اﻟﻌﺪد
(12)
170
اﻟﺠماﻋﺔ، وﺣﺘّﻰ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻋﲇّ، ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﻞّ ﳾء. وﰲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق، ﻣﻴّﺰوا، ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻌﻴّﻨﺔ،
ﺑين إﻣﺎﻣﺔ اﻟﻔﺎﺿﻞ وإﻣﺎﻣﺔ اﳌﻔﻀﻮل؛ ﻛﺎن ﻋﲇّ ﻫﻮ اﻟﻔﺎﺿﻞ، اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺴﺘﺤﻖّ اﻟﺤﻜﻢ ﻣﻨﺬ
اﻟﺒﺪاﻳﺔ، وأﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻫﻮ اﳌﻔﻀﻮل، اﳌﺮﺷّﺢ اﻟﺬي ﺑﻮﻳﻊ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ، وﻣﻦ ﺛﻢّ ﺻﺎر ﻫﻮ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﴩﻋﻲّ، ﻋﲆ
اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧّﻪ أﻗﻞّ درﺟﺔ. وﻗﺪ اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻫﺬه اﳌﺼﻄﻠﺤﺎت ﻻﺣﻘﺎً ﰲ اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻻﻋﺘﺰاﻟﻴﺔ؛ ﻧﺠﺪﻫﺎ
؛ ﻟﻜﻦ ﻳﻈﻬﺮ
36
، أو ﰲ اﻟﻨﺺّ اﳌﻨﺴﻮب إﱃ اﻟﻨﺎﺷﺊ اﻷﻛﱪ
35
ﻋﻨﺪ اﻟﻘﺎﴈ ﻋﺒﺪ اﻟﺠﺒﺎر ﰲ ﻛﺘﺎب )اﳌﻐﻨﻲ(
ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﺒﺎرات اﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ أﻧّﻬﺎ ﻧﺸﺄت ﰲ اﻟﺠﻨﺎح اﻟﺸﻴﻌﻲّ اﳌﻌﺘﺪل. وﻳﺒﺪو أنّ اﳌﻌﺘﺰﻟﺔ ﻗﺪ ﺗﺒﻨّﻮﻫﺎ
ﰲ وﻗﺖ ﻣﺒﻜّﺮ إﱃ ﺣﺪّ ﻣﺎ؛ ﻓﺸﻴﻄﺎن اﻟﻄﺎق، أﺣﺪ اﳌﺘﻜﻠّﻤين اﻟﺸﻴﻌﺔ اﻷواﺋﻞ، وﻫﻮ ﻣﻦ اﻟﻐﻼة إﱃ
. ربمّﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﻴﻮل زﻳﺪﻳّﺔ؛ ﻫﺬا ﺻﺤﻴﺢ
38
، اﺗّﻬﻤﻬﻢ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻏير ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ
37
ﺣﺪﱟ ﻣﺎ
.
39
ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺑﴩ ﺑﻦ اﳌﻌﺘﻤﺮ، ﻋﲆ اﻷﻗﻞّ، اﻟﺬي ﺗﺒﻨّﺎﻫﺎ ﺟﻴﻼً واﺣﺪاً ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ
ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل، لم ﻳﻮاﻓﻖ اﻟﻐﻼة ﻋﲆ ذﻟﻚ؛ ﻛﺎن ﻳُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺮاﻓﻀﺔ آﻧﺬاك، وأﺻﺒﺤﻮا ﻳﺸﻜّﻠﻮن
. اﻧﻄﻠﻖ ﺑﴩ ﺑﻦ اﳌﻌﺘﻤﺮ ﻣﻦ اﻓﱰاض أنّ ﻫﻨﺎك ﻓﺮﻗﺎً ﺑين اﳌﺮﺷّﺤين
40
ﻧﻮاة ﻣﺎ ﻋُﺮف ﺑﺎﺳﻢ اﻻﺛﻨﻲ ﻋﴩﻳﺔ
؛ وﻫﻲ ﻣﺼﺪر اﻟﻘﺎئمﺔ اﳌﺸﻬﻮرة
41ً
ﰲ اﻟﺪرﺟﺔ؛ ﻓﻮﺿﻊ ﻗﺎئمﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺟﻌﻠﺖ اﻟﱰﺗﻴﺐ ﻣﻤﻜﻨﺎ
ﳌﺘﻄﻠّﺒﺎت ﻣﻨﺼﺐ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﺘﻲ اﻋﺘﺪﻧﺎ أن ﻧﻘﺘﺒﺴﻬﺎ ﻣﻦ اﳌﺎوردي. ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ ﻛﺎن ﻣﺤﺾ ﻫﺮاء
ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺮاﻓﻀﺔ؛ ﻓﺎﻟﺨﻠﻔﺎء اﻷواﺋﻞ، ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء ﻋﲇّ، ﻛﺎﻧﻮا ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ ﻣﻐﺘﺼﺒين ﻟﻠﺨﻼﻓﺔ، واﻟﺠماﻋﺔ
اﻟﺘﻲ أﻳّﺪﺗﻬﻢ، أو ﻗﺒﻠﺖ ﺑﻬﻢ، ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﺧﺎرﺟﺔ ﻋﻦ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﳌﺴﺘﻘﻴﻢ، »ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺬﻧﺒين«. ﻛﺎن
اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻣﻐﻔّﻠين، وإﺟماﻋﻬﻢ ﻛﺎن ﺧﺪﻋﺔ، واﻷﻏﻠﺒﻴّﺔ ﻻ يمﻜﻦ أن ﺗﺤﺘﻜﺮ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ؛ واﻟﻔﻘﻪ اﻟﺸﻴﻌﻲّ
ﻳﻌﺘﻤﺪ، إﱃ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا، ﻋﲆ اﻻﺟﺘﻬﺎد ﻻ ﻋﲆ اﻹﺟماع.
ب. اﻟﴫاع ﺣﻮل اﻟﺴﻠﻄﺔ وﺣﻖّ اﳌﻘﺎوﻣﺔ
ﻛﺎن إﻣﺎم اﻟﺸﻴﻌﺔ، ﰲ ﺗﻌﺮﻳﻔﻪ، ﻣﺴﺘﺒﺪّاً، وﻣﻦ اﳌﺆﻛّﺪ ﻛﺎن اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﺴﻨّﻲّ ﻣﺴﺘﺒﺪّاً أﻳﻀﺎً، ﻟﻜﻦ ﰲ
اﻟﻮاﻗﻊ ﻓﺤﺴﺐ، ﻻ ﰲ اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ. ﺑﻌﺪ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﲇّ، اﺳﺘُﺒﻌﺪ اﻷئمّﺔ ﻣﻦ اﳌﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ؛ وﻫﺬا
ﻳﻔﴪّ ﳌﺎذا ﻛﺎن اﻻﺳﺘﻌﺪاد اﻟﺜﻮريّ ﻟﺪى اﻟﺸﻴﻌﺔ ﻗﻮﻳّﺎً إﱃ ﺣﺪﱟ ﻣﺎ، وإن ﻛﺎن أﻗﻮى ﻋﻨﺪ اﻟﺨﻮارج. أﻣّﺎ
وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ وﻗﺒﻠﻬﺎ.
15 .1
، س
267
، اﻟﻘﺴﻢ اﻷوّل، ص
20
- اﳌﺠﻠﺪ
35
36 -Van Ess, Frühe mu‘tazilitische Häresiographie (Beirut: Steiner 1971).
،(W. Madelung)
وﻣﺎ ﻳﻠﻴﻪ. وﻳﺤﺘﻤﻞ أن ﻳﻜﻮن اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻦ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ ﺣﺮب، ﻛما ﺑينّ ذﻟﻚ ﻣﺎدﻟﻮﻧﻎ
12 ،1
، س
50
اﻟﻨﺺّ اﻟﻌﺮبي، ص
وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ.
220
(، ص
Der Islam) ، 57، (1980) ،
اﻹﺳﻼم
وﻣﺎ ﻳﻠﻴﻬﺎ.
336
، ص
1 ،
- ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم واﳌﺠﺘﻤﻊ
37
.3
، س
66
، ص
5 ،
- اﻧﻈﺮ ﻋﻨﻮان اﻟﻜﺘﺎب ﺿﻤﻦ: ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم واﳌﺠﺘﻤﻊ
38
.130
و
108
، ص ص
3 ،
- ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم واﳌﺠﺘﻤﻊ
39
وﻣﺎ ﻳﻠﻴﻬﺎ.
308
، ص
1 ،
- ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم واﳌﺠﺘﻤﻊ
40
.129
، ص
3 ،
- ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم واﳌﺠﺘﻤﻊ
41
اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ ﰲ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺪﻳﻨﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﳌﺒﻜّﺮ