Next Page  92 / 242 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 92 / 242 Previous Page
Page Background

اﻟﻌﺪد

(12)

91

إن اﳌﺸﺎﻛﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻦ ﺟﺮّاء ﺳﻮء ﺗﺪﺑير اﻟﺘﻌﺪد اﻷﺧﻼﻗﻲ )اﻟﺤﺠﺎب( ﻳﻌﻮد ﺳﺒﺒﻬﺎ إﱃ

ﻓﻜﺮة اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺤﺎدّ واﻟﺼﺎرم ﺑين اﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ. ﻓﺄﻧﻈﻤﺔ اﻟﻔﺼﻞ ﺗﺴﻘﻂ ﰲ ﺗﻨﺎﻗﺾ

ذاتي ﺑين اﺣﱰام ﻣﺒﺪأ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻳﺔ واﻟﻌﻼﻣﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ، وﺑين ﻋﻠماﻧﻴﺔ ﻣﺘﺸﺪّدة ﺻماّء. ﻳﺮى

ﺗﺎﻳﻠﻮر أن ﻋﻠماﻧﻴﺔ اﻟﻔﺼﻞ واﻟﺤﻴﺎد، اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻬﺠﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ، لم ﺗﺘﺤﻘّﻖ أﺑﺪاً ﻋﲆ أرض اﻟﻮاﻗﻊ؛ ﻓﻤﺜﻼً تمﻨﻊ

( ﻋﲆ ﻋﻜﺲ

85%)

اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ اﻟﺤﺠﺎب، وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ تمﻮل اﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ

(، أو تمﻨﻊ ﺣﻤﻞ اﻟﺮﻣﻮز اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ، وﰲ اﻟﻮﻗﺖ

60%)

اﳌﻘﺎﻃﻌﺔ اﻟﻜﻨﺪﻳﺔ ﻛﻴﺒﻴﻚ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻞﱡ اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ إﱃ

ﻧﻔﺴﻪ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻠﺮﻫﺒﺎن ﺑﺰﻳﺎرة اﻟﺴﺠﻮن واﳌﺴﺘﺸﻔﻴﺎت ﻟﺘﻼوة ﺗﺮاﺗﻴﻞ ﻋﲆ ﺣﺎﻻت ﻣﻦ اﻟﻮﻓﻴﺎت...

وﻟﻠﺨﺮوج ﻣﻦ ﻫﺬا اﳌﺄزق اﻟﻌﻠماني، ﻳﺮى ﺗﺎﻳﻠﻮر أن اﻟﺘﺼﻮر اﻟﻠﻴﱪاﱄ اﻟﺘﻌﺪدي ﻳﺠﺐ أن ﻳُﺒﻨﻰ ﻋﲆ

ﺣﻴﺎد اﳌﺆﺳﺴﺎت، وﻟﻴﺲ ﻋﲆ ﺣﻴﺎد اﻷﻓﺮاد. ﻓﺎﻟﻔﺮد ﻻ يمﻜﻦ أن ﻳﺘﻨﺎزل ﻋﻦ ﻣﺎ ﻳﺸﻜﻞ ﺗﻨﺎﻏماً واﻧﺴﺠﺎﻣﺎً

ﻣﻊ ﻫﻮﻳﺘﻪ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ، أو ﻣﻊ إﺷﺎراﺗﻪ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ. ﻓﺎﻹيمﺎن ﻻ ﺑﺪّ ﻣﻦ أن ﻳﺘﻤﻈﻬﺮ ﰲ ﻣمارﺳﺔ اﻟﺸﻌﺎﺋﺮ

اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺳﻠﻮﻛﺎً وﻓﻌﻼً. وﻣﻦ ثمّﺔ، ﻻ يمﻜﻦ ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ اﻟﻔﺮد ﺑﺈﺑﻌﺎد ﻣﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻗﻨﺎﻋﺎت إيمﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ

اﻟﻔﻀﺎء اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ؛ ﻷن »اﳌﻮاﻃﻨين، ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻢ أﻓﺮاد، ﻫﻢ أﺣﺮار ﰲ إﻇﻬﺎر اﻧﺘماﺋﻬﻢ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﰲ

؛ ﻷن »ﻓﻜﺮة »إﺑﻌﺎد اﻟﺪﻳﻦ« ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻔﻀﺎءات أﻣﺮ ﻣﺸﺒﻮه

48

اﻟﻔﻀﺎء اﻟﺨﺎص ﻛما ﰲ اﻟﻔﻀﺎء اﻟﻌﺎم«

. أﻣّﺎ اﳌﺆﺳﺴﺎت، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺄن ﺗﻈﻬﺮ واﺟﺐ اﻻﺣﱰام ﳌﺒﺪأ اﻟﺤﻴﺎد، وﺿمان اﺣﱰام

49

أﺧﻼﻗﻴﺎً«

ﻣﺒﺎدئ اﳌﺴﺎواة وﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﻔﻜير. ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺣﻖّ أيّ ﻣﺆﺳﺴﺔ أن تمﻴﻞ إﱃ ﺗﻌﺰﻳﺰ، أو دﻋﻢ، أو ﺗﺒﻨّﻲ

(. وﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ، ﻳﺠﺐ ﻓﻬﻢ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑين

2005 /95)

اﻋﺘﻘﺎد دﻳﻨﻲ، ﻛما ﺣﺼﻞ ﰲ ﻛﻨﺪا ﻗﺒﻞ ﺗﺒﻨّﻲ ﻗﺎﻧﻮن

اﻟﺪﻳﻦ واﻟﻌﻠماﻧﻴﺔ ﰲ إﻃﺎر ﻣمارﺳﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﺪرك ﻛﻴﻒ ﺗﺪﺑﺮ اﻟﺘﻨﻮّع وﻓﻖ ﻣﺒﺎدئ أﺧﻼﻗﻴﺔ، وﻟﻴﺲ وﻓﻖ

ﻣﺒﺎدئ اﻟﻔﺼﻞ اﳌﺆﺳﺴﺎتي؛ ﻷن »ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺘﺼﻮر اﻟﻠﻴﱪاﱄ واﻟﺘﻌﺪدي ﻟﻠﻌﻠماﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻨﺎ ﻋﲆ ﺿﺒﻂ

.

50

اﻟﴫاﻋﺎت اﻹﺛﻨﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﺘﻌﺪد اﻷﺧﻼﻗﻲ واﻟﺪﻳﻨﻲ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﳌﻌﺎﴏة«

إن اﻟﺴﺆال: ﻣﺎذا ﻳﻌﻨﻲ أن ﻧﻌﻴﺶ ﰲ ﻋﴫ ﻋﻠماني؟ ﺳﺆال أﺳﺎﳼ اﻓﺘﺘﺢ ﺑﻪ ﺗﺎﻳﻠﻮر ﻣﴩوﻋﻪ اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ،

وﺣﺎول أن ﻳﺠﺪ ﻟﻪ ﻣﺴﻮّﻏﺎً ﻋﻘﻼﻧﻴﺎً. ﺑﺎﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺣﺎول ﻫﺎﺑﺮﻣﺎس أن ﻳﺪﺷّﻦ رؤﻳﺘﻪ اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ إزاء اﻟﻌﻼﻗﺔ

ﺑين اﻟﺪﻳﻦ واﻟﻌﻠماﻧﻴﺔ، ﺑﺴﺆال ﻻ ﻳﻘﻞّ أﻫﻤﻴﺔ ﻋﻦ ﺳﺆال ﺗﺎﻳﻠﻮر، وﻫﻮ: ﻣﺎ اﳌﻘﺼﻮد بمﺠﺘﻤﻊ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﻠماني؟

ﻳﻌﺮّف ﻫﺎﺑﺮﻣﺎس اﳌﺠﺘﻤﻊ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﻌﻠماني: ﻫﻮ ذﻟﻚ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﺬي »ﻳﻼﺋﻢ ذاﺗﻪ ﻣﻊ وﺟﻮد داﺋﻢ

. ﻓﻤﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ،

51

ﻟﻠﺠماﻋﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ، ﺣﻴﺚ اﳌﺤﻴﻂ اﻻﺟﺘماﻋﻲ ﻣُﻌَﻠْﻤﻦ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﺰاﻳﺪ«

48 - Jocelyn Maclure, Charles Taylor, Laicité et liberté, op.cit., p.53.

49 - Ibid., p,57.

50  - Ibid., p.55.

51- Habermas, Europe The Faltering, op.cit., p. 63.

ﻋﺰﻳﺰ اﻟﻬﻼﱄ