Next Page  52 / 160 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 52 / 160 Previous Page
Page Background

52

ﻣـﺎ ﺳـماّه ﻛﺎﻧـﻂ ذات ﻣـﺮة »ﺟﻨّـﺔ ﻣﺤﻤّـﺪ«؛ ﺣﻴـﺚ ﻻ ﻳﺘﺤﻘـﻖ إﻻ اﻟﺠﺎﻧـﺐ اﻟﺤـماﳼ ﻣـماّ ﻫـﻮ ﺑـﴩي. ذﻟـﻚ

أنّ اﻟﻨﺒـﻲ اﻟﺠﻬـﺎدي لم ﻳﺤﻘّـﻖ ﻋـﲆ أرض اﻟﻮاﻗـﻊ إﻻ اﻟﺠﺤﻴـﻢ.

- ﻣـﻦ اﳌﻔﻴـﺪ أن ﻧﺜﺒـﺖ أنّ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴـﻴين ﻗـﺪ ﺟـﺮّدوا ﺷـﺨﺼﻴﺔ اﻟﻨﺒـﻲ ﻟﻴـﺲ ﻣـﻦ ﻛﻞ ﺧﺼﺎﺋﺼﻬـﺎ اﻟﺪﻳﻨﻴـﺔ

اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳـﺔ ﻓﺤﺴـﺐ؛ ﺑـﻞ ﻣـﻦ ﻛﻞّ أﺛـﺮ ﻟﻸﺧﻄـﺎء اﻷﺧﻼﻗﻴـﺔ اﻟﺘـﻲ اﻗـﱰن ﺑﺎﺳـﻤﻬﺎ ﰲ اﻟﻜﺘـﺐ اﳌﻘﺪّﺳـﺔ.

وﻣـﻊ ذﻟـﻚ، ﻋـﺎد اﻟﻨﺒـﻲّ ﻋـﲆ ﻧﺤـﻮ ﻣﺮﺑـﻚ ﺟـﺪّاً إﱃ ﺗﻘﻠّـﺪ اﳌﻬـﺎمّ ﻣـﺎ ﻓـﻮق اﻷﺧﻼﻗﻴـﺔ ﻟﻠﺒﻄـﻞ اﻟﺪﻳﻨـﻲ:

اﻟﻘﺘــﻞ ﺑﺎﺳــﻢ اﻹﻟــﻪ، أو ﺗﻨﻔﻴــﺬ أواﻣــﺮ إﻟــﻪ ﻣﺤــﺎرب، أو إﻟــﻪ ﻗﺎﺗــﻞ، أو إﻟــﻪ ﻣﻨﺘﻘــﻢ. وﴏﻧــﺎ أﻣــﺎم ﺟﺮيمــﺔ

اﳌﻘـﺪّس. وﻫﻨـﺎ ﻧﺠـﺪ أﻧﻔﺴـﻨﺎ أﻣـﺎم ﻫـﺬا اﻹﺷـﻜﺎل: إﱃ أيّ ﺣـﺪّ يمﻜـﻦ ﻟﻠﻀﻤـير اﻟﺤﺪﻳـﺚ أن ﻳﺘﻌﻔّـﻒ ﻋـﻦ

اﻹيمـﺎن ﺑﺈﻟـﻪ ﻗﺎﺗـﻞ؟ وأن ﻳﻌـﻮّض ذﻟـﻚ، ﻛـما ﻓﻌـﻞ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴـﻴﻮن، ﺑﺸـﺨﺼﻴﺔ أﺳـﻠﻮﺑﻴﺔ أو اﺳـﺘﻴﻄﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﻨﺒـﻲ،

اﻟﻨﺒـﻲ ﻛﺄﻳﻘﻮﻧـﺔ أدﺑﻴـﺔ ﺗـﻢّ ﺗﻌﻄﻴـﻞ ﻣﻠﻜـﺔ أو زرّ اﻟﻘﺘـﻞ داﺧﻠﻬـﺎ؟

ﻣـﻦ اﳌﺜـير ﻟﻠﻘﻠـﻖ أن ﻧﺬﻛـﺮ أنّ ﻓﻴﻠﺴـﻮﻓﺎً ﻣﻌـﺎﴏاً ﻛﺒـيراً ﻣـﻦ ﺣﺠـﻢ إيمﺎﻧﻮﻳـﻞ ﻟﻴﻔﻴﻨـﺎس ﻳﺪاﻓـﻊ ﻋـماّ

ﺟـﺎء ﰲ اﻟﻜﺘـﺎب اﳌﻘـﺪّس ﻣـﻦ أواﻣـﺮ إﻟﻬﻴـﺔ ﺑﺎﻟﻘﺘـﻞ. وﻳﻌـﱰض ﻋـﲆ اﻧﺰﻋـﺎج ﻣﻔﻜّﺮﻳـﻦ ﻣﺜـﻞ ﺳـﻴﻤﻮن ﻓﺎﻳـﻞ

ﻣـﻦ أﻣـﺮ اﻹﻟـﻪ اﻟﻌـﱪاني ﺑﺈﻋـﺪام اﻟﻜﻨﻌﺎﻧﻴـين، أو اﺳـﺘﻴﺎء ﻣﺎرﺗـﻦ ﺑﻮﺑـﺮ ﻣـﻦ ﻣﺬﺑﺤـﺔ اﳌﻠـﻚ ﺷـﺎول ﻟﻠﻌماﻟﻴـﻖ

رﺟـﺎﻻً وﻧﺴـﺎءً ورﺿّﻌـﺎً.

اﻟﻘـﺎدر ﻋـﲆ اﻻﻋـﱰاض ﻋـﲆ

آﻟـﺔ اﻟﻀﻤـير اﳌﻌﻠﻤـﻦ

ﻳﺒـﺪو أنّ أﻓﻀـﻞ ﻣـﺎ أتى ﺑـﻪ اﳌﺤﺪﺛـﻮن ﻫﻨـﺎ ﻫـﻮ

:

اﻟﺘﺄوﻳـﻞ

ﻃﺎﻗـﺔ اﻟﻘﺘـﻞ، اﻟﺘـﻲ ﺗﻨﻄـﻮي ﻋﻠﻴﻬـﺎ اﻟﻜﺘـﺐ اﳌﻘﺪّﺳـﺔ. واﻟﺤـﻞّ اﻷﺧﻼﻗـﻲ اﻟﻮﺣﻴـﺪ اﳌﻤﻜـﻦ ﻫﻨـﺎ ﻫـﻮ

اﺧﺘـﺎر ﻣﺎرﺗـﻦ ﺑﻮﺑـﺮ أن ﻳﻘـﻮل: »إنّ اﻟﻨﺒـﻲّ ﺻﻤﻮﻳـﻞ لم ﻳﻜـﻦ ﻓﻬـﻢ ﻣـﺎ أﻣـﺮه ﺑـﻪ اﻟـﺮبّ«.

إذاً: إﻣّـﺎ أنّ اﻟﻨﺒـﻲّ اﻟﺪﻳﻨـﻲ لم ﻳﻔﻬـﻢ ﻣـﺎ أﻣـﺮه ﺑـﻪ اﻟـﺮبّ؛ إذ ﻻ يمﻜـﻦ ﻟﻨـﺎ -ﻧﺤـﻦ اﳌﺤﺪﺛـين- أن ﻧﻌﺒـﺪ

إﻟﻬـﺎً ﻗﺎﺗـﻼً؛ وإﻣّـﺎ أن ﻧﻘﺒـﻞ بمـﺎ ﺟـﺎء ﰲ اﻟﻜﺘـﺐ اﳌﻘﺪّﺳـﺔ، وﻧﺆﻣـﻦ ﺑـﺄنّ اﻟﻘﺘـﻞ ﺟـﺰء ﻣـﻦ اﻷﻟﻮﻫﻴـﺔ. وﻋﻨﺪﺋـﺬٍ

ﻧﻔﺘـﺢ وﺟﻮدﻧـﺎ اﳌﻌـﺎﴏ ﻋـﲆ ﻣـﺎ ﻳﺴـﻤّﻴﻪ ﺑﻼﻧﺸـﻮ »اﻟﺨـﺎرج«: ﺧـﺎرج ﻻ يمﻜـﻦ أن ﻳﺴـﻜﻨﻪ إﻻ اﳌﺠﻬـﻮل.

ﻛﻞّ ﺣـﺮﻛﺎت اﻟﻼﻫـﻮت اﻟﺴـﻴﺎﳼ ﺗﻘـﻒ ﰲ ﻧـﻮع ﻣـﻦ »اﻟﺨـﺎرج« اﻷﺧﻼﻗـﻲ؛ ﺣﻴـﺚ ﻳﺼﺒـﺢ ﻛﻞّ ﺳـﻠّﻢ اﻟﻘﻴـﻢ

اﻟﺤﺪﻳﺜـﺔ ﻣﻌﻠّﻘـﺎً أو ﻣﻌﻄّـﻼً. ﻣﺮرﻧـﺎ ﻣـﻦ »اﻟﻬﺎوﻳـﺔ« )ﻫﺎوﻳـﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴـﻴين( إﱃ »اﻟﺨـﺎرج« )ﺧـﺎرج اﻟﻌﺪﻣﻴـين(.

يمﻜـﻦ أن ﻧﺴـﺘﻔﻴﺪ ﻫﻨـﺎ ﻣـﻦ اﻟﺘﻘﺎﺑـﻞ اﻟـﺬي ﺑﻨـﺎه ﻟﻴﻔﻨـﺎس ﺑـين »أوﻟﻴـﺲ« واﻟﻨﺒـﻲ إﺑﺮاﻫﻴـﻢ: ﺑـين ﻣـﻦ

(. وﺑـين ﻣـﻦ دﻋـﺎه إﻟﻬُـﻪ إﱃ ﺗـﺮك ﻣﻮﻃﻨـﻪ

Ιθαʆ κη

)

إﺛـﺎﻛﺎ

ﺗﺆرﻗـﻪ رﺣﻠـﺔ اﻟﻌـﻮدة إﱃ ﻣﻮﻃﻨـﻪ اﻷﺳـﻄﻮري

ﺑـﻼ رﺟﻌـﺔ، ﺣﺎﻣـﻼً ﻧﻔﺴـﻪ واﺑﻨـﻪ إﱃ أرض ﺗﻈـﻞّ ﺑﺎﻟﻨﺴـﺒﺔ إﻟﻴـﻪ ﻏـير ﻣﻌﺮوﻓـﺔ إﱃ اﻷﺑـﺪ. وربمـﺎ ﻧﻘﻄـﺔ اﻟﻮﻫـﻦ

اﻟﺮوﺣـﻲ اﻟـﺬي أﻧﻬـﻚ اﻟﻨﺒـﻲ اﳌﻠﺤـﺪ ﻟﻠﺮوﻣﺎﻧﺴـﻴين ﻫـﻮ أﻧّـﻪ ﻧﺒـﻲ »أوﻟﻴـﴘ« وﻟﻴـﺲ إﺑﺮاﻫﻴﻤﻴـﺎً. ﻫـﻮ ﻧﺒـﻲ/

ﻣﻮﻃـﻦ، وﻟﻴﺲ ﻧﺒـﻲ/أرض.

ﻫﻨــﺎ ﺗﻜﻤــﻦ ﺧﻄــﻮرة اﻟﻨﺒﻲ/اﻟﺠﻬــﺎدي، ﻧﺒﻲ/اﻟﻘﺘــﻞ اﻹﻟﻬــﻲ، إﻧّــﻪ ﻣــﻦ ﺟﻨــﺲ إﺑﺮاﻫﻴﻤــﻲ: ﰲ ﻣﻌﻨــﻰ

ﻓﻜﺮة اﻟﻨﺒﻲ ﰲ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮبي اﳌﻌﺎﺻـﺮ