مجلة تأويليات - العدد الأول

58 / 160

58
ﻋﻤﻠﻴّـﺎً، ﻛﺎن اﻟﺨﻄـﺎب اﻟﺘﻔﺴـيري يمـﺎرس ﻫﻴﻤﻨـﺔ ﻣﺎدﻳـﺔ ورﻣﺰﻳـﺔ ﻋـﲆ اﻟﻨـﺺ اﻟﻘـﺮآني، وﻫـﺬا اﻟﺤﺠـﺐ
ﻟﻠﻨــﺺ اﻷول، وﻫــﺬه اﻟﻬﻴﻤﻨــﺔ ﻫــﻲ اﻟﺘــﻲ ﺳــﺘﻜﻮن ﻣﻨﻄﻠﻘــﺎً ﻟــﻜﻞّ اﻟﺪﻋــﻮات اﻹﺻﻼﺣﻴــﺔ، اﻟﺘــﻲ ﺳــﺘﻨﺎدي
اﻟﻘـﺮآن ﺑﺘﺨﻠﻴـﺺ اﻟﻨـﺺ ﻣـﻦ وﺻﺎﻳـﺔ اﳌﻔﴪﻳـﻦ ﺑـﺪءاً ﻣـﻦ دﻋـﻮة اﻷﻓﻐـﺎني، اﻟـﺬي أﻃﻠـﻖ ﴏﺧﺘـﻪ اﻟﺸـﻬيرة: »
»أﻓـﻼ واﻟﺘـﻲ ﻟﻄّﻔﻬـﺎ ﰲ اﻟﱰﺟﻤـﺔ:لم ﻧﻘـﺮأ اﻟﻘـﺮآن ﺑﻌـﺪ«، وﺻـﻮﻻً إﱃ ﻧـﺪاء ﻳﻮﺳـﻒ اﻟﺼﺪﻳـﻖ » ﻧـﺺ ﺑﻜـﺮ«،
ﻳﺘﺪﺑـﺮون اﻟﻘـﺮآن أم ﻋـﲆ ﻗﻠـﻮب أﻗﻔﺎﻟﻬـﺎ«.
دﻋ ـﺎ رﺟـﺎل )اﳌﻨ ـﺎر( إﱃ اﻟﻌ ـﻮدة إﱃ اﻟﻘ ـﺮآن ﰲ ﻣﴩوﻋﻬ ـﻢ اﻹﺻﻼﺣـﻲ ﺑﻌ ـﺪ ﺿﺒ ـﻂ ﺟﺪﻳ ـﺪ ﳌﺎﻫﻴّﺘ ـﻪ
واﻻﻗﺘﺼـﺎر ﻋﻠﻴـﻪ دون ﺳـﻮاه ﻣـﻦ اﻟﻨﺼـﻮص؛ أي اﻟﺘﺨـﲇ ﻋـﻦ اﻟـﱰاث اﻟﺘﻔﺴـيري ﺑﻮﻇﻴﻔـﺔ اﻟﻬﺪاﻳـﺔ،ووﺻﻠـﻪ
وﻫـﻮ ﻳﻨﻄـﻖ ﺑﺎﻟﺨـﻼف ﰲ ﻓﻬـﻢ اﻟﻘـﺮآن، وﺷـﻮّه ﻣﻘﺎﺻـﺪه أﺳـﺎء ﻓﻬـﻢ اﻟﻨـﺺ، اﻟﺴـﺎﺑﻖ، اﻟـﺬي ﻛﺎن ﰲ ﻧﻈﺮﻫـﻢ
اﻟﺴـﺎﻣﻴﺔ.
اﻟﻘــﺮآن إﻣﺎﻣﻨــﺎ وﻗﺪوﺗﻨــﺎ«،وﻗــﺪ رﻓــﻊ اﻹﺳــﻼم اﻹﺻﻼﺣــﻲ ﻣﻨــﺬ اﻷﻓﻐــﺎني ﺷــﻌﺎرات ﻣــﻦ ﻗﺒﻴــﻞ أن »
«، ﻓـﻜﺄنّ اﻟﺘﺄوﻳـﻞ اﻟﺒـﴩي ﻟﻠﻨـﺺ اﳌﻘـﺪس ﻛﺎن ﺗﺸـﻮﻳﻬﺎً اﻟﻘـﺮآن ﻧﻈﻴـﻒ واﳌﺴـﻠﻤﻮن ﻫـﻢ اﻟﺬﻳـﻦ ﻟﻮﺛـﻮهو»
ﻟـﻪ، وﺗﻠﻮﻳﺜـﺎً ﻟﻄﻬﺎرﺗـﻪ، ﻓـﻜﺎن اﻟﺘﺄوﻳـﻞ اﻟﺒﺪﻳـﻞ، إذاً، ﻣﺤﺎوﻟـﺔ ﻻﺳـﺘﻌﺎدة اﻟﻨـﺺ/ اﳌﻨﺒـﻊ اﻟﺼـﺎﰲ، وﻛﺎن اﻹﺻـﻼح
اﻟﺪﻳﻨـﻲ ﺳـﻌﻴﺎً إﱃ رﺑـﻂ ﺣـﺎل اﻷﻣـﺔ ﺑﺎﻟﻨـﻮاة اﳌﺮﻛﺰﻳـﺔ ﰲ ﻫـﺬا اﳌـﻮروث وﻫـﻮ اﻟﻘـﺮآن، ﻣﻘﺎﺑـﻞ اﻟﺘﺨـﲇ ﻋـﻦ
ﺟﻮاﻧـﺐ ﻣـﻦ ﻫـﺬا اﻟـﱰاث رآﻫـﺎ اﳌﺼﻠﺤـﻮن ﺗﺤﺮﻳﻔـﺎً ﻟﺮﺳـﺎﻟﺘﻪ، ﻓﻜﺎﻧـﺖ ﻫـﺬه اﻟﺪﻋـﻮات ﺗﺼـﺪر ﻋـﻦ اﻋﺘﻘـﺎد
اﳌﺼﻠ ـﺢ ﺑﺈﻣ ـﻜﺎن اﻹﺻـﻼح اﻻﺟﺘماﻋ ـﻲ واﻟﺴـﻴﺎﳼ ﻋ ـﱪ اﻹﺻـﻼح اﻟﺪﻳﻨ ـﻲ، أو ﻫﻜ ـﺬا ﺗﻮﻫ ـﻢ أﺻﺤﺎﺑ ـﻪ ﻋ ـﲆ
اﻷﻗـﻞّ أﻧّـﻪ ﺑﺎﻹﻣـﻜﺎن إﺻـﻼح ﺣـﺎل اﻷﻣـﺔ بمﺠـﺮد ﻣﻼﻣﺴـﺔ ﻟﺤﻈـﺔ اﻟﻮﺣـﻲ اﻷوﱃ.
لم ﻳﻜ ـﻦ ﺑﻮﺳ ـﻊ اﳌﺼﻠ ـﺢ، ﰲ ﻣ ـﺎ ﻛﺎن ﻳﺴـﻌﻪ اﻟﺘﻔﻜ ـير ﰲ ﻧﻄﺎﻗ ـﻪ، أن ﻳ ـﺪرك أن ﻻ ﻣﻌﻨ ـﻰ ﻟﻠﺪﻋ ـﻮة إﱃ
ﺗﺠﺪﻳــﺪ ﺗﻔﺴــير اﻟﻘــﺮآن، وإﱃ إﻋــﺎدة ﻗﺮاءﺗــﻪ، إن لم ﻳﺘــﻢّ اﺳــﺘﺤﺪاث ﻗﺎﻋــﺪة ﻣﻨﻬﺠﻴّــﺔ وﺛﻘﺎﻓﻴــﺔ ﺟﺪﻳــﺪة
ﻹﻋـﺎدة ﺗﻔﺴـير اﻟﻘـﺮآن، ﻛـما لم ﻳﻔﻬـﻢ اﳌﺼﻠـﺢ، وﻗـﺪ وﺿـﻊ رﻫﺎﻧـﻪ اﻹﺻﻼﺣـﻲ ﰲ ﺗﺨﻠﻴـﺺ اﳌـﻮروث اﻟﺪﻳﻨـﻲ
ﻣـماّ ﻋﻠـﻖ ﺑـﻪ ﻣـﻦ ﺗﺤﺮﻳﻔـﺎت ودﺳـﺎﺋﺲ، أن ﻣـﺪار اﻟﻨﺼـﻮص ذات اﻷﺻـﻮل اﻟﻴﻬﻮدﻳـﺔ أو اﻟﻨﴫاﻧﻴـﺔ، اﻟﺘـﻲ
داﺧﻠـﺖ اﻟﺘﻔﺴـير، ﻟﻴـﺲ اﻟﺼﺤّـﺔ أو اﻟﺨﻄـﺄ، وإنمّـﺎ ﻣﺪارﻫـﺎ اﻟﺤﺎﺟـﺔ اﻟﺘـﻲ دﻋـﺖ إﱃ دﻣﺠﻬـﺎ واﺳـﺘﻴﻌﺎﺑﻬﺎ.
ﻫﻜـﺬا ﺗﺤﻮّﻟـﺖ اﻟﺒﺪاﻳـﺔ اﻟﻮاﻋـﺪة ﻟﺮﺟـﺎل اﳌﻨـﺎر إﱃ أﻓـﻖ ﻣﻐﻠـﻖ ﻓﺘـﺢ اﻟﺒـﺎب ﳌـﻦ ﺗﺘﻠﻤـﺬ ﻋـﲆ رﺷـﻴﺪ رﺿـﺎ
ﻟﺮﻓـﺾ ﺣﺪاﺛـﺔ اﻟﻐـﺮب اﻟﻔﻜﺮﻳّـﺔ ﺑﺪﻋـﻮى اﻧﺘماﺋﻬـﺎ إﱃ ﻣﻨﻈﻮﻣـﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴـﺔ ﻣﻐﺎﻳـﺮة واﻻﻛﺘﻔـﺎء بمﻨﺠﺰاﺗﻬـﺎ اﳌﺎدﻳـﺔ،
ﻛـما ﻓﺘـﺢ اﻟﺒـﺎب ﻟﻼﻧﺒﻬـﺎر ﺑﺎﻟﻌﻠـﻢ اﻟﺤﺪﻳـﺚ، وأﺳـﻠﻤﺔ ﺣﺪاﺛـﺔ اﻟﻐـﺮب، وﻟﻨـﺎ ﰲ اﻟﺘﻔﺴـير اﻟﻌﻠﻤـﻲ ﻟﻠﻘـﺮآن
ﻣﺜـﺎل ﺟـﲇ ﻋـﲆ ذﻟـﻚ.
وﻧﻘ ـﺪّر أنّ ﺧﻄ ـﺎب اﻹﺻ ـﻼح اﻟﺪﻳﻨ ـﻲ، اﻟ ـﺬي ﻣﺜّﻠﺘ ـﻪ ﻣﺪرﺳ ـﺔ اﳌﻨ ـﺎر، ﻛﺎن ﻣﴩوﻋ ـﺎً ﻳﺤﻤ ـﻞ ﻣﺄزﻗ ـين:
ﻛﺎن ﻣﺮﺗﻬﻨـﺎً ﺑﺎﻷﻃـﺮ اﻻﺟﺘﻬﺎدﻳـﺔ اﻷول أﻧ ّـﻪ ﻛﺎن ﻳﺤﻤـﻞ وﻋﻴـﺎً ﺑﺪاﺋﻴـﺎً ﺑﺴـﻮء ﻓﻬـﻢ اﻟﻨـﺺ اﻟﻘـﺮآني، وﻟﻜﻨ ّـﻪ
ﺧﺼﻮﺻـﺎً ﰲ اﻋﺘﺒـﺎر اﻹﺻـﻼح ﻳﻜـﻮن ﺑﺎﻟﻌـﻮدة إﱃ اﻟﺴـﻠﻒ ﺗﺎرﻳﺨـﺎً وﻧﺼـﺎً اﻟﺘـﻲ اﻧـﺪرج ﻓﻴﻬـﺎ، وأﻋـﺎد إﻧﺘﺎﺟﻬـﺎ
ورﺟـﺎﻻً، ﺑﻌـﺪ ﺗﻨﻘﻴﺘـﻪ ﻣـماّ ﻋﻠـﻖ ﻓﻴـﻪ ﻣـﻦ ﺷـﻮاﺋﺐ، ﻫـﺬا ﻣـﺎ ﺟﻌـﻞ ﻣـﻦ اﻟﺪﻋـﻮة إﱃ اﻟﺘﺠﺪﻳـﺪ اﻧﺪراﺟـﺎً
ﺿﻤـﻦ رؤﻳـﺔ ﺳـﻠﻔﻴﺔ ﻣﺪارﻫـﺎ أنّ اﻟﻠـﻪ ﻳﺒﻌـﺚ ﻟﻸﻣـﺔ ﻣـﻦ ﻳﺠـﺪّد ﻟﻬـﺎ دﻳﻨﻬـﺎ ﻋـﲆ رأس ﻛﻞ ﻣﺌـﺔ ﺳـﻨﺔ ﻟﻴـﺲ
اﻟﻔﻜﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ وﻣﺂزق اﻟﺘﺄوﻳﻞ