30
(، اﻷﺳـﺘﺎذة ﰲ ﺟﺎﻣﻌـﺔ ﻟﻮﻧـﺪ اﻟﺴـﻮﻳﺪﻳّﺔ، ﺗﺄوﻳـﻼً ﺟﺪﻳـﺪاً ﻟﻠﺘﺎرﻳـﺦ اﻹﺳـﻼﻣﻲ )واﻟﻘـﺮآن(
Ann Kull)
آن ﻛـﻮل
ﰲ اﻷﻓـﻖ اﻹﻧﺪوﻧﻴـﴘ. وﻳﺴـﻌﻰ اﺳـﺘﻘﺮاؤﻧﺎ ﻓﻜـﺮ ﻧـﻮر ﺧﺎﻟـﺺ ﻣﺠﻴـﺪ إﱃ ﻟﻔـﺖ اﻟﻨﻈـﺮ إﱃ ﺛﻼﺛـﺔ ﻣﻜﻮّﻧـﺎت
دﻗﻴﻘـﺔ ﻻ ﻳﻔﻬـﻢ ذاك اﻟﻔﻜـﺮ إﻻ ﺑﻬـﺎ؛ ﻳﺘﻤﺜّـﻞ اﳌﻜـﻮّن اﻷوّل ﰲ أنّ ﺳـيرة اﻟﺮﺟـﻞ اﻟﻌﻠﻤﻴّـﺔ ﻗـﺪ ﻃﺒﻌﺘﻬـﺎ ﺷـﺨﺼﻴّﺔ
ﻓﻀـﻞ اﻟﺮﺣﻤ ـﻦ ورؤﻳﺘ ـﻪ، ﺑﻌ ـﺪ أن اﺳـﺘﻘﺮّ ﰲ اﻟﻮﻻﻳ ـﺎت اﳌﺘّﺤـﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴ ّـﺔ، وﺑﺮﻫـﻦ ذﻟ ـﻚ اﻻﻧﻄﺒ ـﺎع ﻋ ـﲆ
ﺗﻘﻴّـﺪ ﻣﻘﺎﻟـﺔ ﻧـﻮر ﺧﺎﻟـﺺ ﻣﺠﻴـﺪ ﰲ اﻟﺤﺪاﺛـﺔ ﺑﺎﻟﺤـﺪود اﻟﺘـﻲ ﺳـﻴّﺠﺖ ﻣﻘﺎﻟـﺔ ﻓﻀـﻞ اﻟﺮﺣﻤـﻦ ﻧﻔﺴـﻪ. وﻳـﺪور
اﳌﻜـﻮّن اﻟﺜـﺎني ﻋـﲆ ﻣﺤﺪودﻳّـﺔ ﻣﻘﺎﻟـﺔ ﻧـﻮر ﺧﺎﻟـﺺ ﻣﺠﻴـﺪ ﰲ اﻟﺤﺪاﺛـﺔ؛ ﻷﻧّـﻪ ﻧﺤـﺎ ﻓﻴﻬـﺎ ﻣﻨﺤـﻰ ﺗﻮﻓﻴﻘﻴّـﺎً ﻣـﻦ
أﺟـﻞ أن ﻳﻌﺎﻟـﺞ ﻗﻀﺎﻳـﺎ ﻣﺠﺘﻤﻌـﻪ بمـﺎ ﻻ ﻳﺮاﺟـﻊ اﳌﺴـﻠّمات اﻟﺪﻳﻨﻴّـﺔ. واﻟﺤﺎﺻـﻞ، ﰲ ﻧﻈﺮﻧـﺎ، أنّ ﻣﻘﺎﻟـﺔ ﻧـﻮر
ﺧﺎﻟـﺺ ﻣﺠﻴـﺪ ﺣﻤﻠـﺖ ﰲ ذاﺗﻬـﺎ ﺑـﺬرة ﺗﻬﺎﻓﺘﻬـﺎ، وﻳُﻌـﺪّ ذﻟـﻚ ﺳـﺒﺒﺎً ﻣـﻦ أﺳـﺒﺎب اﻧﺘـﻜﺎس اﻟﺠﻬـﺪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺜـﻲ،
وﻋ ـﻮدة اﻷﺻﻮﻟﻴ ّـﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴ ّـﺔ إﱃ ﺷ ـﺪّﺗﻬﺎ. وﻧﻌﻨ ـﻲ ﺑﺎﳌﻜ ـﻮّن اﻟﺜﺎﻟ ـﺚ أنّ ﻧ ـﻮر ﺧﺎﻟ ـﺺ ﻣﺠﻴ ـﺪ ﻗ ـﺪ ﺻـﺎغ ﻣﺜ ـﺎﻻً
آﺧـﺮ ﻟﻠﻤﺴـﺄﻟﺔ اﻟﺘﺄوﻳﻠﻴ ّـﺔ ﻻ ﺗﺘﻤﺜ ّـﻞ ﻃﺮاﻓﺘ ـﻪ ﰲ ﺑﻨ ـﺎء ﻧﻈﺮﻳ ّـﺔ ﺗﺄوﻳﻠﻴ ّـﺔ ﺟﺪﻳ ـﺪة، ﺑ ـﻞ ﺗﺘّﻀـﺢ ﺟﺪّﺗ ـﻪ اﳌﺜ ـيرة
ﰲ ﻧـﻮع اﻟﺘﻄﺒﻴﻘـﺎت اﻟﻔﻘﻬﻴّـﺔ واﻟﺘﴩﻳﻌﻴّـﺔ، بمـﺎ ﻳﻀﻤـﻦ اﺳـﺘﻤﺮار اﻟﺘﻌﺪّدﻳّـﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴّـﺔ واﻹﺛﻨﻴّـﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴّـﺔ ﰲ
إﻧﺪوﻧﻴﺴـﻴﺎ، وﻳﺮﺳّـﺦ اﻟﺒﻌـﺪ اﻹﻧﺴـﺎني واﻟﻜـﻮني ﰲ اﻟﻘﻴـﻢ اﻹﺳـﻼﻣﻴّﺔ، وﻫـﻮ ﻣـﺎ ﻳﺤـﻮّل ﻣﻘﺎﻟـﺔ اﻟﺤﺪاﺛـﺔ ﻋـﲆ
ﻟﺴـﺎﻧﻪ وﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺗﻬـﺎ ذات أﻓـﻖ تمﺠﻴـﺪي وﺣﺠﺎﺟـﻲ.
ﰲ أواﺋﻞ اﻷﻓﻜﺎر: ﻧﻮر ﺧﺎﻟﺺ ﻣﺠﻴﺪ واﺳﺘﺒﻄﺎن اﻟﺒﺎﻧﺸﺴﻴﻼ:
( اﻟﻨﺎﺋـﺐ اﻟﺜﺎﻟـﺚ
1984-1917)
ﻳﺸـير ﻣَـﻦ ﺗﺮﺟـﻢ ﻟﻨـﻮر ﺧﺎﻟـﺺ ﻣﺠﻴـﺪ إﱃ ﻋﻼﻗـﺔ اﻟﺮﺟـﻞ ﺑـﺂدم ﻣﺎﻟـﻚ
ﻟﻠﺮﺋﻴـﺲ ﺳـﻮﻫﺎرﺗﻮ. وﻳﺒـﺪو أنّ ﻧـﻮر ﺧﺎﻟـﺺ ﻣﺠﻴـﺪ ﻗـﺪ اﻗﺘﻔـﻰ أﺛـﺮ ﻣﺎﻟـﻚ ﰲ اﻋﺘﺒـﺎره اﻟﺒﺎﻧﺸﺴـﻴﻼ وﺻﺤﻴﻔـﺔ
اﳌﺪﻳﻨـﺔ اﻟﺘـﻲ أﻧﺸـﺄﻫﺎ اﻟﻨﺒـﻲ ﰲ اﳌﺪﻳﻨـﺔ وﺛﻴﻘﺘـين ﻣﺘماﺛﻠﺘـين ﰲ اﻟـﺮوح. وارﺗـﺄى ﻣﺎﻟـﻚ أنّ اﻟﺼﺤﻴﻔـﺔ ﺗﺴـﻤﺢ
ﺑﺎﳌﺴـﺎﻛﻨﺔ اﻵﻣﻨـﺔ واﻟﺴـﻠﻤﻴّﺔ ﺑـين اﳌﺴـﻠﻤين وﻏيرﻫـﻢ ﻣـﻦ أﻫـﻞ اﻟﺪﻳﺎﻧـﺎت اﻷﺧـﺮى. وﻛـﺬا ﻇﻨّـﺖ اﻟﺒﺎﻧﺸﺴـﻴﻼ
( وﺣــﺪة
3) ؛
( إﻧﺴــﺎﻧﻴّﺔ ﻋﺎدﻟــﺔ وﻣﺘﺤــﴬّة
2) ؛
( اﻹيمــﺎن ﺑﺈﻟــﻪ واﺣــﺪ
1) :
ذات اﳌﺒــﺎدئ اﻟﺨﻤﺴــﺔ، وﻫــﻲ
( اﻟﻌﺪاﻟ ـﺔ اﻻﺟﺘماﻋﻴ ّـﺔ
5) ؛
( ﻧﻈـﺎم ديمﻘﺮاﻃـﻲ ﺑﺎﻟﺤﻜﻤ ـﺔ اﻟﺘ ـﻲ ﺗﻀﻤﻨﻬ ـﺎ اﻟﺸـﻮرى واﻟﺘﻤﺜﻴ ـﻞ
4) ؛
إﻧﺪوﻧﻴﺴـﻴﺎ
ﻟـﻜﻞّ اﻟﺸـﻌﺐ اﻹﻧﺪوﻧﻴـﴘ. وﻳﺒـﺪو أنّ ﻧـﻮر ﺧﺎﻟـﺺ ﻣﺠﻴـﺪ ﻗـﺪ ﺑﻘـﻲ وﻓﻴـﺎً ﻟﻬـﺬه اﻟﻨﻈـﺮة إﱃ ﺣـين ﺗﺄﺳﻴﺴـﻪ
( وﺗﺮﺟﻤﺘﻬــﺎ ﻣــﻦ أﺟــﻞ ﻣﺠﺘﻤــﻊ ﻛﻤﺠﺘﻤــﻊ اﳌﺪﻳﻨــﺔ، ﻇﻨّــﺎً أنّ ﻣﺠﺘﻤــﻊ
Paramadina)
ﺟﺎﻣﻌــﺔ ﺑﺮاﻣﺪﻳﻨــﺔ
اﳌﺪﻳﻨـﺔ ﻣﻜﻔﻮﻟـﺔ ﺣﺮﻳّﺘـﻪ اﻟﺪﻳﻨﻴّـﺔ، وﻣﻀﻤﻮﻧـﺔ ﺗﻌﺪّدﻳّﺘـﻪ؛ وﻣﺤﻤﻴّـﺔ ﺣﻘﻮﻗـﻪ ﻋـﲆ أﺳـﺎس اﳌﺴـﺎواة ﰲ اﻟﺤﻘـﻮق
اﻹﻧﺴـﺎﻧﻴّﺔ واﻟﻮاﺟﺒـﺎت اﻟﻼزﻣـﺔ. وﻳﺒـﺪو أنّ ﻧـﻮر ﺧﺎﻟـﺺ ﻣﺠﻴـﺪ ﻗـﺪ ذﻫـﺐ ﻣﺬﻫﺒـين ﰲ ﺗـﺄوّل اﳌﺴـﺄﻟﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴّـﺔ
ﰲ اﻟﺼﺤﻴﻔـﺔ واﻟﺘﺎرﻳـﺦ اﻟﺒﺎﻟـﻎ زﻣـﻦ اﻟﺤـﺎﴐ: أوّﻟﻬـما أنّ اﻷدﻳـﺎن اﻹﺑﺮاﻫﻴﻤﻴّـﺔ ﺗﻨﻬـﻞ ﻣـﻦ ﻣﺸـﻜﺎة واﺣـﺪة،
وأنّ ﺑﻴﻨﻬـﺎ ﺟﻮاﻧـﺐ ﻣﺘماﺛﻠـﺔ وأﺧـﺮى ﻣﺨﺘﻠﻔـﺔ، اﺳـﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻌﺼﻮرﻫـﺎ، وأوﺿـﺎع ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻬـﺎ؛ ﻣﺜﻠـما أنّ ﺑﻴﻨﻬـﺎ
اﺳـﺘﻤﺮاراً؛ واﻟﺜـﺎني أنّ اﻹيمـﺎن ﺑﺈﻟـﻪ واﺣـﺪ ﻻ ﻳﻌﻨـﻲ ﺣﺘـماً إﻟـﻪ اﳌﺴـﻠﻤين. وﻣـﻦ ﺛـﻢّ ﻗـﺎل ﻧـﻮر ﺧﺎﻟـﺺ ﻣﺠﻴـﺪ
ﺑﺎﻟﺘﻌ ـﺪّد ﰲ ﺷـﺄن اﻷﻟﻮﻫﻴ ّـﺔ، تمﺎﻣ ـﺎً ﻛ ـما ﻗ ـﺎل ﺑﺎﻟﺘﻌ ـﺪّد ﰲ اﻟﻔﻜ ـﺮ واﻟﺴﻴﺎﺳـﺔ واﳌﺠﺘﻤ ـﻊ. وﻟﻜ ـﻦ ﻣ ـﺎذا ﻋ ـﻦ
اﻟﺒﻮذﻳ ّـﺔ واﻟﻬﻨﺪوﺳ ـﻴّﺔ وأﺗﺒ ـﺎع اﻟﺪﻳﺎﻧ ـﺎت اﻟﺼﻴﻨﻴ ّـﺔ؟ ﻳ ـﺮى ﻣﺠﻴ ـﺪ أنّ ﻟﻬ ـﺎ ﻣ ـﺎ يمﻜ ـﻦ اﻋﺘﺒ ـﺎره ﺷ ـﺒﻬﺔ ﻛﺘ ـﺎب
)ﻫﻜـﺬا( وﻓﻴـﻪ ﻋﻘﺎﺋـﺪ أﺳﺎﺳـﻴّﺔ ﻋـﻦ وﺣﺪاﻧﻴّـﺔ اﻹﻟـﻪ. ﻛـما ﻳﻘـﺮّ أنّ أﺻﺤـﺎب ﻫـﺬه اﻟﺪﻳﺎﻧـﺎت ﻗـﺪ ﺣـﺎدوا
ﺗﺠﺪﻳﺪ اﻟﻔﻜﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﳌﻌﺎﴏ ﰲ إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ ﺑﺎﻻﻋﺘماد ﻋﲆ ﻧﻮر ﺧﺎﻟﺺ ﻣﺠﻴﺪ