﺑﺎﻟﻌﻠماء، وﻛما

ﻳﻨﻄﻖ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﺪور اﻟﺬي ﻳﺮﺗﻀﻴﻪ ﻟﻬﻢ. إن اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ، ﰲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق، ﻧﺸﺎط ﻳُﺮﺗﴣ، وﻳُﺤﺘﻤﻞ،

ﻣﺎ دام ﻻ ﻳﺨﺎﻃﺐ اﻟﻌﺎﻣﺔ، وﻻ ﻳﺮوم ﺗﻌﺒﺌﺔ اﻟﺤﺸﻮد. وﻣﺘﻰ ﻋﻘﺪ أﺑﻮ ﻳﻌﻘﻮب اﻟﻌﺰمَ ﻋﲆ أن

ﻳﻌﺪّ اﻟﻌﺪﱠ ة ﻟﺤﻤﻼﺗﻪ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺿﺪ اﻟﻨﺼﺎرى، ﻋﻬﺪ إﱃ اﻟﻌﻠماء ﺑﺠﻤﻊ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﻳﺚ

اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ اﻟﴩﻳﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻄﺮّق إﱃ اﻟﺠﻬﺎد، ﺛﻢ ﺗﺮاه ﻳﻘﻮم ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺈﻣﻼء ﻫﺬه اﻷﺣﺎدﻳﺚ

(. وﰲ اﳌﻘﺎﺑﻞ، ﻣﻦ ﺷﺄن اﻟﺨﻄﺎب

225

ﻋﲆ ﻗﻮاده ﺑﺤﺴﺐ اﻟﱰاﺗﺒﻴﺔ اﳌﻮﺣﺪﻳﺔ )اﳌﺮاﻛﴚ، ص

اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ، إذا وﺟﱢ ﻪ إﱃ »ﻧﺨﺒﺔ« ﺗﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ زُﻣﺮٍ ﻣﺘﺼﺎرﻋﺔ ﻣﺘﻨﺎﻓﺴﺔ، أن ﻳﻘﻮي ﺷﻮﻛﺔ اﻟﻌﻘﻴﺪة

اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ، أو أن ﻳﻨﺎل ﻣﻨﻬﺎ؛ وﻫﺬا ﺳﺆال ﺳﻴﻐﺪو ﻣﻦ اﻟﻼزم إﻋمال اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻪ ﰲ ﻣﻌﺮض ﺣﺪﻳﺜﻨﺎ

ﻋﻦ )ﺣﻲّ ﺑﻦ ﻳﻘﻈﺎن(.

ﺑﻘﻠﻢ: ﻣﺤﻤﺪ أرﻛﻮن/ ﺗﺮﺟﻤﺔ: ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻄﻴﻒ ﻓﺘﺢ اﻟﺪﻳﻦ