اﻟﻌﺪد
(12)
205
وﻋﲆ ﻃﺎﻋﺔ اﻟﻠﻪ واﻟﺜﻘﺔ ﰲ ﺗﻨﺰﻳﻠﻪ. واﻟﻴﻘين اﻟﺬي ﻳﺤﺼﻞ ﻟﻠﻤﺆﻣﻦ أﻗﻮى ﻣﻦ ذاك اﻟﻴﻘين اﻟﺬي تمﻨﺤﻪ
اﻟﻬﻨﺪﺳﺔ، ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧّﻬﺎ تمﻨﺢ ﻳﻘﻴﻨﺎً ﻣﻦ ﻧﻮع آﺧﺮ. ﻓﻼ ﻳﺮى اﳌﺆﻣﻨﻮن أنّ ﻧﻘﻴﺾ ﻣﺎ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﻪ
ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ، ﻣﺜﻠما ﻫﻮ اﻟﺸﺄن ﻓﻴما ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﳌﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﺑﺮﻫﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ رﻳﺎﺿﻴﺎً. إنّ ذﻟﻚ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أن
ﻋﻘﻴﺪﺗﻬﻢ ﻣﻬﺰوزة.
]ﻳﻘﻮل ﺑﺎﻳﻞ[: »ﻳﻨﺒﻐﻲ، إذاً، أﻻ ﻧﻨﻘﺪ ﻻﻫﻮﺗﻴﺎً ﻳﺆﻛﺪ أﻧّﻨﺎ ﻣﻘﺘﻨﻌﻮن تمﺎﻣﺎً ﺑﺤﻘﻴﻘﺔ اﳌﺬاﻫﺐ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻠﻦ
ﻋﻨﻬﺎ ﻗﺴﺎوﺳﺘﻨﺎ، ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﻌﻠﻞ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﻤﺪون ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻻ ﺗُﺨﻮﱢ ل ﻣﻌﺮﻓﺔ اﺳﺘﺤﺎﻟﺔ وﺟﻮد
.
17
اﻷﺷﻴﺎء ﻋﲆ وﺟﻪ آﺧﺮ«
ﻻ ﻳﺼﺪر اﻟﻮﺛﻮق ﻋﻦ وﺿﻮح اﻟﻔﻜﺮة وتمﻴّﺰﻫﺎ ﻣﺜﻠما ﻫﻮ اﻷﻣﺮ ﰲ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ، وﻟﻜﻦ ﻣﻦ إﺣﺴﺎس
داﺧﲇ. ﻏير أنّ »ﻫﺬه اﻟﺠﺎذﺑﻴﺔ أﺣﻴﺎﻧﺎً ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻗﻮﻳﺔ إﱃ درﺟﺔ ﺗﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺨﺘﺎر رأﻳﺎً ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي
.
18
ﺗﻜﻮن أﺳﺒﺎب ﺷﻜّﻨﺎ ﻓﻴﻪ، ﺣﻴﻨما ﻧﻌﺘﱪه ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ، ﺗﺒﺪو أﻛثر اﺣﺘماﻻً ﻣﻦ أﺳﺒﺎب اﻻﻋﺘﻘﺎد«
اﻟﺤﻖ ﻟﻴﺲ دائمﺎً واﺿﺤﺎً وﻣﺘﻤﻴﺰاً. وﻣﺎ ﻛﺎن أﻛثر وﺛﻮﻗﺎً ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﴬورة ﻋﻘﻼﻧﻴﺎً. ﺗﺘﻤﺜﻞ اﳌﻔﺎرﻗﺔ
اﻟﺒﺎﻳﻠﻴّﺔ ﰲ ﻣﻌﺎرﺿﺔ أوﻟﻮﻳﺔ اﻟﻌﻘﻞ ﰲ ﻧﻈﺎم اﳌﻌﺮﻓﺔ واﻟﻔﻌﻞ، واﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﻮﻇﻴﻔﺘﻪ اﻟﻨﺴﻘﻴﺔ اﻟﻼﻣﺤﺪودة
ﰲ ﻓﺤﺺ اﳌﺬاﻫﺐ واﳌﻌﺘﻘﺪات واﳌمارﺳﺎت. ﻓﻠﻴﺲ اﻟﻌﻘﻞ ﻣﻠﻜﺔ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎز ﺑﻘﺪر ﻣﺎ
( ﺗﻔﻜّﻚ ﰲ اﻟﻠﻴﻞ ﻣﺎ ﺗﺤﻴﻜﻪ
Pénélope)
ﺗﻬﺪم أﻛثر ﻣماّ ﺗﺒﻨﻲ، ﻣﺜﻠما ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻨﻴﻠﻮب
19
ﻫﻮ ﻣﻠﻜﺔ ﻧﻘﺪ
. إنّ اﻟﻌﻘﻞ ﻫﻮ أداة اﻟﺸﻚّ واﻟﺘﺸﻮﻳﺶ؛ إﻧﻪ ﺷﺒﻴﻪ ﺑﺎﻟﺤﺎﻣﺾ اﻟﻔﺎﺗﻚ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﺘﻄﻬير
20
ﰲ اﻟﻨﻬﺎر
اﻟﺠﺮح، ﻟﻜﻨّﻪ ﻳﻨﻬﺶ اﻟﻠﺤﻢ اﻟﺴﻠﻴﻢ، وﻳﻨﻔﺬ إﱃ ﺣﺪّ اﻟﻌﻈﻢ واﻟﻨﺨﺎع ﻣﺎ لم ﻳﻮﻗﻔﻪ ﳾء. ﻓﻌﻼً: »اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ
ﺗﺪﺣﺾ أوّﻻً اﻷﺧﻄﺎء، وإن لم ﻧﻮﻗﻔﻬﺎ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ، ﻓﺈﻧّﻬﺎ ﺗﻬﺎﺟﻢ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ: وﺣين ﻧﱰﻛﻬﺎ ﺗﻔﻌﻞ ﻣﺎ
ﺗﺸﺎء ﺑﺤﺴﺐ ﺷﻬﻮاﺗﻬﺎ، ﺗﺒﺘﻌﺪ إﱃ درﺟﺔ ﺗﺠﻌﻠﻬﺎ ﻏير ﻗﺎدرة ﻋﲆ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻮﻗﻌﻬﺎ، وﻻ ﻋﲆ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﲆ
.
21
رﻛﻴﺰة ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ«
ﻻ ﺑﺪّ ﻣﻦ أن ﻧﺆﻛﺪ أن ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﳌﻌﻘﺪ )ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﻘﻴﺪ ﺑﺤﺪود( ﻟﻴﺲ ﻧﺎﺟماً ﻋﻦ اﺳﺘﺨﺪام
ﺳﻴّﺊ ﻟﻠﻌﻘﻞ، وإنمﺎ ﻋﻦ ﻣﻴﻞ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺬاتي. ﻓﻨﺰﻋﺔ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ، ﻣﻨﺬ ﺗﺤﺮّره، ﺗﺤﻤﻠﻪ ﻋﲆ اﻟﺮﻳﺒﻴﺔ.
إﻧﻬﺎ رﻳﺒﻴﺔ ﻧﺴﺒﻴﺔ، ﻣﺎ دام ثمﺔ، ﺑﺤﺴﺐ ﺑﺎﻳﻞ، ﻣﻌﺎرف ﻻ ﺗﻘﺒﻞ اﻟﺸﻚ )وﻫﻲ ﻋﲆ اﳌﺴﺘﻮى اﻟﻨﻈﺮي
.DHC, «Beaulieu», rem. F .«
- ذﻛﺮ ﺳﺎﺑﻘﺎً، اﳌﻌﺠﻢ، »ﺑﻮﻟﻴﻮ
17
.Réponse aux questions d’un provincial (RQP), II, chap. XCIX, OD III2, p. 702a ،
- ﺑﺎﻳﻞ، ﺑﻴير، إﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ أﺳﺌﻠﺔ ﻗﺮوي
18
- وﻫﻮ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ اﻟﺬي يمﻜﻦ أن ﻧﺠﺪه ﻋﻨﺪ ﺑﺎﻳﻞ.
19
DHC, «Bunel», rem. E .
- اﳌﻌﺠﻢ، »ﺑﻮﻧﺎل«، اﳌﻼﺣﻈﺔ
20
.Acosta», rem. G» .
- اﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ، »أﻛﻮﺳﺘﺎ«، ﻣﻼﺣﻈﺔ
21
ﺑﻘﻠﻢ: ﺑﻮل راﺗﻮ / ﺗﺮﺟﻤﺔ: اﻟﻄﺎﻫﺮ ﺑﻦ ﻗﻴﺰة