Next Page  168 / 242 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 168 / 242 Previous Page
Page Background

اﻟﻌﺪد

(12)

167

وﻣﻮﺛﻮﻗﻴّﺘﻬﻢ؛ ﻟﺬﻟﻚ، لم ﻳﻌﺪ ﻣﻦ اﳌﻤﻜﻦ ﻗﺒﻮﻟﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ، ﻋﺜمان وﻋﲇّ وﻣﻌﺎوﻳﺔ واﻵﺧﺮﻳﻦ، ﺑﻮﺻﻔﻬﻢ

ﺷﻬﻮداً. وﻣﻊ ذﻟﻚ، ثمّﺔ ﺣﺪود ﻟﻬﺬا اﻷﻣﺮ. وبمﺎ أﻧّﻨﺎ ﻻ ﻧﻌﺮف ﻣﻦ ارﺗﻜﺐ اﻟﻜﺒيرة، ﻓﺈنّ اﻟﻮﺿﻊ ﻳﺸﺒﻪ ﺣﺎﻟﺔ

زنى، ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺒﺎدل اﻟﴩﻳﻜﺎن اﻟﻠﻌﺎن؛ أي اﻟﻴﻤين اﳌﺘﺒﺎدﻟﺔ ﻟﻠﱪاءة: ﻓﻴﺤﻞّ اﻟﺰواج، وﻟﻜﻦ اﻟﺤﻜﻢ ﺣﻮل ﻣﻦ

اﳌﺬﻧﺐ ﻣﻨﻬما ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻌﻠّﻘﺎً. ﺗﻈﻞّ ﺷﻬﺎدة ﻛﻼ اﻟﴩﻳﻜين ﺻﺤﻴﺤﺔ ﻣﺎ دام ﻻ يمﻜﻦ أن ﻳﺸﻬﺪ أﺣﺪﻫما

. وﻗﺪ اﺗّﺨﺬ اﻻﺳﺘﺪﻻل، ﰲ اﻧﺘﻘﺎﻟﻪ ﻣﻦ اﳌﺮﺟﺌﺔ إﱃ اﳌﻌﺘﺰﻟﺔ، ﻣﺴﺎراً ﻓﻘﻬﻴّﺎً. وﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﻏﺮﻳﺒﺎً

25

ﺿﺪّ اﻵﺧﺮ

ﻓﻴما ﻳﺨﺺّ ﻫﺬا اﳌﺜﺎل اﻟﺤﻲّ، واﻟﻨﻤﻮذﺟﻲّ ﰲ ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎمّ. ﻏير أﻧّﻨﺎ ﻗﺪ ﻧﺘﺴﺎءل، ﻣﻊ ذﻟﻚ،

ﳌﺎذا ﻛﺎن ﻫﺆﻻء اﳌﻌﺘﺰﻟﺔ اﻷواﺋﻞ ﻣﻬﺘﻤّين ﻛﺜيراً ﺑﺸﻬﺎدة اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻗﻀﻮا ﻣﻨﺬ زﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ. ﻳﺒﺪو أنّ

اﻟﺴﺒﺐ ﰲ ذﻟﻚ أﻧّﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻔﻜّﺮون ﰲ اﻟﺤﺪﻳﺚ؛ ﻷنّ اﻻﻧﺸﻘﺎق أداﻣﺘﻪ أﻗﻮال اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ أﻧﻔﺴﻬﻢ، اﻟﺬﻳﻦ

ﻛﺎﻧﻮا ﺳﺒﺒﺎً ﻓﻴﻪ ﰲ اﻟﺘﺄرﻳﺦ ﻛما ﰲ ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳُﺜﺎر ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻋﺪاﻟﺔ، ﻓﺈنّ اﳌﻌﺘﺰﻟﺔ ﻳﻘﺼﺪون، ﻣﻦ

ﺛَﻢﱠ ، ﺗﺤﻴّﺰ »اﻟﻮﺳﺎﺋﻂ« ﻣﻦ ﻣﺤﺪّﺛين وﻣﺆرّﺧين.

ﻏير أﻧّﻪ ﻛﺎن ﻣﻦ اﳌﺴﺘﺤﻴﻞ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﺠﺒﻬﺔ ﻋﲆ اﳌﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ؛ ﻓﺎﻟﻮﺳﺎﺋﻂ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻮﻳّﺔ

ﺟﺪّاً، واﻟﺮأي اﻟﺬي ﻓﺎز، ﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ، ﻫﻮ اﻟﺮأي اﻟﺬي ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺑﻪ أﺻﺤﺎب اﻟﺤﺪﻳﺚ أﻧﻔﺴﻬﻢ:

إﺟﺮاء اﻟﻌﻔﻮ ﻣﻦ ﺧﻼل وﺿﻊ ﻋﺜمان وﻋﲇّ ﰲ اﳌﻨﺰﻟﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﺨﻠﻴﻔﺘين اﻟﺴﺎﺑﻘين. ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻫﺬا

اﻟﺘﻘﺪّم ﻧﺘﺎج ﺣﻞّ ﺗﻮاﻓﻘﻲّ. ﻓﺎﻟﻨﺎس اﻋﺘﺎدوا، ﻣﻨﺬ ﻣﺪّة، اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﺧﻠﻔﺎء راﺷﺪﻳﻦ ﻓﻘﻂ، ﻟﻜﻦّ

اﻷﺳماء لم ﺗﻜﻦ ﻫﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ دائمﺎً: أﺑﻮ ﺑﻜﺮ وﻋﻤﺮ وﻋﺜمان ﰲ اﳌﺪﻳﻨﺔ واﻟﺒﴫة؛ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ وﻋﻤﺮ وﻋﲇّ

ﰲ اﻟﻜﻮﻓﺔ. وﰲ أواﺧﺮ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎني ﻋﻤﺪ ﺑﻌﺾ اﳌﺤﺪّﺛين ﰲ اﻟﻜﻮﻓﺔ إﱃ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺗﻨﺎزل: أﺑﻮ ﺑﻜﺮ وﻋﻤﺮ

وﻋﲇّ، وﻋﺜمان أﻳﻀﺎً، ﻣﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺤﻔّﻆ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻷﺧير؛ ﻷﻧّﻪ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻌﴩة اﳌﺒﴩّﻳﻦ ﺑﺎﻟﺠﻨّﺔ ﻣﻦ

. وﻟﺬﻟﻚ، اﻋﺘﻘﺪ ﻣﺤﺪّﺛﻮن آﺧﺮون أﻧّﻪ ﻳﺴﺘﺤﺴﻦ وﺿﻊ

26

ﻗِﺒَﻞ اﻟﻨﺒﻲّ، ﻣﺜﻠﻪ ﰲ ذﻟﻚ ﻣﺜﻞ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻵﺧﺮﻳﻦ

ﺗﺴﻠﺴﻞ ﺗﺎرﻳﺨﻲّ، ﺣﻴﺚ ﻳﺄتي ﻋﲇّ ﻗﺒﻞ ﻋﺜمان ﰲ اﻟﺴﻠﺴﻠﺔ، وﻫﺬه اﻟﺨﻄﻮة ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺻﺎﻟﺢ ﻋﺜمان،

.

27ّ

اﻟﺬي رُﻓﻊ إﱃ ﻣﺮﺗﺒﺔ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﺿﻤﻨﻲ

وﻟﻜﻦ، ﻣﺎذا ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻛﺘﻲ اﻟﺠﻤﻞ وﺻﻔين؟ ﻗﺮّر أﺷﺨﺎص اﻟﺘﻈﺎﻫﺮ ﺑﺄنّ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺴﺆوﻟين

ﻋﻦ ﺳﻔﻚ اﻟﺪﻣﺎء ﻣﻦ اﻟﺠﻴﻞ اﻷوّل لم ﻳﻜﻮﻧﻮا اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ اﳌﺮﻣﻮﻗين أﻧﻔﺴﻬﻢ، وإنمّﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻨﺎﴏ اﻟﺨﺎﺋﻨﺔ

ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻣﻦ ﺑﺪو وﺷﻴﻌﺔ ﻏﻼة؛ أي إرﻫﺎﺑﻴّين ﻛما ﻗﺪ ﻧﻘﻮل اﻟﻴﻮم. أوّل ﻋﺎلم ﻧﺠﺪ ﻋﻨﺪه ﻫﺬه

اﻟﻔﻜﺮة ﻫﻮ اﳌﺆرّخ ﺳﻴﻒ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ. ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل، اﻟﺸﺨﺺ اﻟﴩّﻳﺮ ﰲ ﻗﺼﺼﻪ ﻣُﺤﺮّض ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج،

.273 271-

، ص ص

2 ،

  - ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم واﳌﺠﺘﻤﻊ

25

.53

، ص

4

؛ و

480

، ص

2

؛ و

240

و

22

، ص ص

1 ،

- ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﺨﺎصّ، اﻧﻈﺮ: ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم واﳌﺠﺘﻤﻊ

26

. ﻋﻦ ﺗﺮﺗﻴﺐ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ، ﻋﻤﺮ، ﻋﺜمان )ﻣﻦ دون ﻋﲇّ(. اﻧﻈﺮ أﻳﻀﺎً: ب.

436

، ص ص

2

وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ؛ و

235

، ص

1 ،

  - ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم واﳌﺠﺘﻤﻊ

27

، ﻣﺎدّة »اﻟﻌﺜماﻧﻴّﺔ«.

953 ،10 ،2

، ﺿﻤﻦ ﻣﻮﺳﻮﻋﺔ اﻹﺳﻼم

P. Crone

ِﻛﺮون

ﺗﺄﻟﻴﻒ: ﺟﻮزﻳﻒ ﻓﺎن إﻳﺲ / ﺗﺮﺟﻤﺔ: ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺒﻮﺳﻜﻼوي