Next Page  170 / 242 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 170 / 242 Previous Page
Page Background

اﻟﻌﺪد

(12)

169

وﺿﻊ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ

أ. ﺑﻴﻌﺔ وﺧﻼﻓﺔ

ﻛﺎن ثمّﺔ ﳾء اﻧﻬﺰاﻣﻲّ ﰲ اﻟﻬﻮس ﺑﺎﳌﺎﴈ؛ ربمّﺎ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻣﻔﻴﺪاً ﰲ اﻟﺪﻋﺎﻳﺔ، وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ دائمﺎً ﻛﺬﻟﻚ

ﰲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻷﻣﻮر اﻟﻌﻤﻠﻴّﺔ. واﳌﺸﺎﻛﻞ اﻟﻌﻤﻠﻴّﺔ، ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻌﴫ، ﻛﺎﻧﺖ: ﻣَﻦْ أﺣﻖﱡ ﺑﺎﻟﺨﻼﻓﺔ؟ ﻫﻞ

ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻧﺘﺨﺎب اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ، وﺑﺄيّ ﻃﺮﻳﻘﺔ؟ ﻫﻞ ﻳﺠﻮز ﺗﺠﺮﻳﺪه ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺘﻪ ﻣﺮّة أﺧﺮى؛ ﻫﻞ يمﻜﻦ ﺧﻠﻊ

اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ؟ ﺑﻞ ﻫﻞ اﻟﺤﻜﻢ؛ أي وﺟﻮد اﻟﺪوﻟﺔ، أﻣﺮٌ ﴐوريّ أﺻﻼً؟ ﻗﺪّﻣﺖ إﺟﺎﺑﺎت ﻋﻦ ﻫﺬه اﻷﺳﺌﻠﺔ،

ﻟﻜﻦ ﻳﺒﺪو أنّ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ لم ﺗﺘﻐيرّ ﻋماّ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺤﺎل ﺳﻠﻔﺎً؛ ﻛﺎﻧﺖ اﳌﻘﱰﺣﺎت ﺗﺴير ﺧﻼف اﻟﻮاﻗﻊ. وﻗﺒﻞ

ﻛﻞّ ﳾء، ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻮﺿّﺢ ﺑﺄﻣﺜﻠﺔ ﻣﻦ اﳌﺎﴈ اﳌﺠﻴﺪ أﻳﻀﺎً.

ﻓﻴما ﻳﺘﻌﻠّﻖ ﺑﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎﻛﻢ، ﻧﺠﺪ ﰲ اﳌﺎﴈ ﻋﺪّة نمﺎذج؛ ﺟﺎء أﺑﻮ ﺑﻜﺮ إﱃ اﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﺘﺰﻛﻴﺔ، ﻓﻠﺘﺔ ﻛما

ﻗﺎل ﻋﻤﺮ ﻻﺣﻘﺎً، ﻣﻦ دون ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻣﻨﻬﺠﻴّﺔ. وﻋﻤﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻳﻌﻪ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ؛ إﻧّﻪ ﻣﺪﻳﻦ ﰲ ﺣﻜﻤﻪ ﻹرادة

ﺳﻠﻔﻪ. وﻋﺜمان اﻧﺘُﺨِﺐ ﺑﺸﻮرى ﺳﺘّﺔ أﺷﺨﺎص، ﻻ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ »اﻟﺸﻌﺐ«، ﻛما ﻳُﻘﺎل أﺣﻴﺎﻧﺎً اﻟﻴﻮم، وﻟﻜﻦ

ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻟﺠﻨﺔ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻛﺎن ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻀﻮاً ﻓﻴﻬﺎ. وﺑﻮﻳﻊ ﻋﲇّ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺴﻢ اﻟﻮﻻء؛ أي اﻟﺒﻴﻌﺔ اﻟﺘﻲ

؛ ﻟﺬﻟﻚ ﺑﻘﻲ اﻟﺴُﻨّﺔ دائمﺎً

34

ﻇﻠّﺖ ﻣﻊ ذﻟﻚ ﻏير ﻣﻜﺘﻤﻠﺔ؛ ﻷنّ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒيرة رﻓﻀﺖ اﻻﻧﺨﺮاط ﰲ ذﻟﻚ

ﻣﺘﺤﻔّﻈين، إﱃ ﺣﺪّ ﻣﺎ، ﻓﻴما ﻳﺘﻌﻠّﻖ ﺑﻬﺬه اﻟﻘﻀﻴّﺔ؛ إذ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﻛﺜير ﻣﻨﻬﻢ أنّ ﻣﺒﺪأ اﻟﺸﻮرى، اﻟﺬي وﺿﻌﻪ

ﻋﻤﺮ، ﻫﻮ ﺑﺎﻷﺣﺮى اﻟﺴﺒﻴﻞ اﻷﻣﺜﻞ. أﻣّﺎ اﻟﺸﻴﻌﺔ، ﻓﻘﺪ رأوا، ﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ، أنّ ﻫﺬا اﻹﺟﺮاء

اﳌﺜﺎﱄّ لم ﻳﻨﺘﺞ ﺳﻮى اﳌﺮﺷّﺢ اﻟﺨﺎﻃﺊ؛ إﻧّﻬﻢ ﻟﻴﺴﻮا ﻣﻘﺘﻨﻌين ﺑﺎﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت أﺻﻼً. ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻬﻢ، ﻛﺎن ﻫﺬا

ﺟﻬﺎزاً ﺑﴩﻳّﺎً ﻗﺎدراً ﻋﲆ ﺟﻌﻞ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻳﺄﺧﺬ ﻣﻨﻌﻄﻔﺎً ﺧﺎﻃﺌﺎً؛ ﺑﻞ إنّ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﺻﻄﻔﺎه اﻟﻠﻪ، ربمّﺎ ﻣﻨﺬ

زﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻮﺟﺪ ﻋﲆ ﻫﺬه اﻷرض، وﻣﻦ ﺛﻢّ، إنّ اﻻﻧﺘﺨﺎب ﻟﻴﺲ ﻓﻌﻼً، إنمّﺎ ﻫﻮ ﺻﻔﺔ واﻣﺘﻴﺎز

ﻣﻼزم ﻟﺸﺨﺺ اﻟﺰﻋﻴﻢ اﳌﺜﺎﱄّ، ﺣﺘّﻰ ﰲ ﺟﺴﻤﻪ ربمّﺎ، ﻣﺜﻞ ﴍارة ﺿﻮء ﻳﻨﻘﻠﻬﺎ إﱃ اﻷﺟﻴﺎل اﻟﻘﺎدﻣﺔ. إنّ

اﻟﻘﻮّة واﻟﺴﻠﻄﺔ ﻻ يمﻜﻦ ﺗﻔﻮﻳﻀﻬما؛ ﻟﻘﺪ وُرِﺛﺘﺎ ﺑﺎﻟﻮﺻﻴّﺔ، وﻫﻲ وﺻﻴّﺔ ﺗﺮﺟﻊ ﰲ أﺻﻠﻬﺎ إﱃ اﻟﻨﺒﻲّ، وﻫﻲ

ﻣﺤﺼﻮرة ﰲ آل ﺑﻴﺘﻪ.

ﻟﻴﺲ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻨﺎ، ﻫﻨﺎ، أن ﻧﺴﺘﻌﻴﺪ اﻟﻨﻘﺎش ﺣﻮل ﻫﺬه اﳌﺴﺄﻟﺔ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ؛ ﻏير أنّ ﻣﺎ ﻳﺜير اﻻﻫﺘمام ﺣﻮل

اﻟﺸﻴﻌﺔ ﻫﻮ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻛﻮﻧﻬﻢ ﺑﺎرﻋين ﺟﺪّاً ﰲ إﻧﺸﺎء اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت، بمﺎ أﻧّﻬﻢ لم ﻳﻜﻮﻧﻮا ﰲ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻗﻂّ. وﻣﻊ

ﺗﺰاﻳﺪ إﺣﺒﺎﻃﺎﺗﻬﻢ، أﺿﺤﺖ أﻓﻜﺎرﻫﻢ أﻛثر ﻏﻠﻮّاً. وﻋﲆ اﳌﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ، لم ﻳﻜﺘﻔﻮا ﺑﻨﻘﺪ ﻋﺜمان ﻓﺤﺴﺐ؛

ﺑﻞ اﻧﺘﻘﺪوا أﺑﺎ ﺑﻜﺮ وﻋﻤﺮاً أﻳﻀﺎً؛ ﻟﻘﺪ ﺑﺪا اﻟﺘﺎرﻳﺦ وﻛﺄﻧّﻪ ﺳﺎر ﰲ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺨﻄﺄ تمﺎﻣﺎً. وﻗﺪ ﺣﺎوﻟﻮا أن

ﻳﻔﴪّوا اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺬي ﻛﺎن وراء ﻗﺒﻮل اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻷوّل، اﻟﺬي اﻧﺘﺨﺐ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﳌﻔﺎﺟﺌﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ

34 - G. Rotter, Die Umayvaden unid der Zweite Biirgerkrieg (680-692) (Wiesbaden: Steiner, 1982), p. 1 ff.

ﺗﺄﻟﻴﻒ: ﺟﻮزﻳﻒ ﻓﺎن إﻳﺲ / ﺗﺮﺟﻤﺔ: ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺒﻮﺳﻜﻼوي