اﻟﻌﺪد
(12)
173
. ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﴩﻋﻴّﺔ آﻧﺬاك ﻻ ﺗﺰال ﻗﺎئمﺔ ﻋﲆ اﻹرث، وﻗﺪ ﺻﺎر
47
بمﺜﺎﺑﺔ ﺣﺪﻳﺚ: اﻷئمّﺔ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺶ
ﻫﺬا اﻷﺳﺎس أوﺳﻊ اﻵن، ﺣﺘّﻰ أﻧّﻪ يمﻜﻦ دﻣﺞ اﻷﻣﻮﻳّين ﺑﻮﺻﻔﻬﻢ ﻗﺮﻳﺸﺎً أﻳﻀﺎً ﰲ اﻟﺘﺼﻮّر اﻟﺮﺳﻤﻲّ
ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ. وﻛﺎن ﻣﻦ ﺑين اﳌﻌﺘﺰﻟﺔ، ﻣﻊ ذﻟﻚ، ﻋﺪد ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﳌﻔﻜّﺮﻳﻦ اﳌﺴﺘﻘﻠّين، اﻟﺬﻳﻦ رأوا أنّ ﻫﺬا
ﻟﻴﺲ واﺳﻌﺎً بمﺎ ﻳﻜﻔﻲ أﻳﻀﺎً. ﻓﺎﻷﺻﻢّ )ﻓﻘﻴﻪ وﻣﺘﻜﻠّﻢ درّس ﰲ اﻟﺒﴫة( أﻛّﺪ أﻧّﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺒﺎﻳﻌﺔ ﺧﻠﻴﻔﺔ
ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﻧﺘماﺋﻪ إﱃ ﻋﺸيرة ﻣﻌﻴّﻨﺔ، إﺟماع ﻛﺎﻣﻞ وﻋﺎﳌﻲّ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ
.
48ّ
ﺟﻤﻴﻊ اﳌﺴﻠﻤين، ﻻ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل، ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﻼل اﺗّﻔﺎق ﺿﻤﻨﻲّ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ
وﻗﺪ ﻫﺎﺟﻢ ﴍط اﻟﻘﺮﺷﻴّﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﴏﻳﺢ ﻣﻌﺎﴏه ﴐار ﺑﻦ ﻋﻤﺮو، وﻫﻮ ﻣﻦ اﳌﻌﺘﺰﻟﺔ أﻳﻀﺎً، ﻟﻜﻨّﻪ ﻗﴣ
ﻣﻌﻈﻢ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﰲ اﻟﻜﻮﻓﺔ؛ وﺣﺠّﺘﻪ أﻧّﻪ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ إﻗﺎﻟﺔ ﻋﻀﻮ ﻣﻦ ﻋﺸيرة ﻗﻮﻳّﺔ إذا ارﺗﻜﺐ
ﻣﺨﺎﻟﻔﺎتٍ )أﺣﺪاﺛﺎً ﻛما اﻋﺘﺎد اﳌﺮء أن ﻳﻘﻮل ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺜمان(. وﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺠﻨّﺐ إراﻗﺔ اﻟﺪﻣﺎء، ﻛﺎن
ﻳُﻔﻀّﻞ أن ﻻ ﻳﻜﻮن اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻳﻨﺤﺪر ﻣﻦ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﻣﺆﺛّﺮة، ﺣﻴﺚ يمﻜﻦ إﻗﺎﻟﺘﻪ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ. وﰲ اﻟﺠﻤﻠﺔ، ﻟﻴﺲ
اﻟﻌﺮبيّ أﺣﻖّ ﺑﺎﻟﺨﻼﻓﺔ ﻣﻦ أيّ ﻧﺒﻄﻲّ؛ أي ﻓﻼح ﻋﺮاﻗﻲّ ﻳﺘﻜﻠّﻢ اﻵراﻣﻴّﺔ، وﻻ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﺄيّ ﻣﻴﺰة ﺧﺎﺻّﺔ، ﻣﺎ
.
49
ﻋﺪا أﻧّﻪ ﻳﺪﻓﻊ ﴐاﺋﺒﻪ
د. وﺟﻮب اﻹﻣﺎﻣﺔ
ﻟﻜﻦ، ﻟﻮ ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ، ﻓﻬﻞ يمﻜﻦ، إذاً، إﺛﺒﺎت أنّ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻻ ﻏﻨﻰ ﻋﻨﻪ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق؟ ﻧﻌﻢ،
ﻗﺎل ﴐار؛ ﻷﻧّﻪ ﻳﻀﻤﻦ اﻷﻣﻦ واﻟﺘماﺳﻚ داﺧﻞ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ، وﻣﻦ ﺛﻢّ، إنّ اﻟﺮﻋﺎﻳﺎ ﻣﺪﻳﻨﻮن ﻟﻪ
. ﻛﺎن ﻋﻠماء اﻟﻜﻼم، ﻣﺜﻞ أﻏﻠﺐ أﻓﺮاد اﻟﻄﺒﻘﺔ اﳌﺘﻌﻠّﻤﺔ، ﻣﺸﻜّﻜين ﺑﺎﻷﺣﺮى ﰲ ﻗﺪرة اﻟﺠماﻫير
50
ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺔ
ﻋﲆ ﺗﻨﻈﻴﻢ أﻧﻔﺴﻬﻢ. ﻣﺒﺪﺋﻴّﺎً، ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺘّﻔﻘين ﻣﻊ ﻣﺎ يمﻜﻦ ﺗﻌﻠّﻤﻪ ﻣﻦ أدب ﻣﺮاﻳﺎ اﻷﻣﺮاء: اﻟﻨﺎس اﻟﻌﺎدﻳﻮن
، أو ﺣﺘّﻰ أﺳﻮأ ﻣﻦ ذﻟﻚ: ﻫﻢ ﻣﺜﻞ اﻟﺬﺋﺎب، ﻛما ﻗﺎل ﺑﴩ ﺑﻦ اﳌﻌﺘﻤﺮ،
51
ﻣﺜﻞ ﻗﻄﻴﻊ ﻳﺮﻋﺎه اﻟﺤﺎﻛﻢ
. وﺳﻴﺎق ﻫﺬه اﳌﻘﺎرﻧﺔ ﻧﻔﺴﻪ ﻧﺠﺪه ﻋﻨﺪ ﻫﻮﺑﺰ
52
ذﺋﺎب ﻳﺠﺮون دائمﺎً وراء ﻓﺮﻳﺴﺘﻬﻢ وﻣﺼﻠﺤﺘﻬﻢ
( ﻻﺣﻘﺎً. وﻷﻧّﻬﻢ ﻋﻘﻼﻧﻴّﻮن، ازدرى اﳌﻌﺘﺰﻟﺔ ﺗﻘﻠﻴﺪ اﻟﻌﺎﻣّﺔ؛ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺘﻘﺪون أنّ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﻬﻤّﺔ
Hobbes)
ﻧﴩ اﻟﺤﻀﺎرة، ﻓﻌﺮﺿﻮا ﻣﴩوﻋﻬﻢ اﳌﺜﺎﱄّ ﻋﲆ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ، وأﺻﺒﺢ ﻓﺸﻠﻬﻢ ﻣﺮﺗﺒﻄﺎً ﺑﻮﺿﻮح ﻣﻊ ﻓﺸﻠﻪ،
ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺤﺪث ﻧﻔﺴﻪ: اﳌﺤﻨﺔ. ﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﳌﺄﻣﻮن آﺧﺮ ﺣﺎﻛﻢ، ﰲ اﻟﻌﴫ اﻟﻘﺪﻳﻢ، ﺣﺎول ﺗﺸﻜﻴﻞ اﳌﺠﺘﻤﻊ
وﻓﻘﺎً ﻟﺘﺼﻮّره اﻟﺨﺎصّ، وأﻏﻠﺒﻴﺔ رﻋﺎﻳﺎه، ﻛما اﺗّﻀﺢ، لم ﺗﻜﻦ ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﻜﻮن ﻣﺘﻌﻠّﻤﺔ، ﻋﲆ اﻷﻗﻞّ ﻟﻴﺲ
ﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ؛ إذ ﻧﻈﺮوا إﱃ ﺳﻴﺎﺳﺘﻪ )وﻟﻬﻢ ﺣﺠّﺘﻬﻢ ﰲ ذﻟﻚ( ﻋﲆ أﻧّﻬﺎ ﻣﺠﺮّد ﻗﻤﻊ.
واﻟﺘﻲ ﺑﻌﺪﻫﺎ.
709
، ص
4 ،
- ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم واﳌﺠﺘﻤﻊ
47
واﻟﺘﻲ ﺗﻠﻴﻬﺎ.
408 ،2 ،
- ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم واﳌﺠﺘﻤﻊ
48
وﻣﺎ ﻳﻠﻴﻬﺎ.
55
، ص
3 ،
- ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم واﳌﺠﺘﻤﻊ
49
.55
- اﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ، ص
50
.711
، ص
4 ،
- ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم واﳌﺠﺘﻤﻊ
51
.109 ،3 ،
- ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم واﳌﺠﺘﻤﻊ
52
ﺗﺄﻟﻴﻒ: ﺟﻮزﻳﻒ ﻓﺎن إﻳﺲ / ﺗﺮﺟﻤﺔ: ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺒﻮﺳﻜﻼوي