Next Page  54 / 160 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 54 / 160 Previous Page
Page Background

54

ﻟـﻮ ﻋﺪﻧـﺎ اﻵن إﱃ ﻓﻜـﺮة اﻟﻨﺒـﻲ ﰲ اﻟﻔﻜـﺮ اﻟﻌـﺮبي »اﳌﻌـﺎﴏ«، ﻓـﺈنّ ﻋﻠﻴﻨـﺎ أن ﻧﻼﺣـﻆ ﻣﺼيرﻳـﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔـين

ﻟـﻜﻞّ ﻣـﻦ ﻣﺼﻄﻠـﺢ »اﻟﺮﺳـﻮل« وﻣﺼﻄﻠـﺢ »اﻟﻨﺒـﻲ«: ﻓﻔـﻲ ﺣـين أنّ ﻓﻜـﺮة اﻟﺮﺳـﻮل ﻗـﺪ ﻇﻠّـﺖ ﻣﺤﺼـﻮرة ﰲ

ﺧﻄـﺎب اﳌﺆﺳﺴـﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴـﺔ ﻋـﻦ اﻟﺴـيرة اﻟﻨﺒﻮﻳـﺔ، وﻣـﻦ ﺛـﻢ اﻧﻘﻄﻌـﺖ ﻋﻨّـﺎ ﻣـﻦ اﻟﺪاﺧـﻞ، ﻧـﺮى ﻓﻜـﺮة اﻟﻨﺒـﻲ

وﻗـﺪ ﺗﺤﻮّﻟـﺖ إﱃ أﻳﻘﻮﻧـﺔ أﺳـﻠﻮﺑﻴﺔ وﻣﻌﻴﺎرﻳّـﺔ ﺧﻄـيرة ﺟـﺪّاً، ربمـﺎ ﻫـﻲ اﳌﺠـﺎز اﻟﻼﻣـﺮئي اﻟـﺬي ﻳﺤﻜـﻢ ﻋﻼﻗـﺔ

اﻟﻌـﺮب اﳌﻌﺎﴏﻳـﻦ ﺑﺄﻧﻔﺴـﻬﻢ اﻟﻌﻤﻴﻘـﺔ: ﻣﺠـﺎز ﻻﻣـﺮئيّ ﻟﻠﻬﻮﻳـﺔ وﻟﻠﺴـﻠﻄﺔ ﰲ آن.

ربم ـﺎ ﻳﺠ ـﺪر ﺑﻨ ـﺎ ﻫﻨ ـﺎ أن ﻧﻮﺿّـﺢ أنّ اﻟﻘ ـﺮآن ﻧﻔﺴ ـﻪ ﻗ ـﺪ ﺗﻐ ـيرّ ﻣﺼـيره ﻫ ـﻮ ﺑ ـﺪوره: ﻟﻘ ـﺪ ﺗﺤ ـﻮّل إﱃ

؛ ﻣﻮﺿــﻮع ﻟﻠﺪراﺳــﺎت اﻟﻘﺮآﻧﻴــﺔ ﺑﻠﻐــﺎت ﻋــﺪّة. ﻟﻜﻨّــﻪ أﻳﻀــﺎً ﻣﻮﺿــﻮع ﻟﻼﺳــﺘﻌمال اﳌﺆﺳﺴــﺎتي أو

ﻣﻮﺿــﻮع

اﻟﺪﻋـﻮي، ﺳـﻮاء ﺗﺤـﺖ ﻟـﻮاء اﻟﺪوﻟـﺔ، أم ﻟـﻮاء اﻟﺤـﺮﻛﺎت اﻹﺳـﻼﻣﻮﻳﺔ. ﻟﻘـﺪ ﻛـﻒّ اﻟﻘـﺮآن ﻋـﻦ ﺣﺪﺛﻴّﺘـﻪ: لم ﻳﻌـﺪ

ﺣﺪﺛـﺎً روﺣﺎﻧﻴـﺎً اﺳـﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺎً ﺑﺎﻟﻨﺴـﺒﺔ إﻟﻴﻨـﺎ، وﺧـﺮج ﺷـﻴﺌﺎ ﻓﺸـﻴﺌﺎ ﻋـﻦ أﻓـﻖ اﻟﻔﻬـﻢ اﻷﺻﻴـﻞ ﻷﻧﻔﺴـﻨﺎ.

وﻣـﻊ ذﻟـﻚ أﺧـﺬ ﻣﻔﻬـﻮم اﻟﻨﺒـﻲ ﻃﺮﻳﻘـﺎً آﺧـﺮ. ربمّـﺎ ﻷنّ اﻟﻨﺒـﻲّ ﻫـﻮ اﻟﺠﺎﻧـﺐ اﻟﺤـﺪثي، اﻟﺤﻴـﻮي، اﻟﻘﺎﺑـﻞ

( ﻣ ـﻦ اﻟﺪﻳ ـﻦ؛ أي ﻣ ـﻦ ﺟﻤﻠ ـﺔ ﻣﺼ ـﺎدر أﻧﻔﺴ ـﻨﺎ

vivable)

ﻟﻠﺘﺠﺮﻳ ـﺐ، اﻟﻘﺎﺑ ـﻞ ﻟﻠﺴ ـﻜﻦ، أو اﻟﻘﺎﺑ ـﻞ ﻟﻠﻌﻴ ـﺶ

اﻟﻌﻤﻴﻘـﺔ.

وﻣﻊ ذﻟﻚ،

، ﺑﺎﺳـﺘﺜﻨﺎء ﻣـﺎ ﻛﺘـﺐ

ﻳﺒـﺪو أنّ ﻣﻔﻬـﻮم »اﻟﻨﺒـﻲ« ﻗـﺪ ﻋـﺎنى ﻣـﻦ إﻫـمال ﺑﻨﻴـﻮي ﰲ ﻛﺘﺎﺑـﺎت اﳌﻌﺎﴏﻳـﻦ

( ﺗﻘﺮﻳﺒـﺎً. وﻫـﺬه ﻃﻔـﺮة ﻏﺮﻳﺒـﺔ ﻋﻠﻴﻨـﺎ أن ﻧﺆوّﻟﻬـﺎ. وﻟﻜـﻦ ﻋﻠﻴﻨـﺎ أن ﻧﺴـﺄل: ﳌـﺎذا ﻫـﺬا

1941

و

1933)

ﻣـﺎ ﺑـين

اﻹﻫـمال؟ ﻣﺜـﻼً: ﻛﺘﺎﺑـﺎت اﳌـﻮدودي أو ﺳـﻴﺪ ﻗﻄـﺐ؛ ﺣﻴـﺚ ﻳـﺆدي ﻣﻔﻬـﻮم »اﻹﻟـﻪ« دوراً ﻣﺮﻛﺰﻳـﺎً. وﻻ ﻧﻌـثر

ﻋـﲆ ﻣـﺎ ﻳﻘﺎﺑـﻞ ﻣﻌﻨـﻰ »اﻟﺤﺎﻛﻤﻴـﺔ« ﰲ ﻣﻔﻬـﻮم اﻟﻨﺒـﻲ ﻟـﺪى اﻹﺳـﻼﻣﻴين اﳌﻌﺎﴏﻳـﻦ.

ﻳﺒـﺪو ﻟﻨـﺎ أﻧّـﻪ يمﻜـﻦ ﺑﻠـﻮرة اﻟﻔﺮﺿﻴـﺔ اﻵﺗﻴـﺔ: إنّ ﺗﺄﺳـﻴﺲ ﻓﻜـﺮة اﻹﺳـﻼم اﻟﺴـﻴﺎﳼ ﻋـﲆ ﻣﺒـﺪأ اﻟﺤﺎﻛﻤﻴّـﺔ

ﻟﻠـﻪ ﻫـﻮ اﻹﻃـﺎر اﻟﻨﻈـﺮي اﻟـﺬي أدّى إﱃ ﻧﺘﻴﺠﺘـين ﻣﱰاﺑﻄﺘـين: أوﻻﻫـما ﻣﺒـﺪأ اﻟﺘﻜﻔـير؛ واﻟﺜﺎﻧﻴـﺔ ﻏﻴـﺎب دور

ﻣﺮﻛـﺰي ﻟﻔﻜـﺮة اﻟﻨﺒـﻲّ. إنّ ﻣﺒـﺪأ اﻟﺘﻜﻔـير أدّى إﱃ اﻫﺘـمام اﺳـﱰاﺗﻴﺠﻲ ﺑﺎﻟﺪراﺳـﺎت اﻟﻘﺮآﻧﻴـﺔ ﺳـﻮاء ﻣـﻦ ﻃـﺮف

اﻹﺳـﻼﻣﻴين ﻛﺎﳌـﻮدودي أم ﻣـﻦ ﻃـﺮف اﻟﺘﻨﻮﻳﺮﻳـين ﻣﺜـﻞ اﻟﺠﺎﺑـﺮي؛ ﰲ ﺣـين أنّ إﻫـمال دور اﻟﻨﺒـﻲّ ﻗـﺪ ﻳﺘـﻢّ

ﺗﻌﻮﻳﻀـﻪ ﰲ ﻧـﻮع ﻣـﻦ اﻻﺳـﺘﺪراك اﻟـﴪدي ﺑﺈﻧﺘـﺎج ﻛﺘﺎﺑـﺎت ﻋـﻦ »اﻟﺴـيرة اﻟﻨﺒﻮﻳـﺔ«. واﻻﻫﺘـمام ﺑﺸـﺨﺼﻴّﺔ

)اﻟﺪﻋـﻮي( ﻓﻘـﻂ. ﰲ ﻣﻘﺎﺑـﻞ اﻫﺘـمام ﻣﺮﻛـﺰي ﺑﺄﺣـﻜﺎم اﻟﻘـﺮآن ﺑﺎﻋﺘﺒـﺎره

اﻟﺘﻌﻮﻳـﺾ اﻟـﴪدي

اﻟﻨﺒـﻲ ﻧـﻮع ﻣـﻦ

ﻫـﺬه اﳌـﺮة دﺳـﺘﻮراً إﻟﻬﻴـﺎً.

ثمّـﺔ اﻫﺘماﻣـﺎت ﺟﺎﻧﺒﻴـﺔ أﺧـﺮى ﺑﺎﻟﻨﺒـﻲّ ﻟﻜﻨّﻬـﺎ ﻛﻠّﻬـﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒـﺎً ﻟـﱧ لم ﺗﻜـﻦ ﻣـﻦ ﻧـﻮع اﻟﺘﻌﻮﻳـﺾ اﻟـﴪدي،

)اﻻﺳـﺘﴩاﻗﻴﺔ(، وﻧﺬﻛ ـﺮ ﻋ ـﲆ اﻟﺨﺼـﻮص ﻧﻘ ـﺎش ﺟﻌﻴ ـﻂ و اﻟﺠﺎﺑ ـﺮي

اﳌﺰاﻳ ـﺪة اﻟﺘﻨﻮﻳﺮﻳ ـﺔ

ﻓﻬ ـﻲ ﻣ ـﻦ ﻗﺒﻴ ـﻞ

ﻣﺜـﻼً ﺣـﻮل ﻣﻌﻨـﻰ ﻋﺒـﺎرة »اﻟﻨﺒـﻲّ اﻷﻣّـﻲ«؛ ﺣﻴـﺚ ﻳﺨﻠﺼـﺎن إﱃ أنّ اﻷﻣّـﻲ ﻳﻌﻨـﻲ ﻣَـﻦ ﻟﻴـﺲ ﻟـﻪ ﻛﺘـﺎب ﻣﺜـﻞ

اﻟﻴﻬـﻮدي أو اﻟﻨـﴫاني، وﻟﻴـﺲ ﻣـﻦ ﻻ ﻳﻌـﺮف اﻟﻜﺘﺎﺑـﺔ واﻟﻘـﺮاءة. وﻫـﺬا ﻣﻜﺴـﺐ ﺗﻨﻮﻳـﺮي ﺿﻌﻴـﻒ ﻻ ﻳﺨﻠـﻖ

ﻓﻜﺮة اﻟﻨﺒﻲ ﰲ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮبي اﳌﻌﺎﺻـﺮ