Next Page  172 / 242 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 172 / 242 Previous Page
Page Background

اﻟﻌﺪد

(12)

171

اﻟﺴﻨّﺔ، ﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ؛ ﻓﻘﺪ ﺧﺎﺿﻮا دوﻣﺎً ﰲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﱪﻳﺮ اﻟﺤﻜﻢ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﺣﺎﻓﻈﻮا ﻋﲆ أﺳﻄﻮرة

ﻛﻮن اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻧﺘﺨﺐ ﺑﺸﻜﻞ ﴍﻋﻲّ، وأنّ ﺟماﻋﺔ أﺗﺒﺎﻋﻪ ﻗﺪ ﺳﺎﻋﺪوه، ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ، ﻋﲆ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻧﻈﺎم

إﺳﻼﻣﻲّ ﺣﻘﻴﻘﻲّ. واﻟﺸﻌﺎر اﻟﺬي اﺳﺘﺨﺪﻣﻮه ﻣﻦ أﺟﻞ دﻋﻢ ﻫﺬا اﻻدّﻋﺎء ﻛﺎن ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ تمﺎﻣﺎً ﺳﺒﺐ

اﻟﺘﻤﺮّد ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻵﺧﺮﻳﻦ: اﻷﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮوف واﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ اﳌﻨﻜﺮ. اﳌﺴﺄﻟﺔ ﻛﻠّﻬﺎ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﻔﺴير؛ ﻓﺎﻟﺘﻌﺒير

ﻗﺮآنيّ، وﻟﻜﻦ يمﻜﻦ ﺗﻔﺴيره ﺑﺄﻧﺤﺎء ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ. وﻗﺪ ﺗﺮك اﻟﺨﻼف ﺣﻮل ﻫﺬا اﳌﻮﺿﻮع أﺛﺮه ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﰲ

اﻟﺤﺪﻳﺚ؛ ﻛﻴﻒ يمﻜﻦ أن ﻧﺄﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮوف وﻧﻨﻬﻰ ﻋﻦ اﳌﻨﻜﺮ؟ أﺑﺎﻟﺴﻴﻒ؛ أي ﺑﺈﻋمال اﻟﻘﻮة اﻟﻌﺴﻜﺮﻳّﺔ،

أم ﺑﺎﻟﻠﺴﺎن؛ أي ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻹﻟﺤﺎح اﻟﺸﻔﻬﻲّ اﻟﺨﺎﻟﺺ، أم ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ؛ أي ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺮﻓﺾ اﻟﺪاﺧﲇّ

. ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺨﻠﻔﺎء، ﻛﻞّ ذﻟﻚ

42

ﻓﺤﺴﺐ؟ اﺧﺘﻠﻔﺖ اﻷﺟﻮﺑﺔ، ﻟﻜﻨّﻬﺎ ﺗﻌﻮد إﱃ اﻟﻌﴫ اﻷﻣﻮيّ اﳌﺒﻜّﺮ

ﻳﻌﻮد إﱃ اﻟﺴﺆال ﺣﻮل ﻣﻦ ﻛﺎن ﻟﻪ اﻟﺤﻖّ ﰲ اﻟﺘﴫّف ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ. ﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻋﲆ

اﳌﺤﻚّ.

ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲّ ﺟﺪّاً، إذاً، أن ﻳﻜﻮن ﻣﺎﻟﻜﻮ اﻟﺴﻠﻄﺔ واﻟﺬﻳﻦ ﻳﺜﻮرون ﺿﺪّﻫﻢ ﻳﺤﻴﻠﻮن ﻣﻌﺎً ﻋﲆ اﳌﺒﺎدئ

ﻧﻔﺴﻬﺎ. ﻃﺒّﻖ اﳌﻌﺘﺰﻟﺔ ﻣﺒﺪأ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮوف ﰲ اﳌﺮﺣﻠﺔ اﳌﺒﻜّﺮة ﻣﻦ ﻧﺸﺄﺗﻬﻢ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻌﺎرﺿين

ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ، ﻏير أﻧّﻬﻢ اﺣﺘﻔﻈﻮا ﺑﻪ، أﻳﻀﺎً، ﺑﻮﺻﻔﻪ أﺻﻼً ﻣﻦ أﺻﻮﻟﻬﻢ اﻟﺨﻤﺴﺔ، ﰲ وﻗﺖ ﻻﺣﻖ، ﻋﻨﺪﻣﺎ

. ﻏير أنّ دﻋﻮى اﻟﻌﺼﻴﺎن ﺻﺎرت ﺿﻌﻴﻔﺔ ﰲ اﻟﻨﻘﺎش ﻣﻦ ﺧﻼل آﻳﺔ ﰲ اﻟﻘﺮآن،

43

ﻛﺎﻧﻮا ﰲ ﺑﻼط ﺑﻐﺪاد

(: )وإن ﻃﺎﺋﻔﺘﺎن ﻣﻦ اﳌﺆﻣﻨين اﻗﺘﺘﻠﻮا ﻓﺄﺻﻠﺤﻮا ﺑﻴﻨﻬما ﻓﺈن ﺑﻐﺖ إﺣﺪاﻫما ﻋﲆ

9/49)

وﻫﻲ ﺳﻮرة

اﻷﺧﺮى ﻓﻘﺎﺗﻠﻮا اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻐﻲ ﺣﺘّﻰ ﺗﻔﻲء إﱃ أﻣﺮ اﻟﻠﻪ(. ﻫﺬه اﻵﻳﺔ ﺗﻮﴆ ﺑﺎﻟﺼﻠﺢ وﺣﻞّ اﻟﻨﺰاﻋﺎت.

ﻓﺎﻟﺘﻤﺮّد أﺻﺒﺢ أﻣﺮاً ﻏير ﻋﺎديّ، وﻧﻮﻋﺎً ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻮك ﻏير اﻟﺴﻮيّ، ﻣﻦ أﺟﻞ إزاﻟﺔ ﻣﺎ ﺗﺘﺤﻤّﻞ اﻟﺠماﻋﺔ

ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺘﻪ. ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل، لم ﻳﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ دائمﺎً، ﻋﲆ اﳌﺴﺘﻮى اﻟﻔﺮديّ، ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻫﻲ

»اﻟﻔﺌﺔ اﻟﺒﺎﻏﻴﺔ«؛ ﻟﻜﻦ ﺣﺘّﻰ ﻟﻮ أنّ ﺟماﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺜﻮار ادّﻋﺖ أﻧّﻬﺎ ﺗﻘﺎﺗﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻗﻀﻴّﺔ ﻋﺎدﻟﺔ )وﻣﻦ

اﳌﺆﻛّﺪ دوﻣﺎً أن ﻟﺪﻳﻬﺎ ﺳﺒﺒﺎً ﻟﺬﻟﻚ( ﻓﺈﻧّﻬﺎ ﺗُﺘّﻬﻢ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴّﺎً إذا رﻓﻀﺖ اﻟﺘﻔﺎوض، أو ﺗﻈﺎﻫﺮت اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ

ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﺗﻨﺎزﻻت. ﻟﺬﻟﻚ، ﻋﺎدةً ﻣﺎ ﻳُﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﺒﻐﺎة اﻟﺨﻮارج، واﻟﺮﺟﻞ اﻟﻄﻴّﺐ ﰲ اﻟﻘﺼّﺔ ﻫﻮ ﻋﲇّ اﻟﺬي

ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺤﻜﻴﻢ ﰲ ﺻﻔّين، وﻛﺎن ﻳُﻌﺘﻘﺪ أﻳﻀﺎً أﻧّﻪ أوّل ﻣﻦ أﻃﻠﻖ ﻋﲆ أﻋﺪاﺋﻪ اﺳﻢ اﻟﻔﺌﺔ اﻟﺒﺎﻏﻴﺔ، أﺛﻨﺎء

.

44

ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻟﺠﻤﻞ

وﻣﺎ ﻳﻠﻴﻬﺎ؛ اﻧﻈﺮ دراﺳﺔ م. ﻛﻮك اﳌﻔﺼّﻠﺔ:

387

، ص

2 ،

  - ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم واﳌﺠﺘﻤﻊ

42

M. Cook, Commanding Right and Forbidding Wrong in Islamic Thought (Cambridge: Cambridge University

Press, 2000).

.704

، ص

4 ؛223

، ص

3

؛ س

390

  - اﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ، ص

43

/1321 ،

وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ. اﻧﻈﺮ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺬي ﺧﺼّﺼﻪ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻟﻬﺬه اﳌﺴﺄﻟﺔ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻷمّ، اﻟﻘﺎﻫﺮة/ ﺑﻮﻻق

704

، ص

4 ،

  - ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم واﳌﺠﺘﻤﻊ

44

وﻣﺎ ﻳﻠﻴﻬﺎ(.

18 ،134

. اﻋﺘﱪ أﻫﻞ اﻟﺮدّة ﻣﺜﺎﻻً واﺿﺤﺎً ﻋﲆ اﻟﺒﻐﻲ )ص

147 133-

، ص ص

4

، اﳌﺠﻠﺪ

1908 /1903-1326

ﺗﺄﻟﻴﻒ: ﺟﻮزﻳﻒ ﻓﺎن إﻳﺲ / ﺗﺮﺟﻤﺔ: ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺒﻮﺳﻜﻼوي